هواة السُبَّحات الثمينة في دمشق يعزفون عن اقتنائها بسبب الظروف الاقتصادية المتردية

 دمشق – وحيد العطار – نورث برس

يقضي هاني العجمي المعروف بـ(أبو سعيد)، نهاره في سوق السُبَّحات الثمينة بحي القيمرية بدمشق القديمة في لعب النرد مع أقرانه من أصحاب المحلات، بسبب تراجع الحركة الشرائية في ظل الأزمة الاقتصادية الخانقة التي تمرُّ بها العاصمة والبلاد عموماً منذ بدء سريان تطبيق قانون العقوبات الأمريكي “قيصر” في نيسان/أبريل الماضي.

ومنذ عقود اعتاد سكان في العاصمة دمشق على اقتناء سُبَّحات وخواتم ومقتنيات شخصية شبه نادرة من هذا السوق، لكن الكثيرين من هؤلاء الهواة اضطروا للعزوف عن ذلك نتيجة الأزمة الاقتصادية بسبب العقوبات، إضافة إلى  توقف أعمال شرائح مختلفة بسبب الإغلاق الذي يرافق انتشار فيروس كورونا.

وقال “العجمي”، في مقابلة لـ” نورث برس”، إن “اقتناء مسبحة وخاتم فضة ملّبس بحجر كريم، كان يُعتبر عرفاً لدى الدمشقيين سواء أكانوا من كبار السن أم من الشباب، لكن في ظل الظروف الراهنة أصبحت محلاتنا خالية من الزبائن. كنا سابقاً نبيع وسطياً بين /10/ و/20/ مسبحة يومياً، لكن الآن تمرُّ أيام ولا نبيع مسبحة واحدة حتى”.

لكن الملفت بالنسبة لأصحاب هذه المحلات هو قيام بعض السكان مؤخراً ببيع مقتنياتهم الخاصة بدل الشراء، وفقاً للعجمي وأصحاب محلات في سوق القيمرية.

نذير العلي، وهو أب لثلاثة أطفال، وأحد الذين اضطروا إلى بيع مقتنياتهم الخاصة، فقد جاء صباح هذا اليوم إلى السوق لبيع سبحة والده الثمينة المصنوعة من المرجان التونسي ليتمكن من “شراء الحليب لطفله الرضيع وبعض الحاجيات الأساسية لعائلته”.

وقال “العلي”: “رغم إنها كانت ذكرى غالية من والدي ولم أتصوّر يوماً أن أفرّط بها، لكن لم أستطع رؤية طفلي الرضيع جائعاً”.

وبعد مساومة أصحاب المحلات، قام ببيع السبحة بـ/200/ ألف ليرة سورية (ما يعادل نحو 100 دولار أمريكي)، لكنه قال” إنها تساوي أكثر من هذا السعر بكثير. لكن لم يدفع أحد لي أكثر من هذا السعر”.

سبحة مصنوعة من سندلوس مسكي ألماني وهي من أغلى الأنواع

ويتم تصنيع السبحات الثمينة بعد خراطة أحجار كريمة كالعاج واليسر والمرجان والفيروز والكوك والزمرد والكهرمان والمسكي والعقيق والياقوت، وتحويلها لحبات متفاوتة القياسات تبعاً لحجم السبحة، ليتم تطعيمها بمواد أخرى مثل التاج أو ما يُطلق عليه باللغة المحكية “الشرابية”.

وغالباً ما يتم صنع “الشرابية” من معادن ثقيلة كالفضة والذهب أو من معادن أقل قيمة كالنحاس والقصدير، إضافة إلى ما تُعرف بالفواصل التي تضاف لعملية صناعة السبحة.

وفي حالات أخرى يتم تطعيم أحجار السُبَّحات وزخرفتها بالفضة مثل طلي أجزاء من حبة حجر اليسر بالفضة وزخرفة سن الفيل بالفيروز والكهرمان.

وليس هناك تسعيرة رسمية موحّدة للسُبَّحات الثمينة، وغالباً ما يتم تسعيرها على حسب مزاج البائع ومدى قابلية الشاري للدفع.

وقال علي الحسين، وهو صاحب محل لبيع السُبَّحات ومقتنيات فضية، لـ”نورث برس”، إنه “ليس هناك تسعيرة محددة للمسابح، فهاوي المسبحة عندما تعجبه يكون غالباً مستعداً لدفع المبلغ الذي نطلبه منه. طبعاً ذلك كان في الماضي”.

وتنتشر في أسواق العاصمة أنواع للسُبَّحات مصنوعة من أحجار مستنسخة على طريقة الأحجار الكريمة بأسعار أقل، تُصنع معظمها من عظام الحيوانات، ويبلغ متوسط سعرها بين /15/ و/60/ ألف ليرة سورية، فيما تبدأ أسعار السبحات الأصلية المصنوعة من الأحجار الكريمة من /400/ ألف ويصل سعر بعضها إلى ملايين الليرات.