تراجع حركة العمران في كوباني منذ انهيار قيمة الليرة وتطبيق عقوبات “قيصر”

كوباني – فتاح عيسى- نورث برس

تشهد مدينة كوباني، شمالي سوريا، تراجعاً في حركة البناء وتجارة العقارات منذ تطبيق قانون قيصر وارتفاع سعر صرف الدولار أمام الليرة السورية، ما أدى لتضرر عمال كانوا يعتمدون على مشاريع البناء في معيشتهم.

ويأتي هذا التراجع منذ حوالي أربعة أشهر بعد أن شهدت المدينة نشاطاً ملحوظاً في قطاع البناء خلال عامي 2018 و2019، ليصعب استئناف العمل وخاصة في المشاريع التي تُستَكمل بعد الهجمات والتهديدات التركية أواخر العام الفائت، بحسب مقاولين وعاملين في مجال البناء.

وقال أحمد شيخو (41 عاماً)، وهو صاحب معمل بلوك منذ أكثر من عشر سنوات، إنه اضطر إلى “تخفيض عدد الأيدي العاملة وتقليل الإنتاج، بسبب نقص الطلب على مواد البناء والبلوك نتيجة تراجع حركة البناء وبيع وشراء العقارات”.

وأعاد ارتفاع أسعار المواد إلى انهيار قيمة الليرة السورية وتطبيق قانون “قيصر” الذي أثَّر بشكل سلبي على عملهم.

وأشار “شيخو” إلى أن أغلب مواد البناء ومواد صناعة البلوك ومواد البناء الأساسية من الحديد والإسمنت يتم تسعيرها بالدولار، الأمر الذي أدى إلى تخفيض الإنتاج في معمله من /3000/ بلوك يومياً، إلى نحو /1000/ بلوكة تقريباً.

وأضاف أن “معظم السكان تراجعوا عن بناء العقارات، لأنهم يتقاضون مداخيلهم بالعملة السورية، ولا يمكنهم شراء مواد يتم تسعيرها بالدولار”.

وكان سعر المتر من مادة البحص الناعم (الزرادة)، قبل الارتفاع الكبير في سعر صرف الدولار منذ حوالي أربعة أشهر، بحدود /2500/ ليرة سورية، ليباع حالياً ما بين /6500/ و/7500/ ليرة، بحسب ما ذكره “شيخو”.

كما يباع البلوك الواحد بأسعار تصل إلى /300/ ليرة سورية بعد أن كانت بسعر يتراوح ما بين /100/ و /110/ ليرات، في حين ارتفع سعر كيس الإسمنت من /2000/ ليرة إلى /9000/ ليرة سورية، وفقاً لقوله.

وكانت أسعار مواد البناء، بالإضافة لأسعار المواد الغذائية والاستهلاكية، قد شهدت ارتفاعاً كبيراً منذ أيار/مايو الماضي بسبب انهيار قيمة الليرة السورية إلى مستوى /3900/ ليرة أمام الدولار الأمريكي الواحد، لتستعيد فيما بعد بعض قيمتها تدريجياً إلى حوالي /2000/ ليرة سورية في عموم مناطق شمال شرقي سوريا.

لكن بعض السكان وأصحاب الأعمال يقولون إن التأثيرات السلبية لانهيار قيمة الليرة وفرض العقوبات الأمريكية لم تنتهِ بهذا التحسّن النسبي في قيمة الليرة السورية.

وقال عنتر محمود (37 عاماً)، وهو “نجار باطون” في مدينة كوباني، إن أعمالهم توقفت فترة بسبب التهديدات التركية ثم تراجعت بنسبة /75/ بالمئة بسبب تطبيق قانون قيصر وارتفاع سعر صرف الدولار، ” قبل ذلك كان عملنا مستمراً بشكل يومي من ورشة إلى أخرى، بينما حالياً نعمل ليومين وننتظر أسبوعين أحياناً للحصول على عمل آخر”.

وأضاف أن ارتفاع أسعار مواد البناء سبب تراجعاً في أعمال البناء في كوباني، ما أدى لتوقف أعمال جميع المهن المرتبطة بحركة البناء بسبب توقفها بشكل شبه كلي.

وخلال الفترة السابقة ، قال ممثل وزارة الخارجية الأمريكية في شمال وشرقي سوريا، السفير ويليام روباك، لـ”نورث برس”، إن “العقوبات لن تستهدف مناطق شمال وشرقي سوريا أو الشعب السوري بل ستستهدف النظام السوري فقط”.

بينما أعرب مسؤولون في الإدارة الذاتية لشمال وشرق سوريا عن قلقهم حيال تأثّر المنطقة الشمالية الشرقية بالعقوبات الأمريكية كونها جزءاً من الجغرافية السورية.

وقال بدران جيا كرد، مستشار الإدارة الذاتية، في وقتٍ سابق لـ”نورث برس”، إن “آليات الإدارة الأمريكية حيال استثناء مناطقنا غير واضحة وملموسة، ولا تزال هناك حركة تجارية مهمة بين هذه المناطق والداخل السوري”.

ويتم تسعير الشقق السكنية في مدينة كوباني بالدولار، “كون أغلب مواد البناء من الحديد والإسمنت يتم شراؤها بالدولار، وبالتالي فإن السكان يشعرون بالفارق الكبير في السعر عندما يحوّلون نقودهم من الليرة السورية إلى الدولار”، وفق مقاولين من كوباني.

وقال مروان شيخ بركل، وهو متعهد بناء وصاحب شركة مقاولات وتعهدات البناء، إن سعر الشقة السكنية في مدينة كوباني ذات مساحة /110/ أمتار مربعة، وصل إلى /24/ مليون ليرة سورية، في حين تباع ذات المساحة الأكبر بـ/30/ مليوناً، “ويرتفع السعر كلما زادت المساحة، بالإضافة للاتجاه والطابق”.

ولفت “بركل” إلى أن أعمال البناء “القليلة” التي تجري الآن هي لمشاريع قديمة لم تُستَكمل سابقاً، بينما لا تتوفر مشاريع جديدة لدى متعهدي البناء عموماً، “وحتى عمليات بيع وشراء الشقق السكنية توقفت بنسبة /75/ بالمئة”.