ازدياد الشكاوى من قلة الصهاريج وتعامل أصحابها مع ارتفاع حدة أزمة المياه بالحسكة
الحسكة – هوشنك حسن / دلسوز يوسف – نورث برس
رغم اقتراب الشمس من المغيب إلا أن ميلاد لا يزال جالساً في الشارع عله يلمح صهريج مياه يملأ له خزان منزله الفارغ منذ الصباح.
“صهريج المياه وسيارة المحافظ باتوا بنفس المرتبة”، يقول ميلاد ذلك متهكماً وكأنه يحاول الترويح عن نفسه ساخراً مما آل إليه حاله، بعد أن بات تأمين صهريج مياه أمراً بالغ الصعوبة خلال أزمة انقطاع المياه التي تعيشها المدينة منذ أسبوعين.
ويقطن ميلاد محمد (45 عاماً) في حي تل حجر وسط مدينة الحسكة، التي قطعت القوات التركية مياه الشرب عنها بعد إيقافها تشغيل محطة علوك بريف سري كانيه/رأس العين للمرة الثامنة منذ سيطرتها على المدينة أواخر العام الماضي.
وباتت صهاريج المياه المتنقلة بين أحياء المدينة أحد البدائل الرئيسية التي يعتمدها السكان لتأمين احتياجاتهم، رغم ارتفاع تسعيرة برميل المياه يوماً بعد يوم، خاصة مع تزايد الطلب على المياه واستغلال أصحاب بعض الصهاريج حاجة الناس مع ازدياد حدة الأزمة.
يقول محمد لـ”نورث برس”، إنهم اضطروا إلى استبدال أحد عيني ابنه الصغير بعد إصابته بالسرطان وتركيب عدسة اصطناعية بدلا عنها، “بعد أن بتنا نعتمد المياه المالحة للغسيل والاستخدام الشخصي بات ابني غير قادراً على فتح عينه، لذا اشتري له مياه معدنية لكي يتمكن من غسل وجهه”.
ورغم أن السكان حفروا العديد من الآبار ضمن أحياء الحسكة إلا أنهم لا يستطيعون استخدامها للشرب بسبب ملوحتها التي تجعلها صالحة للاستخدام المنزلي وحسب.
ويقول ميلاد بانفعال: “أصحاب الصهاريج باتوا الآن لا يردون على هواتفهم ولا حتى يكلفون أنفسهم عناء إغلاقها في وجوهنا”.
وبحسب مديرية المياه في الحسكة يعمل حالياً نحو /150/ صهريجاً في نقل المياه من المناهل إلى داخل المدينة من بينها /21/ صهريجاً يتبعون للمديرية نفسها.
وتختلف سعة تلك الصهاريج إلا أن معظمها متوسطة الحجم وتسع نحو /35/ برميل.
ويقول كاميران عباس (43 عاماً) من سكان المدينة لـ”نورث برس”، إن تسعيرة شراء البرميل الواحد من الصهاريج “باتت أشبه بالدولار ذلك أنها تطير وترتفع كلما احتدت الأزمة”.
ويصل سعر تعبئة الخزان الذي تبلغ سعته خمسة براميل إلى /7/ آلاف ليرة سورية، بحسب عباس.
فيما تقول مديرية المياه في الحسكة إن تسعيرة تعبئة البرميل لديهم لا تتجاوز /400/ ليرة سورية.
ورغم ذلك لا يجد “عباس” مشكلة في دفع المبلغ مقابل إمكانية أن تتوفر الصهاريج، فخزان منزله بات فارغاً منذ يومين، بحسب قوله.
وعلى بعد عدة شوارع من منزل ميلاد، يجر محمد صالح خرطوم صهريجه إلى سطح بناية ذات أربعة طوابق لملء خزان أحد زبائنه ممن ينتظرونه منذ ساعات الظهيرة.
يقول “صالح” وهو يعمل على صهريجه منذ أعوام إنهم ينتظرون ساعات طويلة إلى أن يصلهم الدور لتعبئة المياه من مناهل “الحمة” شمال غرب الحسكة، لذا فإن الانتظار هناك يتسبب بتأخر وصولهم إلى المدينة.
ويضيف الشاب أنه حدد تسعيرة /2500/ ليرة سورية للخزان الواحد، بينما هناك ممن يبيعونه بأضعاف هذا السعر، بحسب قوله.
من جانبه قال الرئيس المشارك لشعبة التموين في الحسكة، باسل أمين لـ”نورث برس”، إنهم يسيّرون فرق رقابة على الصهاريج المتنقلة بالمدينة، وقد أصدروا تعميماً بضبط كافة الصهاريج المخالفة.
وأضاف أنهم قاموا حتى الآن بمخالفة /4/ صهاريج تقوم ببيع المياه بأسعار مخالفة لسعر مديرية المياه والبلدية، ومنعوها من العمل، وأن فرقهم الرقابية مستمرة في عملها ضمن الأسواق والأحياء لمراقبة الأسعار، وفق قوله.
ويرى “أمين” أن على أصحاب الصهاريج الخاصة “الوقوف إلى جانب أهلهم في ظل هذه المحنة الصعبة وعدم زيادة معاناتهم أو استغلالها” وفق تعبيره.
ورغم وصول صهريجين إلى الشارع الذي يسكنه “ميلاد” لكن صاحبا الاثنين اعتذرا له ورفضا تعبئة خزانه، بسبب وجود “زبائن ينتظرون”، فما كان منه إلا أن حمل طفله وعاد إلى منزله على أمل أن يحالفه الحظ صباح الغد.