مخاوف سكان في منبج من التهديدات التركية واستهداف الاستقرار النسبي فيها

منبج- صدام الحسن- نورث برس

بعد أربعة أعوام من الاستقرار النسبي فيها بعد طرد مسلحي “تنظيم الدولة الإسلامية” منها، لا يزال سكان من مدينة منبج، شمالي سوريا، يتخوفون من هجمات تركية محتملة ضد المدينة وتكرار سيناريو المدن التي سيطرت عليها القوات التركية وفصائل المعارضة المسلحة التابعة لها في سوريا، لا سيما بعد التهديدات التركية التي تجددت مع قصف نقاط تابعة لمجلس منبج العسكري، كان آخرها منتصف الشهر الجاري، انطلاقاً من قواعدها الموجودة في مناطق “درع الفرات”.

وقال عبد الله العلو (34عاماً)، وهو من سكان مدينة منبج، إنه تخوف سكان المدينة يتركز في احتمال حدوث اتفاقيات دولية تفضي إلى السماح لتركيا باحتلال المدينة، كما جرى سابقاً في عدة مناطق من شمال وشرق سوريا.

وأضاف أن تلك الاتفاقات مع القوى الدولية جعلت الأمر يبدو وكأنهم يعطون “الشرعية” للعمليات العسكرية التركية، بينما الحقيقة هي أن “العيش مع هذه المجموعات المسلحة أشبه بالعيش ضمن غابة، القوي في مناطق سيطرتها يأكل الضعيف”، حسب تعبيره.

“موقع تجاري”

وقال علي الصغير (39عاماً)، وهو صاحب محل لبيع المواد الغذائية في مدينة منبج، إن “التصعيد التركي على جبهات منبج في الفترة الأخيرة بشكل شبه يومي زاد المخاوف من تحرك مفاجئ لاستهداف المدينة أو احتلالها”.

ورأى أن لتركيا رغبة في “احتلال” مدينة منبج، كونها من أكبر مدن الشمال السوري وعقدة مواصلات بين مناطق شرق الفرات وغربه، بالإضافة لموقعها التجاري المميز.

ولفت “الصغير” إلى أن الحركة التجارية في المدينة تأثرت طيلة الفترة السابقة بالتهديدات التركية، “بين كل فترة وأخرى تهدد تركيا ورئيسها باحتلال منبج، فينعكس الأمر سلباً على أعمالنا وتجارتنا لتسود حالة من الركود في أغلب محال السوق”.

لكن عيسى الحسين (30عاماً)، وهو من سكان منبج، قال إن التهديدات التركية لاجتياح المدينة التي بدأت عقب طرد تنظيم داعش) منها عام 2016، تؤكد أن ” تركيا لم ترد خروج التنظيم من منبج”.

وكانت قوات سوريا الديمقراطية قد بدأت بحملة عسكرية مدعومة جوياً من قوات التحالف الدولي في بداية حزيران/ يونيو من عام 2016، لطرد تنظيم “الدولة” من منبج، وبعد معارك طاحنة دامت قرابة شهرين ونصف، تم الإعلان في /15/ من آب/ أغسطس من العام نفسه عن طرد مسلحي التنظيم منها.

“لندن الصغرى”

وقال شرفان درويش، الناطق الرسمي باسم مجلس منبج العسكري، لـ”نورث برس”، إن تركيا كانت ترفض “بشكل قطعي” القيام بأي حملة عسكرية لتحرير منبج من داعش”، إلى أن تم تغيير موقفها بعد لقاءات بإشراف التحالف الدولي.

ويرى درويش أن “تحرير مدينة منبج من داعش كانت الشعرة التي قصمت ظهر البعير بالمدينة، حيث كانت المدينة نقطة الوصل بين عناصر وخلايا التنظيم فمن خلالها كان التنظيم يرسل عناصره إلى تركيا، من ثم إلى الدول الأوروبية للقيام بأعمال إرهابية”.

وأضاف: “وكان التنظيم يستقدم عناصره من الخارج عبر تركيا إلى مدينة منبج من ثم إلى باقي المدن السورية وصولاً للعراق، فمدينة منبج كانت تسمى  بـ(لندن الصغرى) لكثرة المهاجرين الأجانب فيها”.

وعن الوضع الأمني في مدينة منبج بعد طرد تنظيم “الدولة” منها، لفت الناطق الرسمي باسم مجلس منبج العسكري إلى أنهم واجهوا العديد من التحديات في “بداية التحرير منها المحافظة على الوضع الأمني والاستقرار في المدينة، فخلايا التنظيم النائمة كانت نشطة، إضافة لخطر التهديدات التركية التي لا تزال قائمة حتى الآن وتهدد بنشر الفوضى وعدم الاستقرار فيها”.

وازدادت التهديدات التركية باجتياح منبج أكثر بعد مرور خمسة أشهر على طرد تنظيم (داعش) منها، “وحاولت الهجوم على المدينة من جهة ناحية العريمة غرب منبج، لكن الهجوم باء بالفشل، كما بدأت قوات الحكومة السورية بدعم روسي بالتقدم إلى تخوم منبج الجنوبية عند ناحية الخفسة لكنها لم تنجح”، بحسب ما ذكره “درويش”.

 تفجيرات واستهداف متكرر

من جانب آخر، قال الناطق الرسمي باسم مجلس منبج العسكري أن المشكلات الأمنية مثل “التفجيرات الإرهابية واستهداف قيادات في المجلس العسكري والإدارة المدنية، “لا تزال قائمة، لكنه اعتبر أن نسبتها في مدينة كبيرة مثل منبج أصبحت حالياً “قليلة ولا تذكر”.

وكانت مدينة منبج قد شهدت، بعد طرد تنظيم “الدولة” منها، العديد من التفجيرات، راح ضحيتها العشرات من المدنيين، أبرزها التفجير الذي استهدف مطعم “الأمراء” وسط المدينة في الـ/16/ من كانون الثاني/ يناير العام الماضي، والذي أسفر عن فقدان عشرة أشخاص لحياتهم، بالإضافة لجنديين أمريكيين وموظف مدني في وزارة الدفاع (البنتاغون) كان متعاقداً مع الجيش الأمريكي في سوريا.

فيما استهدف انفجار في الـ/16/ من شهر أيار/ مايو من العام الماضي مركزاً لقوى النجدة في مدينة منبج، راح ضحيته /20/ عنصراً بين قتيل وجريح، “ويعتبر التفجيران من أكثر التفجيرات دموية في المدينة منذ تحرير منبج”، حسب ما قاله درويش.

وأشار شرفان درويش إلى أن التهديدات التركية لاجتياح مدينة منبج ازدادت أكثر بعد الاتفاق مع قوات الحكومة السورية والقوات الروسية في الـ/14/ من شهر تشرين الأول/ أكتوبر العام الماضي والقاضي بانتشار حرس حدود يتبعون للحكومة السورية على طول الحدود المتاخمة لمناطق سيطرة القوات التركية وبقاء الواقع الإداري داخل المدينة تحت إشراف الإدارة المدنية.

واستهدفت القوات التركية، من إحدى قواعدها العسكرية بمنطقة “درع الفرات”، مطلع آذار/ مارس الماضي، مركز التنسيق الروسي في بلدة العريمة بريف منبج، ما أسفر عن فقدان أربعة جنود من القوات الحكومية لحياتهم ووقوع جرحى في صفوف المدنيين.

وكان قصف تركي قد طال قرية الياشلي بريف منبج، في الـ/27/ من تموز/ يونيو الماضي، وتسبب بفقدان خمسة مدنيين لحياتهم وإصابة أربعة آخرين، جلهم من الأطفال والنساء .

https://youtu.be/ZU3L0aBI8hM