القاهرة (نورث برس) – على رغم ما يواجهه العمل العربي المشترك من تحديات هائلة في ظلّ المتغيرات السياسة التي شهدتها المنطقة خلال السنوات الأخيرة، إلا أن مشروعات بعينها يتم النظر إليها بكونها قد تكون نواة لعودة الروح للعمل العربي، على غرار مشروع “الشام الجديد”.
وتم الإعلان عن المشروع في أعقاب قمة ثلاثية انعقدت الأسبوع الماضي بين رئيس الوزراء العراقي مصطفى الكاظمي والرئيس المصري عبدالفتاح السيسي والعاهل الأردني الملك عبدالله.
ويهدف المشروع القائم على التفاهمات الاقتصادية بين الدول الثلاث، إلى تحقيق التكامل والتعاون الاقتصادي بين الدول الثلاث وتعزيز الجوانب الاستثمارية والتجارية بينهم.
وينظر مراقبون إلى المشروع بأبعاده السياسية والاستراتيجية بوصفه يأتي لـ “إنقاذ العراق من براثن الأطماع والتدخلات الخارجية” وإعادة الدور العربي الفاعل للملف العراقي.
تكامل اقتصادي
وأشار غازي فيصل، وهو رئيس المركز العراقي للدراسات الاستراتيجية، إلى أهمية ذلك المشروع التكاملي بين الدول الثلاث حال تطبيقه وعدم اقتصاره على التصريحات والخطابة.
وأوضح أن “التطبيقات التنفيذية لمخرجات القمة الثلاثية ممكنة، من خلال الاستفادة من كل ما تتمتع به الدول الثلاث من إمكانات، لاسيما أن العراق بلد نفطي عملاق ولديه موارد وثروات تقدر بـ /20/ تريليون دولار تحت الأرض”.
ويعتمد العراق بشكل كلي على الاقتصاد الإيراني، “وهذا ما عطّل كل الفرص (..) اليوم دول المنطقة تدرك تماماً ذلك”.
وهذا ما ظهر بصورة كبيرة من خلال كلمات الرئيس المصري وملك الأردن ورئيس وزراء العراق، حينما تم التأكيد على ضرورة أن يكون هناك تكامل اقتصادي عربي.
وأفاد غازي، في تعليقه على المشروع لـ “نورث برس”، بأنه يمكن لجميع الأطراف الاستفادة من ذلك التكامل.
ويمكن لمصر أن تجد حلولاً لمشاكلها الاقتصادية الكبرى، وبالتالي التكامل يخدم جميع الأطراف، مع النفط العراقي والموارد العراقية إضافة إلى القدرات الأردنية وقدرات مصر الهائلة والغاز المصري، بحسب غازي.
وقال: “هذا التكتل بـ /150/ مليون إنسان بناتج /500/ مليار دولار سنوياً، يمكن أن تكون هناك صناعات مشتركة ومدن صناعية وتجارة بينية، وفرص لتأسيس فضاء اقتصادي وثقافي وسياسي وغير ذلك، ويمكن أن تنضم المملكة العربية السعودية لذلك التكتل”.
وأشار إلى ضرورة تبني رؤى تطبيقية عملية لتنفيذ المشروعات المتفق عليها.
وكان أول من طرح المشروع رئيس الوزراء العراقي السابق، حيدر العبادي، وسبق وأن أطلقت الدول الثلاث آلية للتعاون بدأت من العاصمة المصرية في شهر آذار/ مارس العام الماضي.
تشكيك
وعلى النقيض، قلل حازم العبيدي، وهو محلل سياسي عراقي، من جدوى المشروع.
وأشار إلى أن القمة الثلاثية التي انعقدت مؤخراً “جاءت من خلال ضغوط خارجية، ربما أميركية تحديداً، في عملية مكايدة للنظام الإيراني”.
وجاء اقتراح رئيس الوزراء العراقي مصطفى الكاظمي لفكرة المشروع، بعد زيارته إلى واشنطن والتي استمرت لأيام.
ورأى العبيدي أن “العراق مختطف” ولا يمكن التعويل عليه.
وقال -في تصريحات خاصة لـ “نورث برس” عبر الهاتف، إنه “لا يمكن أن يكون هناك أي تكامل بين الأطراف الثلاثة، على اعتبار أن هناك طرفاً -وهو العراق- يفقد إرادته السياسية، فهو مختطف من إيران (..) ورئيس الوزراء مصطفى الكاظمي لا يستطيع أن يفعل شيئاً في موضوع التكامل وعودة العراق، لأن هناك دولة عميقة في بغداد هي التي تقود البلد”.
وأضاف العبيدي، والذي يشغل منصباً استشارياً سياسياً لدى شبكة “أحرار الرافدين لحقوق الإنسان” في جنيف، “لا نعول على مثل هذه المشاريع.. عملية مكايدة واضحة للنظام في إيران.. كما أنه لا توجد عوامل أو أدوات تستطيع من خلالها أن تقول إن هناك تكاملاً اقتصادياً يمكن أن يحدث بين الدول الثلاث، لأن العراق ساقط في حضن إيران، ولا توجد إرادات وطنية تحكمه”.
وشدد الكاظمي على أن مشاريع كتلك يمكن أن تتم بين مصر والسعودية والأردن مثلاً، على أساس أن هناك إرادات وطنية حاكمة.
وأوضح الكاظمي، أن “العراق كان رقماً صعباً وقوياً، والآن صار الحلقة الأضعف”.