دمشق – أحمد كنعان – نورث برس
تضامن فنانون سوريون مع سكان مدينة الحسكة، شمالي سوريا، والتي تتعرض منذ من حوالي 20 يوماً لقطع مياه الشرب عنها على يد القوات التركية وفصائل المعارضة المسلحة التابعة لها، واللافت في هذه الحملة أنّها ضمت مواقف فنانين كانت مواقفهم السياسية متباينة تجاه الأزمة السورية.
وقالت الفنانة أمل عرفة، تعليقاً على وحدة موقف الفنانين في تضامنهم بالرغم من اختلاف مواقفهم تجاه الأزمة في سورية، في تصريح خاص لـ “نورث برس”، إن الاختلاف بالمواقف السياسية لا يعني الاختلاف في مأساة إنسانية كقطع المياه عن مدينة الحسكة.
وأضافت “عرفة”: “التضامن هنا هو تضامن إنساني، وفي النهاية سينتصر الإنسان”.
وأسهب الفنان مكسيم خليل في شرح موقفه فكتب على حسابه الشخصي في موقع فيس بوك: “لا تعنيني الأسباب ولا التوازنات ولا المعايير السياسية، ما يعنيني أن الماء لجميع الكائنات، فما بالك بالبشر (..) ما يعنيني أنك تعلم أن ورقة الضغط هذه لن تضغط إلا على من يبحثون عن لقمة عيشهم”.
وختم “خليل” منشوره، موجهاً كلامه للفصائل المعارضة: “أنتِ سلاحهم لقتل أطفال أهلك من السوريين”.
فيما اكتفت الممثلة سلاف فواخرجي بالقول: “الماء أهون موجود وأعز مفقود، والحسكة هانت ففقدت عزيزها”.
وكانت فصائل المعارضة المسلّحة التابعة لتركيا، قد قامت في 13 من آب/ أغسطس الجاري، بوقف ضخ المياه من محطة علوك القريبة من مدينة سري كانيه، والتي تغذي مدينة الحسكة وقرى الريف الغربي بمياه الشرب.
وتسبب استمرار قطع المياه بأزمة إنسانية حادة خلال الأيام الماضية، ما دعا ناشطين إلى إطلاق حملة مع السكان الذين يعانون بسبب عدم توفر مياه الشرب.
وانضم الفنان السوري قصي للحملة التضامنية، وكتب “الحسكة من غير ماء”، وأعاد الفنان اللبناني باسم مغنية نشر صورة من حساب “خولي” وعلق: “البلاء يفتك ببلادنا الحبيبة لكننا صامدون”.
في حين توجّه الفنان عابد فهد بشكل مباشر في تضامنه لمخاطبة الرئيس التركي: “أردوغان لا تقطع الماء عن الحسكة”.
ونشر الفنان تيم حسن على “أنستغرام”، هاشتاغ “الحسكة بدها مي”، ولم يكتف به فقط، فنشر أيضاً: “مليون إنسان في الحسكة بدون مياه”.
ولم تغب الفنانة السورية أصالة نصري، التي تسكن في مصر، عن المشهد التضامني الواسع فكتبت: “يا الله لا تنساهم من رحمتك، أهلنا صبروا حتى ملّ منهم الصبر”.
وعبّرت الفنانة تولاي هارون، في تصريحٍ خاص لـ “نورث برس”، عن ارتياحها لهذا التضامن، رغم الاختلاف بالمواقف في بداية الأزمة، وقالت: “كل من شرب من مياه دمشق، سيرتد لإنسانيته بالتأكيد، وسيتضامن مع أي مأساة إنسانية تصيب المدنيين بالضرر”.
واعتبرت أن قطع المياه عن الحسكة “جريمة”، وأن مرتكبها أردوغان يستحق المحاسبة.
وأضافت “هارون” أنّها لا توافق على بعض التعليقات التي اتهمت الفنانين بركوب موجة التضامن مع المأساة واستثمارها لزيادة النجومية.
وقالت: “كل الذين شاركوا في حملة التضامن هم من كبار النجوم، ولا تنقصهم نجومية، وهذا التشكيك رخيص ولا يستحق الرد”.
وشددت “هارون” على أنّ الفنان كتلة من المشاعر والأحاسيس، وتضامنه مع أي مأساة ضروري، لأنّه يلفت الأنظار ويحرك الرأي العام، وأنّ أغلب المتابعين لصفحتها قد أضافوا إطاراً كُتب عليه: “العطش يخنق الحسكة”.
وأشارت إلى أنّها تعرف جيداً معنى أن تبقى بلا ماء، “عشنا في دمشق إرهاب قطع مياه الشرب لأيام متقطعة ومعدودة، ونعرف جيداً ماذا يعني انقطاع المياه لعشرين يوماً”.
وبالتزامن مع حملة التضامن من الفنانين مع مدينة الحسكة، كتب عدد من المثقفين في دمشق، منشورات ذهبت لأبعد من التضامن، وتساءلت المديرة السابقة للتلفزيون السوري، الحقوقية والأديبة ديانا جبور، على صفحتها على “فيس بوك”: “لماذا الاكتفاء بالاستجداء الدامع من أجل الحسكة؟ تعطيش المدنيين هو جريمة مزدوجة ومكتملة الأركان: جريمة حرب وجريمة ضد الإنسانية”.
وأضافت “فعلاً لم أفهم لماذا لم يتم تحريك أكثر من دعوى في المحافل المختصة؟”.
أما الدكتور عجاج حفيري، مدير المسارح والموسيقا سابقاً، فقد أشار إلى التشابه بين الإيراني والعثماني في استخدام المياه كسلاح، وكتب على صفحته على “فيس بوك”: “تركيا تقطع المياه عن الحسكة السورية، وإيران تقطع المياه عن منطقة عراقية”.
وأضاف “نحن ذاكرتنا ممسوحة، نتناسى دروس التاريخ، هذه دول لم ولن تكون صديقة، العثمانيون والفرس لم ولن ولا يريدون خيراً لهذه الأمة”.
