ازدياد حالات الطلاق في السويداء بين المستوى المعيشي المتدني والزواج المبكّر
السويداء – نورث برس
ارتفعت نسب حالات الطلاق في محافظة السويداء منذ العام 2011، كأحد التأثيرات التي خلّفتها الحرب خلال السنوات الماضية من تفكك في النسيج الاجتماعي للمنطقة، وسط تباين الآراء حول الأسباب التي تتراوح بين المستوى المعيشي المتدني والزواج المبكّر وانتشار ظواهر اجتماعية “خطيرة” كالعنف الأسري والإدمان على الكحول والمخدرات، حسب سكانٍ وحقوقيين من المنطقة.
وتروي جيهان (اسم مستعار) البالغة من العمر /25/ عاماً، كيف وصل بها الحال إلى الطلاق بعد زواجها من شخص اختارته بنفسها، “تزوجتُ قبل عامين من شابٍ جمعتني به قصة حب، وبعد الزواج، بدأت المشاكل بيننا لعجزه عن تأمين أدنى مستلزمات العيش”.
وأضافت جيهان التي تسكن في مدينة السويداء، لـ”نورث برس”، أنها حاولت مساعدة زوجها في تأمين متطلبات المعيشة، “لم أتخلّى عن زوجي بسبب الفقر، بل حاولت إيجاد عملٍ لمساعدته في تحسين حياتنا، ولكنه رفض معتبراً عملي إهانة له، وأنّه المسؤول عن تأمين مصاريف بيتنا الصغير”.
وتروي الزوجة أن زوجها استلم قرضاً، وفتح به محلاً لبيع الخضار والفواكه، “لكن المصيبة أنه بدأ يدخّن الحشيش مع رفاقه، وما كان يجنيه من العمل، راح ينفقه على شراء المشروبات الكحولية والحشيش، متناسياً أنّ هناك زوجةً تنتظره في المنزل، فدفعني ذلك لطلب الطلاق، وهذا ما حصل”.
وقال ماجد بكري (١٩عاماً)، من سكان مدينة شهبا في ريف السويداء، لـ”نورث برس”، أنه تزوج من أول فتاة أحبّها، كان عمرها /18/ عاماً، “والدي شجّعني على الزواج من الفتاة، لأن لديه علاقات عمل تجارية ومصالح متبادلة تربطه بوالدها”.
وأضاف: “بعد مضي ستة أشهر على زواجي، شعرتُ بأني فقدت تلك المشاعر التي كنت أكنّها لها، ولم تعد تلك الجذابة في نظري، بالإضافة إلى خلافاتنا على أمور تافهة وصغيرة”.
ويرى الشاب أنه تزوج مبكّراً قبل أن يدرك معنى تكوين عائلة، “ما زلت صغيراً على الزواج، ولا أدرك معنى الأسرة، وماذا يعني بناء أسرة، فما كان لنا إلا الافتراق والطلاق”.
وقال المحامي ثروت الأباظة (٤٤عاماً)، والذي يعمل في المحكمة المذهبية الدرزية التابعة لمحكمة أصول الأحوال الشخصية، والمتخصّصة بشؤون الزواج والطلاق والميراث، لـ”نورث برس” إن “حالات الطلاق التي تزايدت في السنوات الأخيرة، كانت تقع على أشخاص حديثي الزواج والذين تتراوح أعمارهم بين /١٨/ و/٣٢/ سنة”.
وأضاف أنّ أسباب الطلاق متعددة، منها إقدام بعض الشباب على الزواج رغم عجزهم عن تأمين سُبل العيش الكريمة، حسب تعبيره.
كما اعتبر “الأباظة” أن “الاستخدام السلبي لوسائل التواصل الاجتماعي التي يتعامل بها أحد الزوجين، تسبب حالة من الاغتراب العاطفي والتباعد النفسي بين الأزواج”.
وأضاف أن “معاناة أحد الزوجين من ظاهرة الإدمان الكحولي أو تعاطي المخدرات، والتي انتشرت بشكل كبير في المجتمع، والخيانة الزوجية والعنف الأسري سواء كان جسدياً أو لفظياً، هي أيضاً من أسباب تزايد ظاهرة الطلاق”، حسب تعبيره.
وأشار إلى أنّ “الظروف الاقتصادية والمعيشية الصعبة التي تمرُّ بها مجتمعاتنا، تدفع الشباب إلى الإحباط، كما أن عدم قدرتهم على إعالة زوجاتهم، قد يدفعهم إلى الانسحاب من الحياة الزوجية، والخشية من إنجاب أطفال لا طاقة لهم في إعالتهم وتربيتهم كما يجب”.
وقال موظف في قصر العدل بمدينة السويداء، طلب عدم الكشف عن هويته، لـ”نورث برس”، إن نسبة حالات الطلاق بلغت منذ بداية عام ٢٠٢٠ حتى تاريخ ١٨/٨/٢٠٢٠، في محكمة الأحوال الشخصية داخل قصر العدل، /٤٨٧/ حالة طلاق بائنة، ونحو /٦٠٨/ دعوى طلاق منظورة في سجلات المحكمة (المذهبية)، لم يبت القضاء بها بعد، على حدِّ قوله.
وأضاف أنّه بالمقارنة مع الأعوام السابقة، تُعتَبر الأرقام مرتفعة، ففي عام ٢٠١٩، تم تسجيل /٤٩٢/ حالة طلاق، وفي عام ٢٠١٨، سُجِّلت /٤٨٨/ حالة.
وأشار إلى أن أعداد حالات الطلاق تزداد منذ العام 2011، والتي سجّلت فيها /٢٤٧/ حالة طلاق أقرّتها المحكمة المذهبية التابعة لمحاكم الأحوال الشخصية في قصر العدل بالسويداء.
وقال رئيس المحكمة المذهبية بالسويداء، القاضي إنصاف جربوع، لـ”نورث برس”: “إن الأرقام المتصاعدة لتلك الحالات خير دليل على انتشار ظاهرة الطلاق، ورغم أنّ الروافع الحقيقية لبقاء واستمرار الحياة الزوجية، هي خلق بيئة اقتصادية مستقرة لكلا الطرفين، إلّا أنّ الابتعاد عن الزواج المبكّر للذكور والإناث، وخاصة في مرحلة المراهقة، وزيادة التعلّم والثقافة للشباب، وتوفير العمل والمسكن اللائقين، كلها روافع قد تدفع إلى كبح جماح الطلاق إلى حدٍّ ما داخل المجتمع”.