السويداء: عائلات عاجزة عن تأمين لوازم مدرسية لأبنائها بسبب الغلاء

السويداء (نورث برس)

 يشتكي سكانٌ واولياء طلاب من محافظة السويداء، أقصى جنوبي سوريا، من عدم قدرتهم هذا العام على تأمين المستلزمات المدرسية الأساسية لأبنائهم مع اقتراب بدء العام الدراسي الجديد.

بينما يتوجه طلاب في الثانوية لسوق العمل لمساعدة ذويهم على تجاوز الضائقة المالية والصعوبات المعيشية.

وتعجز الحكومة السورية عن ضبط الأسواق التي تشهد ارتفاعاً ملحوظاً في أسعار البضائع في ظل الأحوال الاقتصادية المتردية في عموم البلاد.

“صعب جداً”

وكانت وزارة التربية في الحكومة السورية قد أصدرت، قبل أيام، قراراً أجلت بموجبه بدء العام الدراسي من مطلع شهر أيلول/سبتمبر الحالي إلى الـ/13/ منه.

وقالت إنصاف المتني (45 عاماً)، وهي عاملة نظافة في أحد المراكز التجارية بالسويداء، إنها “لا تقوى” على تأمين متطلبات دراسة ابنها وابنتها هذا العام.

وأضافت: “صعب جداً أن ترى أبناءك يفتقرون لأبسط حاجياتهم المدرسية من لباس ومستلزمات مدرسية وتعجز عن تأمينها.”

ولفتت “المتني” إلى أنها اضطرت لطلب سلفة من صاحب العمل لتأمين الحدود الدنيا لمتطلباتهما، وذلك بعد عدم جدوى بحثها عن الأسعار الأرخص في إحدى الصالات التجارية التابعة للحكومة السورية في مدينة شهبا.

وتحتل سوريا صدارة قائمة الدول الأكثر فقراً في العالم، بنسبة تبلغ أكثر من /80/ بالمئة وفق ما أورده التقرير السنوي للأمم المتحدة للعام 2019.

“لا طاقة لنا”

وقال طلال رضوان (38 عاماً)، وهو موظف حكومي من مدينة السويداء، إنه لا يستطيع تأمين اللباس المدرسي لأبنائه الثلاثة هذا العام.

ويتراوح سعر اللباس المدرسي في السويداء بين سبعة آلاف و/15/ ألف ليرة سورية “حسب الجودة”، بحسب باعة محليين.  

 ولا يتعدى راتب “رضوان” /60/ ألف ليرة، وعليه أن ينفق معظم راتبه لتأمين اللباس المدرسي إن قرر شراءه لأبنائه، “وهذا ما لا طاقة لي به.”

وأضاف: “سنضطر لأن يعطي ابني الأكبر وهو في الصف الخامس لباسه لأخيه الأوسط وهو بدوره يعطي مريوله للأصغر، حتى لو لم يكن اللباس على قياسهم.”

لكن الأب لفت إلى أن هناك مستلزمات مدرسية لا مهرب من شرائها كالقرطاسية والحقائب المدرسية، والتي فاقت أسعارها هذا العام أضعاف ما كانت عليه خلال الأعوام الماضية.

وأضاف: “أُعجب ابني الصغير بحقيبة مدرسية في إحدى جولاتنا داخل السوق وعندما استفسارنا عنها أخبرنا صاحب المحل أن سعرها /25/ ألف ليرة!”

وعاد الوالد الموظف إلى منزل دون شراء الحقيبة بسبب سعرها المرتفع، وعلامات الحزن بداية على الطفل الصغير. بحسب “رضوان”.

ويبقى متوسط الرواتب لدى الحكومة السورية نحو /50/ ألف ليرة سورية، في ظل تدهور الأوضاع المعيشية جراء انهيار قيمة الليرة السورية وتطبيق قانون عقوبات “قيصر” الأميركية.

“جعلني أتألم”

ودفعت الظروف الاقتصادية المتدهورة بعض الطلاب، لا سيما في المرحلة الثانوية، إلى ترك مقاعد الدراسة لمساعدة ذويهم في اجتياز صعوبات المعيشة.

وقال حكيم عامر (55 عاماً)، وهو سائق تكسي عمومي في بلدة عتيل شمال السويداء، إن لديه أربعة أبناء، قرر أكبرهم إيقاف تسجيله المدرسي لمساعدته في إعالة العائلة، رغم أنه “كان طالب شهادة ثانوية هذا العام”.

وأضاف: “الأمر جعلني أتألم، هو طالب مجد في دراسته وكان يطمح أن يكون طبيباً.”

ويتساءل الأب: ” أين المفرّ من كل هذا البلاء المعيشي؟ فلا الحكومة مكترثة لأحوالنا ولا التجار ينظرون إلينا بعين الرأفة.”

“موجات تسرب”

وقال رأفت الحسين (58 عاماً) وهو مسؤول قطاع التجارة الداخلية وحماية المستهلك في مجلس محافظة السويداء، إنهم حاولوا ضبط الأسعار بالتعاون مع مؤسسة التموين لكنهم لم ينجحوا في إحداث “تغيير مأمول”.

وأضاف، لنورث برس، إنه تم تحرير ضبوط تموينية ومخالفات بحق عشرة محال لبيع القرطاسية، لكن هذا الإجراء لم يفضِ إلى أي نتيجة إيجابية لصالح السكان.

ويتخوف إداريو مدارس ومسؤولون حكوميون من “موجات تسرّب كبيرة للطلاب وتوجههم إلى أسواق العمل طلباً للكسب على حساب تعليمهم”.

وحسب إحصائية أجرتها مديرية الشؤون الاجتماعية الحكومية في السويداء، يتجاوز أعداد طلبة المرحلتين الأساسية والثانوية في المحافظة /٨٠/ ألف طالباً، /60/ بالمئة منهم يعيشون تحت خط الفقر.

ويرى “الحسين” أن الحل يكمن في “تدخل القطاع الإنتاجي الحكومي في طرح منتجاته بأسعار مناسبة وهذا غير متوفر حالياً.”

وكانت شركة “سندس” الحكومية تقوم سابقاً بتأمين اللباس المدرسي بأسعار مخفّضة، “إلا أن الإدارة السيئة والفساد المالي الذي طالها جعلها تفلس وتتوقف عن العمل”، بحسب عضو مجلس محافظة السويداء.

إعداد: سامي العلي – تحرير: هوكر العبدو – حكيم احمد