تركمان منبج والمحافظة على الخصوصية والانفتاح بعد أربع سنوات من طرد “داعش”
منبج – صدام الحسن – نورث برس
قال سكان وممثلون عن التركمان بمدينة منبج، شمالي سوريا، إنهم بعد أربع سنوات من طرد تنظيم “الدولة الإسلامية” (داعش) يستطيعون الانفتاح والتعايش مع مكونات المدينة، إلى جانب العمل على إحياء التراث التركماني والاهتمام بلغتهم وتأسيس جمعيات تمثِّل خصوصيتهم.
وكانت قوات سوريا الديمقراطية قد تمكّنت بدعم من التحالف الدولي، في الـ/15/ من شهر آب/أغسطس من عام 2016، من طرد تنظيم (داعش) من منبج، بعد نحو شهرين ونصف من حملة “الشهيد القائد فيصل أبو ليلى”.
وقال فايز الحيدر (35عاماً)، وهو من أسرة تركمانية، إن التعايش بين مكونات مدينة منبج تعزز بعد طرد تنظيم “الدولة” من المدينة، إذ بإمكان الجميع ممارسة طقوسهم وعاداتهم وتقاليدهم الخاصة عن طريق الجمعيات التي تم افتتاحها في المدينة، “فالمكون الشركسي لديه جمعية خاصة به، وهناك مؤسسة للغة الكردية، وكذلك جمعية خاصة بالتركمان”.
وأضاف أن التركمان في مدينة منبج اليوم يمثّلون أنفسهم أكثر من السابق ويتفاعلون مع باقي عائلات وعشائر المنطقة، “أفراحنا وأحزاننا واحدة، ففي حال وجود فرح أو عزاء بالمنطقة، تتشارك جميع المكونات في ذلك دون أي تمييز بين مكون وآخر”.
ولفت “الحيدر” إلى أن “أبناء المكون التركماني حالياً ممثّلون كغيرهم في كافة مؤسسات الإدارة المدنية في مدينة منبج، سواء أكانت مؤسسات تربوية أم ثقافية أم خدمية”.
ويتوزع التركمان في الريف الشمالي الغربي من مدينة منبج، حيث توجد قرابة عشر قرى تعيش فيها العائلات التركمانية، أما في المدينة، فيقيمون في الأحياء الشرقية، بالإضافة إلى أن غالبية سكان حي “طريق المنكوب” في المدينة هم من التركمان.
ويعمل غالبية التركمان في المدينة بمهنة التجارة وخاصة تجارة المحاصيل الزراعية، بالإضافة لعمل بعضهم في مجال الجزارة، “وغالبية محال سوق الجزارين في منبج للتركمان”، بحسب “الحيدر”.
وفي ظل غياب إحصاءات رسمية عن عدد التركمان في عموم سوريا، وفي منبج بشكل خاص، تقول الجمعية التركمانية في منبج إن نسبة التركمان في منبج وريفها تبلغ /3/ بالمئة من مجمل السكان.
ويُسمّى التركمان الموجودون في منبج ومحيطها منذ بدايات القرن الماضي بـ”تركمان جولاب”، بحسب الجمعية التركمانية في منبج.
وتُعقَد في مدينة منبج اجتماعات أسبوعية لوجهاء التركمان في منبج، بالإضافة لحضور شباب ومثقفين، لمناقشة أوضاع التركمان وحل مشاكل تعترضهم وتقديم مقترحات لتطوير دورهم في المجتمع.
بدورها، قالت عزيزة حمزة (28عاماً)، من المكون التركماني، إن نشر الأفكار والمشاعر العنصرية في بداية الحرب في سوريا كان قد أحدث شرخاً بين المكونات بعد محاولات للعب على وتر الفتن، “وذلك بهدف بث روح الضغينة بين جميع مكونات المدينة”.
وأضافت: “نحن كنساء تركمانيات، عانينا بدورنا التهميش والتمييز والمنع من ممارسة الحقوق والواجبات والعمل في ظل الأنظمة السابقة، “ولكن بعد تحرير منبج، أصبحت المرأة التركمانية أكثر تمثيلاً في المؤسسات المدنية، وأصبح هناك مساواة واضحة بينها وبين الرجل في كل شيء”، على حدِّ تعبيرها.
وتلعب الجمعية التركمانية في مدينة منبج دوراً في دعم الفعاليات والأنشطة المتعلقة بالتركمان، والتي تهدف إلى إحياء التراث التركماني والمحافظة عليه.
وقال سروت صبري، الرئيس المشارك للجمعية التركمانية في مدينة منبج، إن افتتاح الجمعية “جاء بعد جهد وتعب حيث استطعنا تنظيم أنفسنا من جديد بعد كل التهميش الذي تعرضنا له خلال فترة سيطرة الفصائل المسلحة وتنظيم الدولة الإسلامية على المدينة”.
وأشار “صبري” إلى أن المكون التركماني، كغيره من المكونات الأخرى في منبج، تعرض للظلم والاضطهاد، إضافة للتهميش أثناء سيطرة تنظيم “داعش” على المدينة، “وكانت هناك العديد من المحاولات الرامية إلى تعريب التركمان والقضاء على كافة ملامح الثقافة التركمانية بحجة أن الإسلام دعا للمساواة بين الناس وعدم التمييز فيما بينهم”.
وأضاف أن الجمعية التركمانية، والتي تأسست في نيسان/أبريل من عام 2018، تعمل على إحياء اللغة التركمانية عن طريق افتتاح دورات تعليمية في مقرِّ الجمعية، “وبثّ الروح في العادات والتقاليد التركمانية وإعادة الحياة إليها من جديد”.
كما قامت الجمعية بتنظيم محاضرات لتعريف المكون التركماني بتاريخه وجذوره وثقافته، إلى جانب تشكيل فرقة فلكلورية تركمانية تضمُّ شباباً وبناتاً يرتدون الزي التركماني، ويمثّلون التركمان في كافة الفعاليات ضمن مدينة منبج وخارجها، بحسب الجمعية التركمانية.