الاستخبارات الأميركية تخترق سريّة عملة البيتكوين وتكشف عن المتبرّعين لجماعات “إرهابية” بسوريا

واشنطن – نورث برس

طالب أعضاء من الكونغرس الأميركي وزير الخزانة الأميركية ستيفن مونشن، الثلاثاء الماضي، بالكشف عن تفاصيل عملية تجميد الخزانة لملايين الدولارات التابعة لمنظمات تدعم عمليات “إرهابية” في الشرق الأوسط.

وبحسب تقرير الخزانة الصادر في الـ/13/ من آب/ أغسطس الماضي، فإن منظمات يقف خلفها أشخاص مقربون من داعش والقاعدة وكتائب القسّام قاموا بالاستفادة من جائحة كوفيد -١٩.

وقال التقرير إن هؤلاء الأشخاص تمكنوا من بيع معدّات وقائية من الفيروس بالإضافة إلى تأسيس منظمات تَعِدُ المتبرّعين “بالانتقام من الكفار والقضاء على أكبر الفتن التي تقف ورائها أميركا.”

وعدا الجماعات التي تجني أموالاً عبر الإنترنت لصالح تنظيمات “إرهابية” في سوريا وغزة، صادرت الولايات المتحدة أموالاً تابعة لموقع مزيّف لتحويل عملةالبيتكوين.

وتم إنشاء الموقع في بداية انتشار فيروس كورونا.

والبيتكوين عملة افتراضية ونظام دفع عالمي، يمكن مقارنتها بالعملات الأخرى مثل الدولار أو اليورو، لكن مع عدة فوارق أساسية.

ومن أبرز تلك الفوارق أن هذه العملة هي عملة إلكترونية بشكل كامل يتم تداولها عبر الإنترنت فقط من دون وجود فيزيائي لها.

وكانت عملية التحويل تتم عن طريق مُيسِّرٍ مالي لتنظيم الدولة الإسلامية أنشأ موقعه في تركيا، بحسب تقرير الخزانة الأميركية.

وأضاف التقرير أن ذلك الميسِّر كان “يزعم” أن موقعه يبيع معدات الحماية الشخصية من العدوى بكوفيد -١٩.

وعثرت نورث برس، مؤخراً على حملة منشورة على شكل فيديو في موقع “يوتيوب” في كانون الأول/ديسمبر العام ٢٠١٦.

ويعود الفيديو لمنظمة تعرف بـ”صدقة” التي سيطرت الخزانة الأميركية على أموالها، بحسب تقرير الخزانة الأميركية.

ويدعو المنظِّمون عبر الفيديو متابعيهم إلى التبرع لمدينة حلب، ومن سمّاهم الفيديو بـ”المجاهدين الذين يقاتلون فيها لنصرة أكبر فتنة في العالم ضد الإسلام تجري على الأراضي السورية.”

ووَعَدَ المنظِّمون المتبرّعين “بتمكين السوريين من القضاء على جيوش الغرب في الأراضي السورية المقدسة.”

كما كانت منظمة “صدقة” التي سيطرت الخزانة الأميركية على أموالها التي جمعتها بعملة البيتكوين، تنشر على حسابها في تطبيق “تلغرام” حتى العام ٢٠١٨ إعلانات عن نشاطاتها.

وعبر متابعة هاشتاغ “Remindersfromsyria” المنشور في إحدى الصور التي أرفقها تقرير الخزانة، نرى أن الحساب في العام ٢٠١٨ كان يحاول جمع التبرعات عبر البيتكوين لحلب.

وتجمع تلك التبرعات لصالح المنظمات التي وضعت الخزانة الأميركية يدها عليها ومنها منظمة صدقة.

وتتضمن تلك النشاطات، تزويد جماعات “إرهابية” في سوريا بالمعدّات القتالية والمعونات اللوجستية والإغاثية، بحسب تقرير الخزانة الأميركية.

وتنتشر تلك الجماعات في عدد من المناطق السورية مثل جبل التركمان في اللاذقية وحلب، بحسب التقرير الأميركي.

وكانت المنظمة تدعو الناس إلى التبرع عبر ما وصفته بالـطرق الآمنة، وتقصد بها استخدام العملات الإلكترونية المشفرة.

وطالب بيانٌ وقّع عليه عدد من أعضاء الكونغرس، دائرة الأمن القومي الأميركية ووزارة العدل ووزارة الخزانة الأميركية بالكشف عن تقييم كامل “للأعمال الخبيثة” التي تحاول اختراق الشبكات المالية العالمية.

وتتضمن تلك “الأعمال الخبيثة” مساعدة جماعات “إرهابية” للوصول إلى التمويلات بشكل غير مشروع، بحسب البيان.

وقال جون ديمرز، مساعد المدعي العام لقسم الأمن القومي بوزارة العدل، إن جهود الولايات المتحدة مستمرة “لحرمان الجماعات الإرهابية والمتعاطفين معها من الالتفاف على القوانين لتمويل الإرهاب.”

وجاء كلام “ديمرز” في اتصال هاتفي مع الصحفيين شاركت فيه نورث برس.

وأشار “ديمرز” إلى أن التحرك الأميركي الأخير حرم حماس والقاعدة وتنظيم الدولة الإسلامية من ملايين الدولارات التي جمعوها.

وتستعد الوكالات الأميركية للكشف عن المزيد من الملابسات المتعلقة بهذا الملف، بحسب “ديمرز”.

وقال أندرو ماين، الباحث في شؤون الجماعات المتطرفة في جامعة جورج تاون الأميركية، إن عملية المصادرة الأخيرة لملايين الدولارات من أموال الجماعات المتطرفة ستغلق باباً كبيراً كانت تستفيد منه تلك الجماعات.

وأشار “ماين” إلى أن هذه الحادثة أعطت درساً رقمياً هاماً لأجهزة الاستخبارات الأميركية في مجال مكافحة التحويلات لإرهابيين عبر الإنترنت، بحسب قوله.

وأضاف أنه “على الرغم من الافتراض الشائع بين الإرهابيين وداعميهم على أن المعاملات عبر البيتكوين مجهولة تماماً وتحمي المتبرّع، فإن المسؤولين في أميركا استخدموا آلية تحليل الـ”blockchain” التي تمكّنهم من الوصول إلى أي عملية تحويل عبر البيتكوين تستهدف جهة خارجية وتمكّنهم من الوصول إلى المستخدم.”

وتوصّلت الولايات المتحدة على أراضيها إلى اثنين من المتبرّعين لهذه الحملات.

كما تواصلت مع السلطات التركية لإبلاغها بأن اثنين من المواطنين الأتراك وهم محمد أوكتاي وحسام الدين كاراتاش قاما بإدارة أعمال غير مصرّح بها لمساعدة جماعات “إرهابية”.

إعداد: هديل عويس – تحرير: معاذ الحمد