الكوتا النسائية تترأس متطلّبات الإصلاحات الانتخابية في لبنان
بيروت – ليال خروبي – NPA
ثلاثُ سنوات تفصلُ لبنان عن موعدِ انتخاباته النيابية المقبلة، وككلّ استحقاقٍ انتخابيّ، تداعى أقطاب الشأن العام من سياسيين وقانونيين وحقوقيين للنقاشِ حول إصلاح قانون الإنتخابات, فلبنان يفتقدُ لقانونِ انتخاباتٍ عصريّ في ظلّ النظام الطائفيّ.
تحت عنوان “الإنتخابات النيابية 2022: الإصلاحات الإنتخابية والمساواة بين الجنسين” عقد برنامج الأمم المتحدة الإنمائي والإتحاد الأوروبي مؤتمراً في فندق موفنبيك بالعاصمة بيروت معلناً إنطلاق قطارِ الحوار الوطني بشأن الإصلاحات وعلى رأسها الكوتا النسائية.
ولأنَّ دورَ المرأة شحيحٌ في الحياة السياسية اللبنانيّة فقد شكّل عنوان “المساواة بين الجنسين” مادّةً جذبتْ حضوراً نسائياً كبيراً وصلَ إلى 90% من المشاركينْ.
المرأة في الحياة السياسية اللبنانية
في البرلمان اللبناني اليوم 6 نساءٍ فقطْ, علما أن عدد المرشحات في الانتخابات السابقة بلغ 86 مرشحة، ومع أن هذا العدد يعتبرُ ضئيلاً مقارنة بمجموع عدد النواب البالغ 128 نائباً إلاّ أنه العدد الأكبر من النساء الذي يصل للندوة البرلمانية اللبنانية منذ تأسيسها في عشرينيات القرن الماضي.
ورغم أنّ المرأة اللبنانية أخذت حقها بالترشح والانتخاب في لبنان سنة 1953 إلا أنه لم تصلْ منذ ذلك الحين إلاّ 17 سيدة إلى مجلس النواب، ليكون لبنان في المرتبة 143 من أصل 144 في مجال تمثيل المرأة بالحياة السياسة.
وتعود صعوبة وصول المرأة إلى مجلس النواب بالدرجة الأولى, إلى غياب الكوتا النسائية في قانون الانتخاب.
والمفارقة أن الأحزاب اللبنانية تدعم اقرار هذه الكوتا لكنها لا ترشح نساء في لوائحها أو ترشح أعداد قليلة علماً أن التجربة أثبتت أن ترشيح الأحزاب الكبرى للنساء يساعد في وصلوهنّ إلى مجلس النواب.
وفي الوقت الذي تعتمد أكثر من 80 دولة في العالم الكوتا النسائية في السلطتين التشريعية والتنفيذية، أكدت وزيرة الداخلية والبلديات ريا الحسن في كلمتها بالمؤتمر أنها ستضع الكوتا النسائية قريباً على سكة النقاش.

وزيرة الداخلية والبلديات ريا الحسن
وشددت الحسن على أنها تريد أن يكون لها بصمتها الخاصة حيال دور المرأة في السياسة، وأنها ستعمل جاهدة لإدخال الكوتا في قانون الإنتخابات النيابية أو البلدية.
وأضافت:” إنّ وجود المرأة في مواقع صنع القرار مهم جدا، سواء في مجلس النواب أو في مجلس الوزراء. أما السؤال عما إذا كنا قادرين على تحقيق النجاح في مهمتنا كنساء؟ فشأننا هنا شأن الرجل في النجاح والفشل”.
النظام الطائفي والذكوري يعيقُ مساعي النساء في المشاركة السياسية
نورث برس استصرحتْ بعض الشخصيات النسائية في المؤتمر حولَ سبل تفعيل دور المرأة وحضورها في السياسة، وقد لفتت رئيسة لجنة المرأة والطفل النيابية النائب عناية عزالدين إلى “أن المرأة غالباً ما تسألُ إذا كانت كفوءة للعمل السياسي في وقت أن الرجل لا يسأل عن ذلك”
ورداً على سؤالٍ حول الإمكانية المستقبلية لنجاح أي إمرأة مستقلة في الوصول إلى الندوة البرلمانية بكفاءتها, أكدت عز الدين أن “الأحزاب السياسية بحد ذاتها ليست عيبا، والديمقراطيات الغربية قائمة على الأحزاب لكنّ الأحزاب في لبنان متخندقة في بوتقاتٍ مذهبية وطائفية ويجب أن تصبح أبعادها وطنيّة، ونحن نلاحظ أن الجيل الشاب تحديداً متعصّب بشدّة ضدّ الأحزاب.”
وفي السياق عينه دعت المستشارة القانونية لرئيس حزب الكتائب, لارا سعادة, النساء في لبنان, إلى أن تلعبن بنفس قواعد “اللعبة” التي يتبعها الرجال، أي أن لا ينتظرنَ تغيير النظام الطائفي كي يصلنَ إلى المجلس النيابي، حيثُ بإمكانهن استخدام الطائفة والحزب كمنصة عبورٍ لهنّ, مع العمل طبعاً على مراكمة الكفاءة والعمل السياسي.
وتوضح لـ”نورث برس” أن “النظام الطائفي مكرّس في الدستور، والقانون الانتخابي قائم على أساس طائفي، والناس عادةً تصوّت لمن يمثل طائفتها في منطقة محددة”.
أمّا الناشطة السياسية والدكتورة في القانون الدولي حليمة قعقور فقد لفتت إلى الدور الايجابي الذي لعبته منظمات المجتمع المدني في الانتخابات السابقة من خلال تدريب عشرات الكوادر النسائية وترشيحهن إلاّ أنهن اصطدمن في نهاية المطاف بعدة معوقات على رأسها مواردهن المالية الضئيلة لتمويل حملاتهن الانتخابية مقارنةً بالرجال وعدم اعتماد كوتا نسائية والعقلية الذكورية التي تربط دور المرأة بالحياة التقليدية في المنزل.
وتضيف” الحل يكمن في اقرار كوتا لا تقل نسبتها عن 33% وأن يصار إلى ترشيح نساءٍ فاعلات لسنَ مجرد ديكور”.