نظام أردوغان المناهض للمرأة يهدد الأمن والسلام في سوريا

تعرض مسؤولون أتراك مؤخراً لانتقادات شديدة من قبل منظمات لحقوق الإنسان ومنظمات مناصرة للمرأة من مختلف أرجاء العالم بسبب اقتراحات قدموها للدولة للانسحاب من اتفاقية إسطنبول، والتي تُعدُّ أول اتفاقية عالمية تنتقد العنف على أساس الجنس.

وقد تمت صياغة النقاش على أنه شأن داخلي، ككل البيانات والكلمات المثيرة التي ألقاها الرئيس التركي، رجب طيب أردوغان، والتي تدعم قاعدته القومية المحافظة.

وبالطبع، لم يتم التعامل معها على أنها قضية سياسة خارجية، رغم أنها تشير لمشكلة عامة داخل الدولة التركية، والتي لها تداعيات على الدور التركي في سوريا.

إن التحيّز ضدّ المرأة، والذي ترعاه الدولة، يشكّل واقعاً لا يقبل الجدال في تركيا اليوم، حيث قال أردوغان في عدة مناسبات أنه يعتبر المرأة مواطناً من الدرجة الثانية.

مسؤول آخر من حزب العدالة والتنمية الحاكم قال إنه لا يجب السماح للنساء بالضحك في الأماكن العامة.

كما تم توثيق اتهام لعضو برلماني عن حزب العدالة والتنمية بقضية اعتداء وقتل عاملة منزلية.

وحاول الحزب مراراً وتكراراً تمرير قانون في البرلمان يسمح للمغتصبين بتلقي عقوبات مخففة من السجن وذلك بعد الزواج من ضحاياهم القاصرين.

وكانت أحدث الإجراءات الصارمة التي اُتخذت ضد الكرد والمنشقين سبباً في تهديد حقوق المرأة.

ويعتبر النظام القضائي السياسي في تركيا، مناصري حزب الشعوب الديمقراطي المناصر للسلام والذين يطبّقون المساواة بين الجنسين في القيادة والتعاون مع المرأة في إدارة البلديات، على أنهم أكبر مثالٍ على الإرهاب.

ويواجه نشطاء من الحركة النسائية، وخاصةً نشطاء الحركة النسائية الكردية، اضطهاداً وهجمات منتظمة، فقد أُغلقت تقريباً جميع المراكز النسائية التي أُنشئت في المدن الكردية قبل عام 2016، وذلك أثناء حالة الطوارئ في مرحلة ما بعد الانقلاب.

وكثيراً ما يُسجن الصحفيون الذين يبلِّغون عن أعمال العنف ضدّ النساء وقتاً أطول من الرجال الذين يرتكبون الجرائم.

وقد اكتسبت هذه السياسات والتصريحات أثراً تراكمياً، حيث تُظهِر الإحصاءات أن نسبة العنف ضدّ المرأة قد ازدادت بشكلٍ مذهلٍ في فترة حكم حزب العدالة والتنمية.

 وبحسب موقع (http://anitsayac.com)، وهي مذكرة رقمية تحتوي على أسماء النساء اللواتي قُتِلن على أيدي الرجال في تركيا، فإنه عدد ضحايا النساء في العام 2009 كان /123/ امرأة، فيما ارتفع العدد إلى /417/ في العام 2019.

وقد عمّت مظاهرات في مختلف أرجاء البلاد إثر إطلاق سراح ضابط عسكري كان قد اختَطف واغتصب فتاة كردية، وذلك بعد أيام من اعتقاله.

ويميل صنّاع القرار إلى تجاهل التهديدات التي تتعرض لها النساء لصالح اهتمامات استراتيجية تقليدية، ولا يهمهم مدى خطورة العنف القائم.

ولكن هذا لا يعني بأن هذه المسائل غير مرتبطة ببعضها البعض، فالنظام التركي المناهض للمرأة يعرّض النساء السوريات للخطر ويهدد إمكاناتهن، لضمان عدم سماع أصواتهن واهتماماتهن في المستقبل.

وحظيت الأعمال الوحشية التي تُرتَكبُ ضدّ النساء السوريات من قبل الجماعات المسلّحة أو ما يسمى بالجيش الوطني السوري المدعوم من قبل الدولة التركية باهتمامٍ دولي، بدءاً من جريمة قتل هفرين خلف على يد أحرار الشرقية إلى اكتشاف جثث النساء اللواتي كنّ مختفيات لمدة تقارب العامين في سجون فرقة الحمزات في عفرين.

وقد اتهمت الأمم المتحدة هذه الميليشيات بمحاولة “تفكيك” التقدّم الذي حققته الإدارة الذاتية في شمال وشرق سوريا في مجال حقوق المرأة، وخلق حالة خوف دائمة من العنف والإكراه لدى النساء في المناطق المحتلّة من قِبلها.

ولا تضمُّ المنظمات السياسية في سوريا، المدعومة من قبل تركيا، أي قيادات نسائية، ولم تُظهِر هذه المنظمات سوى القليل من الاهتمام في اتخاذ إجراءات لحماية حقوق المرأة.

وحين أصدرت الإدارة الذاتية تشريعات تاريخية لمعالجة التفاوت بين الجنسين في القانون السوري الحالي، وصف قادة المعارضة الإصلاحات بأنها “مؤقتة” وزعموا أن لا علاقة لها بمستقبل سوريا كالقوانين التي يطبقها تنظيم الدولة الإسلامية.

ويقع المقر الرئيسي للمجلس الإسلامي السوري، الذي يقوم بإصدار فتاوى تبيح جرائم الشرف والعنف الجنسي ضدّ المعتقلين، في إسطنبول، حيث لا يواجه هذا المجلس أي عواقب لإصدار مثل هذه الآراء الهمجية.

وطالما أن تركيا تسيطر على أراضٍ في سوريا وتتمتع بسلطة سياسية كبيرة على المعارضة، فسيكون لها قولٌ نافذٌ على نحو أكثر من غيرها في مستقبل البلاد.

أما إذا أصبحت المواقف والسياسات التركية بشأن حقوق المرأة الحالية ذات طابع مؤسساتي في سوريا، فستكون المرأة السورية أقلَّ تمثيلاً وذات حقوق أقلَّ مما كانت عليه قبل الحرب.

ومن خلال قرار مجلس الأمن رقم /2254/، وافقت الدول الأعضاء على “تشجيع المشاركة الهادفة للمرأة في العملية السياسية التي ترعاها الأمم المتحدة في سوريا.”

وتُظهِر الأبحاث أن زيادة المشاركة السياسية للمرأة تجعل عمليات السلام أكثر نجاحاً، وأن تعزيز المساواة بين الجنسين يتحدى الإيديولوجيات المتطرّفة.

فإن تمكّن نظام أردوغان وحلفاؤه السوريون من فرض نظرتهم التمييزية للعالم على الأرض وفي المفاوضات الدولية، فسيكون من الصعب على المجتمع الدولي الحفاظ على التزامه بأنه يجب “على جميع شرائح المجتمع السوري جني ثمار المساواة.”