“مماطلة وخلافات حول الحصص”.. من أسباب تأخر إنجاز المرجعية السياسية الكردية بحسب سياسيين
القامشلي – عبدالحليم سليمان – نورث برس
يرى سياسيون كرد أن المرحلة الثانية من الحوار الكردي – الكردي ومنذ إعلان المجلس الوطني الكردي في سوريا وأحزاب الوحدة الوطنية الكردية توصلهما إلى تفاهم سياسي أولي ملزم في حزيران/ يونيو الماضي، بات يسير ببطء شديد بسبب مماطلة بعض الأطراف والخلاف على الحصص في المرجعية السياسية، بينما يرى آخرون أن الحوارات تجري وفق الآليات المتفق حولها.
وقال علي شمدين، القيادي في الحزب الديمقراطي التقدمي الكردي في سوريا وممثله في إقليم كردستان العراق، إنه “ما من مبرر أبداً لكل هذا التأخير والبطء في إنهاء هذا الحوار الذي بدأ منذ ما يقارب نصف عام، طالما إن المتحاورين اعتمدوا اتفاقية دهوك التي وقعوا عليها من قبل”.
مماطلة مقصودة
ووصف “شمدين” التأخر الحاصل في الوصول إلى نتائج حول المرجعية السياسية، بـ” المماطلة المقصودة وقتل للوقت”، مُحيلاً السؤال إلى الطرفين المتفاوضين للإجابة عن سبب التأخير.
وقال القيادي، المقيم في مدينة السليمانية، إن موقف حزبه كان ولا يزال مؤيداً للحوار بين الإطارين الكرديين، لكنه أشار إلى أن حزبه “استُبعد من الحوارات بحجة وجود خلافات عميقة بين الطرفين المتفاوضين”.
واتهم الطرفين بأنهما “لا يريدان أن يشركا أي طرف إلا إذا قبلوا الانضمام إلى أحدهما، وهو العرض الذي رفضه الديمقراطي التقدمي”، وفق القيادي الكردي.
من يتسبب بالتأخير؟
وأردف “شمدين” أن الطرفان المتفاوضان ينزعان “بوضوح نحو المماطلة والتسويف” بالرغم من الضغط الذي تمارسه الولايات المتحدة الأمريكية من دون جدوى لتجاوز العقبات التي تحول دون الاتفاق المنشود، ويتساءل “تُرى من تكون هذه القوة التي تستطيع أن تجهض محاولات دولة عظمى كأمريكا؟!”.
لكنه أصر على أن حزبه يحتفظ بعلاقات “ودية مع الطرفين المتحاورين”، وأن “التقدمي لايزال من المؤمنين بضرورة وحدة الصف والموقف الكردي في سوريا وتشكيل مرجعية شاملة من دون إقصاء”، وفق تعبيره.
“آليات متفق عليها”
من جهته قال فيصل يوسف المنسق العام لحركة الإصلاح الكردي والعضو في وفد المجلس الوطني الكردي، “إن الحوارات تجري وفق الآليات المتفق حولها منذ البداية وإلى حين التوصل لاتفاق حول رؤية سياسية مشتركة”.
وأضاف “يوسف”: “تالياً نحن نناقش إنجاز اتفاقية شاملة باعتبار اتفاقية دهوك هي فقط أرضية للمناقشة وهي تبدأ ببناء مرجعية كردية”، على حد قوله.
وتابع في تصريحه لـ”نورث برس”، “ننشد توافقاً بمرتكزات تستدرك أسباب فشل الاتفاقيات السابقة وتلبي تطلعات الجماهير الكردية”.
وأشار “يوسف” إلى أن “المفاوضات مشجعة ولم تواجهنا عقبات حتى الآن تمنع من السير نحو أهدافها المتمثلة ببناء موقف كردي موحد وشراكة حقيقية متساوية بالإدارة وإيجاد الآليات المناسبة لكي لا يكون واجب الحماية والدفاع محصورا بطرف واحد”، وفق تعبيره.
وشدد “يوسف” على أنه من الأهمية “أن تكون المفاوضات التي تجري ذات خصوصية حتى تصل لنتائج وحينها يتم الإعلان للرأي العام”.
خارج الإطارين المتفاوضين
خارج العملية التفاوضية والإطارين المتفاوضين ثمة أحزاب كردية أخرى، إلى جانب الديمقراطي التقدمي، كحزب الوحدة الديمقراطي الكردي في سوريا واليكيتي الكردستاني الحرّ الذي تشكل قبل أشهر بعد انشقاقه من الحزب “اليكيتي الكردستاني – سوريا” برئاسة السياسي سليمان أوسو، والعضو في المجلس الوطني الكردي.
وقال عبدالصمد خلف برو، الذي انتخب مؤخراً كسكرتير لحزب “اليكيتي الكردستاني الحرّ”، إن مبادرة قائد قوات سوريا الديمقراطية لتوحيد الصف الكردي جاءت نتيجة إطالة أمد الصراع في سوريا واحتلال تركيا و الفصائل الموالية لها لمنطقتي سري كانيه/رأس العين وكري سبي/تل أبيض مؤخراً، إلى جانب التهديدات التركية وتلك التي تطلقها الحكومة السورية تجاه مناطق شرق الفرات أو “المناطق الكردية في كردستان سوريا” كما يسميها “برو”، إضافة إلى تشتت وانقسام الحركة الكردية، وفق تعبيره.
“الحصص سبب الخلاف”
وقال سكرتير حزب اليكيتي الكردستاني الحرّ عن الحوار الكردي – الكردي، إنه وبعد توصل الطرفين إلى تفاهم حول الرؤية السياسية بدأ التلكؤ والتعثر في سير المفاوضات.
وأضاف أن نسب “توزيع الحصص في المرجعية السياسية أصبحت نقطة خلافية لأن المجلس الوطني يرفض أي طرف ثالث وتحت أي مسمى كان ولا يقبل سوى أن يكون الحوار والمرجعية مناصفة بين الطرفين المتحاورين فقط”، وفق تعبيره.
وأشار “برو” إلى وجود مساعٍ مشتركة من جانب قيادة قوات سوريا الديمقراطية و الدبلوماسيين الأمريكيين “لإيجاد طريقة لانضمام القوى خارج الإطارين للمرجعية حتى تكون شاملة، وإن كانت بين الطرفين مناصفةً”، على حد تعبيره.
الاستغراق في التفاصيل
ويكشف سكرتير اليكيتي الكردستاني الحرّ أن الاستغراق في تفاصيل تشكيل المرجعية بدأ بـ (اسمها ومهامها وصلاحياتها وعدد أعضائها ونسبة تمثيل المرأة فيها) إلى جانب تفاصيل أخرى، وأن المجلس الوطني الكردي يسعى إلى التفاهم المبدئي حول بعض القضايا المهمة قبل تشكيل المرجعية.
ويرى أن اللجان المختصة المنبثقة عن الحوار حول، المناهج التعليمية، التجنيد الإجباري، المسائل المالية والاقتصادية، الكوادر من خارج سوريا، وكذلك العقد الاجتماعي الذي يُعَدُّ بمثابة دستور، “وهذه الأمور والقضايا الإشكالية كانت من الأسباب التي أدت إلى هذا التأخير وعدم الإعلان عن الوصول إلى اتفاق نهائي حول بعض المسائل”، حسب رأيه.
“الحذر وضعف الثقة”
وأضاف أن هيمنة الحذر وضعف الثقة على أجواء الحوار نتيجة القطيعة المزمنة والخلافات، وتباين المحاور والأجندات بين الطرفين من الأسباب الهامة التي أدت إلى تأخير الحوار وتشكيل المرجعية، وفق قوله.
ووسط هذه الأجواء والنقاط الخلافية لا يتردد “برو” في إعلان تأييده للمبادرة منذ انطلاقها ومساندتها خلال لقاءاتهم المتكررة مع الأطراف المعنية، “الأمريكان والفرنسيين وقيادة قسد”، وأنهم مازالوا يطالبون بتوسيع المرجعية لكي تشمل كل القوى والفعاليات المجتمعية، وفق تعبيره.
وقال “برو” لـ”نورث برس” بإنهم سيسعون إلى إنجاح المرجعية السياسية “مهما كلفت التضحيات”، لأنها بالنسبة لهم معركة وجود وأنهم محكومون بالتوافق “خدمة لقضيتنا العادلة”، وأنهم مدركون لما تعترض المبادرة من معوّقات، وأن أملهم كبير في إنجاحها بسبب ما لمسوه من “جدية أمريكا “في الإسراع بتحقيق المبادرة.