خبير في الاقتصاد السياسي: انفجار بيروت يخنق الاقتصاد السوري ويضرب الارتباط بين البلدين

حلب – نورث برس

قال الدكتور في الاقتصاد السياسي، محمد كمال الجفا، الأحد، إن لانفجار مرفأ بيروت عدة أسباب أبرزها خنق الاقتصاد السوري، حيث لم تستطيع العقوبات الاقتصادية أن توقف المعامل الإنتاجية بسوريا وسط الارتباط الكبير في الأمور الاقتصادية بين البلدين، حسب تعبيره.

وتعرض مرفأ بيروت بتاريخ /3/ آب/أغسطس الجاري، لانفجار هائل أودى بحياة أكثر من /170/ شخصاً وأصاب أكثر من /6,500/ شخص بجروح، عدا عن تضرر أحياء واسعة في العاصمة وتشريد نحو /300/ ألف من سكانها بعد تضرر منازلهم، ما دفع نشطاء لبنانيين لإطلاق مصطلح “بيروتشيما” لتشبيها بالانفجار النووي التي تعرضت لها مدينة هيروشيما اليابانية في عام 1945.

وأوضح الخبير، في حديث لـ”نورث برس”، أن انفجار بيروت سيؤثر كثيراً على الاقتصاد السوري وبالأخص على مدينة حلب التي تُعدُّ الشريان الرئيسي للإنتاج في السوق المحلية والخارجية، “لا سيما أن أضرار التجار السوريين في الانفجار وخسارتهم تقدّر بمليار دولار أمريكي كقيمة للبضائع التي كانت فقط تنتظر التخليص الجمركي لشحنها لسوريا والدول المجاورة كالأردن والسعودية والعراق”.

كما نوَّه للارتباط بين الاقتصاد السوري واللبناني رغم الخلافات السياسية “طالما أن معظم أصحاب الشركات الكبرى بلبنان أو شركائهم السوريين، يقومون بالمساهمة في تنمية اقتصاد البلدين ولا سيما بعد أن تعرضت لبنان لمشاكل مصرفية”.

وتُعتَبرُ لبنان منذ بداية الحرب السورية، المنفذ الوحيد والشريان الأساسي لإنعاش المعامل الإنتاجية بعموم سوريا وبالأخص مدينة حلب التي تُعدُّ مركز الصناعة السورية.

وأشار “الجفا”، في معرض حديثه، إلى الترابط الكبير بين الدولة السورية والتجار، حيث عمل التجار على توفير البدائل للحكومة خلال فرض العقوبات على سوريا، عبر تأمين البدائل لاستيراد البضائع إذ كان أحدها مرفأ لبنان ومطاره.

ويُعدُّ مرفأ بيروت من أضخم الموانئ البحرية في البحر المتوسط حيث يستوعب أكبر السفن الحديثة، ويضمُّ العديد من الشركات والبنوك، عدا عن اكتظاظ المراسي بمناطق الجذب السياحي.

واستبعد الخبير في الاقتصاد السياسي، طروحات استبدال مرفأ بيروت بمرفأ طرابلس، “فمرفأ طرابلس ليس لديه الكمُّ الكبير من الأرصفة لاستقبال الحاويات والسفن الحديثة مثل ميناء بيروت”.

وأرجع سبب الانفجار إلى منافسات دولية لفرض السيطرة على مرفأ بيروت بطريقة شرعية، والدليل الأكبر هو “تلك العروض الفورية التي قدمتها فرنسا للدولة اللبنانية بتقديم عرض إعادة إعمار المرفأ مقابل /20/ عام استثمار بنظام POT”.

وبالإضافة لتركيا التي قدمت أيضاً عرض إعادة إعمار مقابل /25/ عاماً وبنفس النظام الفرنسي، وسط مفاوضات لبنانية صينية لعملية استثمار مشاريع البنية التحتية لمشروع الحزام الذي كانت الصين تعمل عليه بشكل جدي.

وأشار محمد كمال الجفا إلى أن “تركيا هي المستفيد الأكبر من تعطيل مرفأ بيروت”، فمنذ 2012 وبعد تعطيل مينائي اللاذقية وطرطوس، تقوم تركيا بتوزيع بضائعها في كامل حوض الشرق الأوسط كما غزت تلك البضائع السوق السورية، “لذا نتخوّف من استلامها لمرفأ بيروت”.

ورأى أن “البديل عن المرفأ ولتفادي كل هذه العروض وإفشال المخططات التي ستمنع ازدهار الاقتصاد السوري هو ميناء طرطوس المُستَثمَر من قبل الروس”.

وكان الخبير الاقتصادي، الدكتور عمار يوسف، قد قدَّر في حديث لـ”نورث برس” في وقت سابق، خسائر التجار السوريين في تفجير مرفأ بيروت، بأكثر من مليار دولار أمريكي جراء تضرر بضائعهم التي كانت موجودة في المرفأ دون إخراجها بسبب المشكلات المالية داخل البنوك اللبنانية.

وقال إن القطاع الخاص السوري سيتأثر بشكل رئيسي، حيث كان التجار السوريون يعملون على استيراد بضائع كمالية كقطع غيار المركبات والتقنيات على اختلافها وكذلك مواد أخرى.

واستبعد الخبير السوري فكرة تأثّر القطاع الحكومي بالانفجار، كونه يستورد المواد والبضائع الاستراتيجية كالقمح والأدوية والغذائيات التي لا تخضع لعقوبات اقتصادية عن طريق مرفأي اللاذقية وطرطوس في سوريا.

وحول اعتقاد خبراء اقتصاديين بأنه يمكن الاستعانة  بمرافئ طرابلس وصيدا وصور في لبنان، قال يوسف إن “إمكانيات هذه المرافئ ضعيفة ولا يمكنها تعويض عمل مرفأ بيروت”.

ورأى الخبير الاقتصادي السوري أن “الحل يكمن في الاستعانة بمرفأي اللاذقية وطرطوس اذا ما استطاعت بلدان المنطقة تجاوز فكرة العقوبات المفروضة على سوريا أو تقديم استثناء ريثما تتجاوز لبنان محنتها”.

ويُقدَّرُ حجم الخسائر الاقتصادية في مرفأ بيروت بمليارات الدولارات فضلًا عن تضرر الأبنية المحيطة به، فيما يتوقع اقتصاديون أن تتوقف /90/ بالمئة من الفنادق والمنشآت السياحية عن العمل.

ويُقدَّرُ متوسط عدد البواخر التي كانت تدخل ميناء بيروت بنحو /170/ باخرة شهرياً تفرِّغ نحو /700/ ألف طن وتشحن نحو /70/ ألف طن من البضائع المختلفة، فيما يُقَدَّر متوسط عدد المستوعبات المفرَّغة بنحو /23/ ألف مستوعب شهرياً.