طرق التهريب بريف حلب الشمالي.. الفرار من التصعيد العسكري وانعدام فرص العمل
حلب – نورث برس
تزداد أعداد الذين يحاولون الفرار بأرواحهم عبر شبكات التهريب في مناطق ريف حلب الشمالي، مع تصاعد وتيرة قصف القوات الحكومية على مناطق ريف إدلب الجنوبي من جهة وتحشيد الجانب التركي والفصائل المعارضة من جهة أخرى وانعدام فرص العمل.
وقال خالد غزال (25عاماً)، وهو نازح من الغوطة الشرقية بريف دمشق، ويقطن في بلدة كلجبرين بريف حلب الغربي، لـ”نورث برس”: “بسبب العمليات العسكرية التي قامت بها قوات الحكومة السورية بداية العام الجاري، فقدت عملي، ولم تبقَ فرص عمل كثيرة في المنطقة، فقررت السفر إلى تركيا عبر طرق التهريب المتوفرة”.
وأشار إلى أن المهرّبين الموجودين في منطقة “أكدة” المحاذية لولاية كلس التركية، “لديهم طرق عدة في التهريب، تختلف بالسعر والوقت والمدة الزمنية التي يصل فيها الشخص لبر الأمان”.
وأضاف أن “التهريب في وضح النهار والمرور أمام مخفر القوات التركية، يكلِّف /1500/ دولار أمريكي لكل شخص، بينما المسير ليلاً أو قبل طلوع الشمس يكلف /600/ دولار للشخص الكبير رجلاً كان أم امرأة، و/300/ دولار للطفل الذي تجاوز /15/ عاماً، و/200/ دولار للطفل ما دون سن العاشرة”.
ونوّه “غزال” إلى أنّه وبسبب ضيق الوضع المعيشي لعائلته، كان صعباً عليه تأمين مبلغ /1500/ دولار، فاضطر إلى دفع /600/ للعبور، ولكن إطلاق النار المباشر على العابرين من قبل حرس الحدود التركي، حال دون النجاح في الوصول إلى الطرف التركي رغم محاولات عديدة، على حدِّ قوله.
ووفقاً للمرصد السوري لحقوق الإنسان، فإنّ عدد المدنيين السوريين الذين قُتلوا برصاص قوات “الجندرمة” التركية منذ بداية الحرب في سوريا حتى الـ/21/ من أيار/مايو الماضي، ارتفع إلى /449/ مدنياً، بينهم /79/ طفلاً دون الثامنة عشر، و/44/ امرأة فوق سن الـ/18/.
أمّا وليد العمر (35 عاماً)، من نازحي ريف حماة، فقد روى لـ”نورث برس” قصة عبوره إلى تركيا: “لدي زوجة و/3/ أطفال، أكبرهم يبلغ من العمر /8/ أعوام، لذا كان اختيار الطريق صعباً، خصوصاً مع حوادث إطلاق النار على الحدود السورية-التركية، فاخترت التهريب الآمن، وهو إبلاغ المهرِّب لشركائه في المخفر التركي أن هناك عائلة ستعبر في وقت محدد”.
وأضاف أنه كان تأمين مبلغ /3000/ دولار عنه وعن زوجته و/1500/ دولار عن أطفاله، أمراً صعباً عليه، فـ”بعت أثاث منزلي ومصاغ زوجتي، وعند فجر أحد الأيام تسلّقنا الجدار على مرأى من عناصر المخفر التركي، ووصلنا بعد رحلة عذاب لقرية قريبة من كلّس”.
وقال سامي الإبراهيم (27 عاماً)، وهو نازح من ريف حمص، لـ”نورث برس”، إن عدم امتلاكه لكلفة طريق التهريب، دفعه إلى محاولة اجتياز الجدار بنفسه، وحملِ مقصٍ خاصٍ بقص الأسلاك الشائكة، إلّا أنّ حرس الحدود التركي، ألقوا القبض عليه وأرجعوه إلى الجهة السورية من الحدود بعد أن أبرحوه ضرباً، فقرر تأجيل فكرة التهريب إلى وقت آخر، بحسب قوله.
وقال “أبو صالح” (اسم مستعار)، ويعمل مهرِّباً في المنطقة، لـ”نورث برس”، إن “طرق التهريب صعبة، وتم إلقاء القبض على عدّة دفعات قمت بتهريبها عبر الحدود مع ولاية كلس”.
وأشار إلى أنه ينتقي زبائنه، فهو يبتعد عن تهريب العائلات خشية إلقاء القبض عليهم في حال بكاء طفل أو عدم قدرة امرأة على السير الذي يستغرق أحياناً ساعة ونصف مشياً بين الأشواك، بحسب تعبيره.
وأشار أبو صالح إلى أن “كثافة الشبان الذين يتوافدون على الحدود نتيجة انعدام فرص العمل، كفيل بتأمين مبلغ جيد خلال الشهر، لدفع أجرة المنزل في ولاية كلس، وادخار الباقي لعدم القدرة على العبور بشكل يومي بسبب التشديد من الجانب التركي على كافة المنافذ التي بات يعرفها نتيجة استمرار تدفق الفارين من جحيم الحرب والغلاء”.
وتقوم “الجبهة الشامية” المسيطرة على منافذ العبور في منطقة ريف حلب الشمالي، بقبض مبلغ /200/ دولار أمريكي، عن كل شخص يقوم بالعبور إلى الجانب التركي، ولكن لا يتم استلام المبلغ إلّا بعد وصول الدفعة إلى بر الأمان من الطرف الآخر، بحسب سكان من المنطقة.
كما تُلِزم “الجبهة الشامية” كل مهرِّبٍ يعود بعد تأمين الدفعة، بدفع /200/ دولار عن كل شخص تمّ تأمين ذهابه ولم يعد مع المهرِّب، بحسب مصدر من مدينة إعزاز بريف حلب الشمالي.