“لا تستهينوا بكورونا”… فتاة دمشقية تروي تجربتها مع كورونا

دمشق – صفاء عامر – نورث برس

لم تتوقع لانا (اسم مستعار) أن خروجها لإنجاز مشروع تخرّجها من كلية الإعلام بجامعة دمشق، سيتسبب بإصابتها بفيروس كورونا، لتغدو جزءاً من الحدث بدل أن تنقله كصحفيّة، لتتمكن أخيراً من الانتصار على “عدوٍ يجب ألا يُستهان به”، وفق قولها.

وأُصيبت لانا (23 عاماً)، من سكان العاصمة دمشق، بفيروس كورونا مطلع الشهر السابع أثناء تصويرها لفيلم مشروع تخرّجها، حيث اُضطرت حينها للبقاء /12/ ساعة خارج المنزل لإتمام التصوير متنقلةَ بين عدة أماكن في العاصمة السورية دمشق.

تتذكر الفتاة الشابة، التي تقيم مع والدتها وجديْها لوالدتها بعد انفصال والديها، إصابتها: “الخوف غريزة في الإنسان، ولا أنكر أنني شعرت به، لكنه كان الخوف على عائلتي، لأني مؤمنة بالله”.

وتعلّل لانا، في حديثها لـ”نورث برس”، عدم ارتدائها للكمامة بخوفها من أن تتسبب بالمزيد من ضيق التنفس التي تعاني منه سابقاً بسبب الربو.

وتضيف: “لكنني التزمت بتعقيم يديّ والتباعد الاجتماعي بالمحافظة على مسافةٍ بيني وبين الآخرين عوضاً عن الكمامة”.

وكشفت موقع “الوطن أونلاين”، الذي يتبع لصحيفة “الوطن” السورية، أمس الثلاثاء، عن وفاة /13/ مدرساً من أعضاء الهيئة التدريسية في جامعة دمشق بسبب إصابتهم، في الفترة التي سبقت عيد الأضحى، بفيروس كورونا المستجد.

ورغم ظهور الأعراض عليها، لم يخطر ببالها، حسب قولها، أنه فيروس كورونا، بل اعتقدت أن التعب قد نال منها بسبب ساعات التصوير المتواصلة، وأن السعال نتيجة تغيّر الطقس، لا سيما أنها تعاني منه في معظم أوقات السنة.

وطلب الطبيب من لانا بعد اتصالها به، أن تلتزم المنزل تحسباً لأي أعراض أخرى، لكنه طمأنها أنها تعاني حالياً فقط من تشنج في القصبات، وهو ما يصيبها بالعادة.

تقول لانا: “الوجع كان مبرحاً، ألم المفاصل أصعب من وجع الأسنان، الأدوية والإبر التي أخذتها لم تخفف سوى شيء بسيط من الوجع”.

وعن الحجر المنزلي أضافت: “لا أدري كيف كان الوقت يمرُّ مع النظر نحو سقف الغرفة والنوم ثم النوم مجدداً طوال الأيام الأولى، كانت غرفتي ملاذي الوحيد، هي أشبه بالوطن، احتضنتني خلال نكستي”.

وابتعدت المصابة عن مواقع التواصل الاجتماعي بسبب التهويل فيما ينشر عليها، وذلك بناءً على نصيحة أحد الأصدقاء، لكنها بقيت متصلة بالإنترنت لتستفيد من خلال موقع اليوتيوب من دروس لتعليم اللغة الانجليزية ولتطوير مهاراتها الإعلامية أيضاً، والاستماع للموسيقا التي تقول إنها كانت علاجاً روحياً لها.

ولفتت لانا إلى أنها تعرضت كعدد من مصابي كورونا للتنمّر من أحد الأصدقاء، “عندما أخبرته بظهور أعراض الفيروس، انتابه الضحك، ما أثّر عليّ بشكل سلبي في بادئ الأمر”.

لكنها من ناحية أخرى لاقت الدعم من أفراد عائلتها الذين وقفوا معها “من خلف باب غرفتها، بالإضافة لبعض الأصدقاء الذين أكدوا لها أنها قوية وستُشفى، “كان لكل ذلك دور إيجابي في رفع معنوياتي خلال معركتي مع كورونا”.

وأصدرت جامعة لندن للاقتصاد نتائج بحث عن احتمالات انتشار كورونا في سوريا، قدّرت فيه عدد الإصابات في جميع أنحاء البلاد في نهاية الشهر الماضي بنحو /35,500/ إصابة.

وقالت الدراسة إنه من الممكن أن “تواجه سوريا نتائج كارثية بسبب الانتشار الواسع لفيروس كورونا، كما يمكن أن يهدد هذا الأمر الأمن الصحي الإقليمي والعالمي”.

وكانت والدتها، طيلة فترة حجرها بغرفتها، تضع الأغراض لها قرب باب الغرفة، ولم تكن تخرج إلا إلى الحمام، وكانت والدتها تسارع لتعقيم الأدوات والأمكنة فور استخدامها لها، كما بقيت لمتابعة حالتها على تواصل يومي مع الطبيب الذي وصف لها الأدوية وكان ينصحها بالإكثار من شرب الفيتامينات والسوائل الساخنة، حسب قولها.

واستمر أصدقاؤها وأقاربها بالاتصال بها وبأهلها للاطمئنان عليها ومساندتها  حتى عادت لها حاستا الشم والذوق وبدأت الأعراض والآلام بالانحسار.

وتعتبر المصابة المتعافية أنها عادت للحياة من جديد بعد انتصارها على “عدوٍ يجب ألا يُستهان به”.

“تجربتي مع كوفيد-19 كانت من أصعب التجارب التي مررت بها خلال حياتي، للحظات فكرت أني سأنفصل عن الحياة، كنت أتخيّل حال أمي إن فقدتني، لكنني استطعت التغلّب على الألم والانتصار عليه لأستكمل وضع اللمسات الأخيرة على مشروع تخرّجي”.

وأعلنت وزارة الصحة في الحكومة السورية، اليوم الأربعاء، أن الحالات النشطة للمصابين بدمشق بلغت /419/ حالة من إجمالي /1340/ إصابة نشطة بسوريا، بينما سجلت الوزارة أمس الثلاثاء /80/ إصابة جديدة بفيروس كورونا ما يرفع عدد الإصابات المُسجَّلة في مناطق سيطرة الحكومة السورية إلى /1844/ إصابة.