ظروف اقتصادية واجتماعية يعاني منها مهجرو تل أبيض في كوباني

كوباني – فتاح عيسى – نورث برس

يعاني مهجرو منطقة تل أبيض الذين يقطنون في مدينة كوباني، شمالي سوريا، من ظروف اقتصادية واجتماعية صعبة بعيداً عن منازلهم وقراهم، في ظل ما تشهده المنطقة من تدهور الوضع المعيشي بسبب انهيار الليرة السورية أمام سعر صرف الدولار وعدم توفر فرص عمل، وذلك بعد أن تركوا أثناء رحلة نزوحهم كل ما كان يملكونه من أراضي ومنازل،.

وقال محمد خليل (57 عاماً)، وهو مهجر من ريف تل أبيض ويقطن في مدينة كوباني، إن أوضاعهم الاقتصادي أصبحت سيئة، “بعد أن تركنا أراضينا وموردنا الأساسي الزراعة”.

وأضاف: “أبناء قريتي اضطروا لمغادرتها وتفرقوا بين مدن منبج والرقة وكوباني بسبب سيطرة تركيا وفصائل المعارضة المسلحة التابعة لها عليها”.

وشنت تركيا مع فصائل المعارضة السورية المسلحة التابعة لها في التاسع من شهر تشرين الأول/ أكتوبر من العام 2019 هجوماً برياً وجوياً على مناطق شمال وشرقي سوريا، انتهت بسيطرتها على مدينتي تل أبيض/ كري سبي رأس العين/ سري كانيه وأجزاء كبيرة من ريفيهما.

ولفت “خليل” إلى أنه كان يعمل بزراعة القمح والشعير والذرة والقطن، “كانت أوضاعنا المادية جيدة بينما نعيش حالياً عاطلين عن العمل في كوباني،  كما أن المهجرين من المنطقة بشكل عام يعانون من ظروف اقتصادية صعبة”.

وبحسب ما يذكره، فإن “أغلب المهجرين من منطقة تل أبيض يضطرون لدفع آجارات مرتفعة تتراوح ما بين/50/ و/70/ ألف ليرة شهرياً، فيما يقطن آخرون لدى أقاربهم في ظل ظروف اقتصادية صعبة”.

وتسببت العملية العسكرية التي شنتها تركيا وفصائل المعارضة السورية المسلحة على مناطق في شمال وشرق سوريا بتهجير أكثر من /300/ ألف شخص، وفق إحصائيات الإدارة الذاتية في شمال وشرقي سوريا.

من جهته، قال مصطفى علو (59 عاماً)، وهو مهجر من قرية تنوزة بريف تل أبيض الغربي ويسكن في منزل آجار في مدينة كوباني، إن المشكلة الأبرز في كوباني هي عدم توفر فرص عمل في ظل التدهور المعيشي، ” فأنا أبحث طوال اليوم عن عمل لكن دون جدوى”.

ولفت إلى أنه قبل سيطرة تركيا مع فصائل المعارضة المسلحة التابعة لها على قريته، كان يعمل في الأراضي الزراعية والسقاية لدى المزارعين ويقيم في منزله بالقرية، حيث كان يستطيع إعالة أسرته المؤلفة من تسعة أشخاص، القرية، “ولكنني تركت كل ما أملك خلفي أثناء فراري من القرية بسبب الحرب”.

وبحسب “علو”  فإن “المنظمات الإنسانية كانت تقدم لنا المساعدات الغذائية مع بداية نزوحنا ولكن المساعدات توقف حالياً”.

وأضاف أنه يعاني صعوبات في تأمين احتياجات عائلته، “حتى ربطة الخبز تصلني من خلال فرن يوزع الخبز مجاناً على المهجرين والفقراء”.

وأثناء تهجير سكان منطقتي رأس العين وتل أبيض إلى كوباني، قامت عدة منظمات عاملة في المدينة (people in need،  منظمة DCA،  منظمة AVC ومنظمة أطباء بلا حدود) بتوزيع مساعدات غذائية وفرش وأغطية ومستلزمات الأطفال على المهجرين.

ولكن حالياً تقوم منظمتان فقط بتوزيع المساعدات على المهجرين، هما منظمة ”  “AVCالتي تقوم بتوزيع الخبز بشكل يومي مجاناً على المهجرين من رأس العين وتل أبيض وعفرين وبعض ذوي الدخل المحدود من كوباني، بينما تقوم

منظمة “كونسيرن” بتقديم بتوزيع قسائم غذائية على بعض المهجرين بين فترة وأخرى.

وتتوزع قرابة /1500/ عائلة مهجرة من منطقة تل أبيض في مدينة كوباني وريفها، بحسب هيئة الشؤون الاجتماعية والعمل في إقليم الفرات.

ولا يختلف حال محمد بوزو (52 عاماً)، وهو مهجر من مدينة تل أبيض عن سابقه، فهو يعاني من البطالة في ظل ارتفاع سعر صرف الدولار الذي كان له التأثير الأكبر على وضعهم المعيشي حالياً، “لم نذق اللحم منذ ستة أشهر بسبب ارتفاع الأسعار”.

ورأى أنه “لم يكن هناك فرق بين القوميات والمكونات في تل أبيض ، العربي والكردي والأرمني والمسيحي والتركماني، حيث كانت تعيش تلك المكونات في سلام ووئام قبل أن تشن تركيا هجوماً عليها في العام الفائت”.

وأضاف أن أصحاب مهن البناء والكهرباء والصحية والدهانفي تل أبيض كانوا يتمتعون بأوضاع معيشية جيدة قبل سيطرة تركيا حيث كانت فرص العمل متوفرة، “ولكن حالياً يعاني أغلبهم من البطالة بعد نزوحهم وتشردهم بعيداً عن أصدقائهم وأقربائهم”.  

ويطالب بوزو “المسؤولين والرؤساء ووجهاء العشائر التدخل لحل مشكلة المهجرين عن منطقتهم كي يعودوا إلى أراضيهم وقراهم ومدنهم بضمانة دولية ويجتمعوا بأقربائهم مرة أخرى”.