التعايش الفلسطيني-الإسرائيلي بين الضرورة والعقبات

 رام الله – أحمد اسماعيل – نورث برس

بالرغم من أن أرض فلسطين تشهد صراعاً وجودياً مستمراً منذ عقود، إلا أن هناك دعوات ومحاولات لافتة ظهرت في الفترة الأخيرة للتعايش بين الفلسطينيين واليهود، لكنها اصطدمت دائماً بالأحداث الدموية وتوجهات قيادات كل من الطرفين.

ويستذكر محمود كنعان، وهو لاجئ فلسطيني مسن يقيم في مخيم بلاطة قرب نابلس شمال الضفة الغربية، علاقتهم “القوية والممتازة بجيرانهم اليهود” في القرية التي كان يسكنها قرب مدينة يافا قبل أن يُهجَّر منها، لدرجة أنهم كانوا يتبادلون الزيارات في كافة المناسبات.

وقال الرجل  التسعيني، خلال حديث لـ”نورث برس”، “إن الذي دمَّر العلاقة بين الفلسطينيين واليهود هم العرب وقياداتهم إلى أن نشبت حرب 1948 التي أدت إلى تشريد الفلسطينيين ولجوئهم”.

لكن شاباً، كان جالساً على عتبة الطريق في زقاق المخيم، قاطع حديث اللاجئ بالقول: “لا تسمع له.. إنه يهذي بسبب كبر سنه”.

والواقع، أنه بالرغم من وصول العلاقة الفلسطينية-الإسرائيلية إلى أكثر حالاتها توتراً الآن وبالترافق مع قتامة المستقبل والمشهد السياسي، إلا أن من يمر بقرية فلسطينية مثل حزما قرب القدس، أو قرب بيت لحم والخليل وقلقيلية، سيرى مشهداً على النقيض من هذه الحال حينما يفضل إسرائيلي المجيء إلى فلسطيني ليقوم بتصليح مركبته، وهو مشهد يوحي بقدر نسبي من الثقة والتعايش بين الرجلين الإسرائيلي والفلسطيني.

وقال حسين الديك، وهو كاتب فلسطيني ومهتم بمتابعة موضوع التعايش، في حديث لـ”نورث برس”، إن هناك مشكلة حقيقية في قضية التعايش، “تكمن في أن الحكومات الإسرائيلية تريد أن تأخذ كل شيء ولا تعطي شيئاً للفلسطينيين”.

ورأى أن التعايش بين الفلسطينيين والإسرائيليين يمكن أن يتحقق بمعناه الحقيقي في حالة واحدة فقط، وهو تحقيق “المواطَنة الكاملة للفلسطينيين والإسرائيليين ضمن دولة واحدة ثنائية القومية”، بموازاة التعالي على الروايات القومية والدينية والتاريخية لكل من الطرفين.

وأشار “الديك” إلى أنه فقط بإعطاء حقوق متساوية لكل من الفلسطيني والإسرائيلي يتحقق التعايش، مشدداً على أن “خيار الدولتين فلسطينية وإسرائيلية أصبح من الماضي وأن الحقائق على الأرض تظهر أن لا مجال لحل الدولتين وأنه أصبح من الخيال”.

الحال، أن علاقات تجارية وعلمية وحياتية يومية لا تزال موجودة بين مواطنين فلسطينيين وإسرائيليين بالرغم من انقطاع العلاقة بين السلطة الفلسطينية وحكومة إسرائيل.

من جانبه، قال شاؤول منشه، وهو أكاديمي إسرائيلي من أصل عراقي، إن إمكانيات التعايش بين الشعبين الفلسطيني والإسرائيلي قائمة على قدم وساق، و إنه لا بد من التعايش؛ لأنه لا إمكانية في أن يزيل أي من الشعبين الآخر عن الوجود.

ورأى أن “ما يؤسس للتعايش هو إيمان الشعبين اليهودي والفلسطيني بأحقية الآخر بالوجود”، مشيراً إلى أن الأقلية اليهودية المتطرفة في إسرائيل ترفض حق الشعب الفلسطيني، وأنه على الجانب الآخر يجب أن تتوقف حركتا “حماس” و”الجهاد الإسلامي” عن شعارات إبادة إسرائيل، حسب تعبيره.

وحول ما إذا كانت الدولة الواحدة للشعبين هي الأساس لتحقيق تعايش استراتيجي، قال “منشة” إن من الصعب إقامة دولة واحدة للفلسطينيين والإسرائيليين، مستدلاً على حالة تشيكوسلوفاكيا في أوروبا الشرقية التي انقسمت إلى دولتين قبل أكثر من عقدين؛ إذ لم تفضل التعايش ضمن دولة واحدة وإنما التعايش السلمي في إطار دولتين جنباً إلى جنب.

ولفت إلى أن “العالم العربي بغالبيته ينهج سلماً، انظر إلى ما يحدث من متغيرات هامّة بالنسبة للإمارات ودول الخليج.. وباعتقادي أن على القادة الفلسطينيين بدلاً من التظاهر ضد الإمارات وشتمها، أن ينضموا للمسيرة. وأن يطلبوا دعم الدول الغنية لمساعدتهم”.