انتشارٌ عشوائي للسلاح في إدلب وسط ازدياد مخاوف السكان وغياب السلطات

إدلب – نورث برس

يتسبب انتشار السلاح في محافظة إدلب، شمال غربي سوريا، بعدم استقرار في الوضع الأمني، وزيادة في مخاوف السكان بسبب استخدام السلاح في الأفراح، إلى جانب تعدد حالات القتل والاغتيال وسط الفوضى الأمنية.

وتسيطر “هيئة تحرير الشام” (جبهة النصرة سابقاً) على محافظة إدلب بشكل شبه كامل عسكرياً، وتديرها عبر “حكومة الإنقاذ”، وهي الجناح السياسي والمدني للهيئة، إلّا أنّها لم تستطع نزع السلاح من المدنيين أو تخفيف انتشاره في مناطق سيطرتها.

وقال سعيد العبد الرحمن (66 عاماً)، وهو صحفي من سكان إدلب، لـ”نورث برس”، إنّ السلاح منتشر في المدينة وبين السكان، “لأن السكان يرون في حيازة السلاح شعوراً بالأمان، حسب اعتقاد الكثير منهم”.

وأشار إلى أنّ المشكلة الأكبر هي توفّر السلاح بين أيدي القاصرين الذين يستعرضون قوتهم من خلاله، وكثيراً ما يدخلون في مشاجرات تنتهي بإصابة أو مقتل أحدهم في معظم الأحيان، حسب قوله.

وأضاف “العبد الرحمن” أنّ “تجارة السلاح تنشط بشكلٍ كبير في مدينة إدلب، ما يُسهّل امتلاكه بالنسبة للمقاتلين والمدنيين، دون الحاجة للحصول على تراخيص، أو وجود جهات رقابية ذات سلطة، فضلاً عن التوتر الأمني الذي يدفع بالمدنيين إلى امتلاك السلاح للدفاع عن النفس”.

وتنعكس النتائج السلبية للانتشار الكثيف للسلاح في منطقة إدلب، على المدنيين في أغلب الأحيان، خاصةً في حالات الاقتتال الداخلي بين المجموعات العسكرية، أو في حالات التشييع أو الأفراح والمناسبات الاجتماعية.

وقال علي الجاسم (41 عاماً)، وهو من سكان مدينة الدانا شمال إدلب، لـ”نورث برس”، إن مشاجرة كبيرة نشبت الأسبوع الفائت في مدينة الملاهي بمدينة الدانا، بين شبّانٍ من ريف إدلب الغربي وصاحب الملاهي، نتج عنها مقتل شخص وإصابة آخرين بجروح متفاوتة، وذلك بعد استخدام السلاح الرشاش من قبل الطرفين، ما تسبب بهلع وخوف كبيرين بين النساء والأطفال الموجودين في المكان، حسب “الجاسم”.

وقال عامر سرميني (24 عاماً)، وهو نازح من ريف حماة يسكن في مخيمات قاح شمال إدلب، لـ”نورث برس”، إنه أصيب بطلق ناري “كلاشينكوف” في كتفه الأيسر، حين كان يجلس داخل خيمته، وذلك خلال حفل زفاف في المخيم المجاور للمخيم الذي يقطنه.

وسبق أن قُتل مدنيان اثنان، الشهر الفائت، على خلفية مشاجرة جماعية بين السكان داخل أحد المخيمات العشوائية قرب بلدة دير حسان في ريف إدلب الشمالي، حيث استخدم المتخاصمون الأسلحة الرشاشة، وفقاً لمصادر من المخيم.

أمّا علاء المحمود، وهو أحد النشطاء الإعلاميين في منطقة إدلب، فقد قال لـ”نورث برس” إن أعداد ضحايا الاحتفالات تتزايد بوضوح في الآونة الأخيرة، خاصةً في المخيمات الحدودية مع تركيا شمال إدلب، حيث يمكن للرصاص العشوائي أن يخترق قماش الخيام بسهولة، ويوقع ضحايا أبرياء، وتتكرر مثل هذه الحالات بشكلٍ مستمر، على حدِّ قوله.

وأشار “المحمود” إلى أن عادة إطلاق الأعيرة النارية في المناسبات وخصوصاً الأعراس، أصبحت تهدد أمن السكان، وتوقع كل عام عشرات الضحايا، و”للأسف غالبية الضحايا من الأطفال”.

وفي حديثٍ خاصٍ لـ”نورث برس”، قال ضابط في شرطة المخيمات شمال إدلب، طلب عدم ذكر اسمه، إنّ “انتشار السلاح بأيدي المدنيين ظاهرة ليست بجديدة، فهي منتشرة منذ العام 2012 ولغاية اللحظة، لكن انتشارها بشكل لافت وكبير يؤكد ضعف السلطة والقانون في هذه المناطق، خاصةً أمام العناصر الذين يتبعون للفصائل العسكرية والتي لا تكون للشرطة أو القوة الأمنية سلطة عليهم”، على حدِّ تعبيره.