عشرات المواقع الأثرية عرضة للنهب ضمن مناطق سيطرة تركيا شمال الحسكة
تل تمر – دلسوز يوسف – نورث برس
يؤكد مسؤولو الإدارة الذاتية لشمال وشرق سوريا أن الكثير من المواقع الأثرية في منطقة سري كانيه الخاضعة لسيطرة الجيش التركي والفصائل المعارِضة المسلّحة التابعة لها، باتت عرضة للتخريب وعمليات تنقيب غير مشروعة دون تمكّن دائرة الآثار في الحسكة من توفير الحماية لها نتيجة حالة الفوضى التي تمرُّ بها المنطقة.
وقال عدنان بري، مدير دائرة الآثار التابعة للإدارة الذاتية في الحسكة، لـ”نورث برس”، إن المواقع الأثرية في منطقتي سري كانيه وتل أبيض “باتت تحت الخطر” بعد سيطرة الجيش التركي وفصائل المعارضة التابعة له عليها.
وذكر أنهم رصدوا مؤخراً حفريات في المواقع الأثرية بواسطة آليات ثقيلة وسط سرقةٍ للآثار وأعمال تخريب طالت تلك المواقع، وهذه الأعمال “لها خلفيات سياسية لأن هذه المواقع الأثرية شاهدة على حضارة وعراقة شعوب هذه المنطقة”، على حدِّ قوله.
وتتمتع مناطق الجزيرة السورية بأهمية كبيرة لاحتوائها على /1043/ موقعاً أثرياً، وفق إحصائيات رسمية لوزارة السياحة والآثار السورية، معظمها مدرجة على قائمة منظمة الأمم المتحدة للتربية والعلوم والثقافة (يونيسكو)، وتعود التماثيل والمنحوتات التي عُثر عليها في هذه المواقع إلى حقب تاريخية متنوعة.
ويبلغ عدد المواقع الأثرية في الجغرافية التي سيطرت عليها تركيا في سري كانيه وتل أبيض في تشرين الثاني/ نوفمبر من العام الفائت /60/ موقعاً، من ضمنها ثمانية من أهم المواقع الأثرية في سوريا وأبرزها موقع تل حلف الأثري على ضفاف نهر الخابور، /3/ كم غرب مدينة سري كانيه، بحسب دائرة الآثار في الحسكة.
وأضاف “بري” أن هيئة الآثار في الإدارة الذاتية لم تتمكن من توثيق معظم حالات الانتهاك في المواقع الأثرية في المنطقة الخاضعة لسيطرة تركيا لصعوبة الوصول إليها.
كما أشار إلى أن مصادرهم المتواجدة ضمن تلك المناطق لا تتمكن من التقاط الصور لها بسبب تخوفهم من الاعتقال والتهديد أو القتل.
وشدد على أن عدداً من المواقع الأثرية ضمن مناطق سيطرة المعارضة “تعرضت للنبش بطرق بدائية وتم بيع محتوياتها للتجار ونقلها إلى خارج البلاد”.
ولفت مدير دائرة الآثار في الحسكة إلى أن حالة الفوضى العارمة ضمن المناطق الخاضعة لسيطرة الفصائل الموالية لتركيا ليست بجديدة، وأنهم شهدوا حالات اتجار بالقطع الأثرية وسرقتها وحفر التلال الأثرية وبيع القطع في مدينة عفرين بعد سيطرة الفصائل المدعومة تركياً عليها في العام 2018.
وكان معبد عين دارا الأثري أول ضحايا القصف التركي بحسب المدرسة الأمريكية للأبحاث الشرقية ASOR)) التي أوضحت، في تقرير لها قبل عامين، استهدافه من جانب الطيران التركي وكيف أن الغارة ألحقت به أضراراً بليغةً ناهيك عن استهداف الطيران والمدفعية التركية في وقت لاحق لمواقع النبي هوري و براد ودير مشمش، بحسب التقرير.
وبالإضافة للمواقع التي سيطرت عليها تركيا، باتت الكثير من المواقع الأثرية الواقعة على خطوط التماس بين قوات الحكومة السورية وفصائل المعارضة المسلحة التابعة لتركيا في ريف الحسكة الشمالي غير محمية بسبب مخاطر الاقتراب من تلك المنطقة.
وبحسب مدير دائرة الآثار التابعة للإدارة الذاتية في الحسكة، فإنه يصعب الوصول إلى /25/ موقعاً أثرياً على خطوط التماس مع الفصائل المسلّحة، “ويصعب علينا كمؤسسة الوصول إلى هذه المواقع وحمايتها”.
وكانت مديرية الآثار قد وضعت، قبل هجمات الجيش التركي وفصائل المعارضة المسلّحة على منطقة سري كانيه في تشرين الأول/أكتوبر 2019، لكل منطقةٍ حارساً متنقلاً لتفقّد عدد من المواقع الأثرية، “مهمته الاطلاع على المواقع يومياً وحمايتها من عبث الأشخاص الذين يعملون في تجارة الآثار”، وفقاً للمديرية.
ويواظب صالح سلو (40 عاماً)، وهو حارس معتمد لمواقع بريف بلدة تل تمر شمال الحسكة، على الاطلاع على حال المواقع الأثرية ضمن منطقته بشكل دوري، لإعلام دائرة الآثار في الحسكة بالمستجدات التي قد تطرأ على تلك المواقع، خاصةً أثناء حدوث قصف في المنطقة.
وعلى بعد /7/ كيلومترات غرب بلدة تل تمر، يعاين “سلو” موقع ” تل سكر الأحيمر” الأثري والواقع على خطوط التماس بين قوات الحكومة السورية وفصائل المعارضة المسلّحة التابعة لتركيا.
ويقول الحارس المتنقل، لـ”نورث برس”، إن الموقع غير محمي حالياً بسبب صعوبة الوصول إليه بشكل يومي، “لأن المنطقة تشهد بين الحين والآخر سقوط قذائف هاون من قبل الجيش التركي”.
وكانت بعثة يابانية قد عملت في التنقيب بموقع “تل سكر الأحيمر” الأثري قد قالت إن تاريخه يعود إلى ثمانية آلاف عام قبل الميلاد، بحسب دائرة الآثار في الحسكة.