هجرة فتيات السويداء من الريف إلى المدينة طلباً للعمل وهرباً من زواج الأقارب

السويداء – نورث برس

شهدت محافظة السويداء، في السنوات القليلة الماضية، موجة هجرة لفتيات من الأرياف نحو المدينة، وذلك بعد أن تخرجن من الجامعات السورية وبدأن بالبحث عن عمل لمساعدة عائلاتهن، وكي لا يقعن ضحايا في زيجات تُفرض عليهن من أبناء عمومتهن أو أقاربهن.

وقالت صبا الشاعر (٢٥ عاماً)، وهي من سكان قرية بوسان في أقصى الريف الشرقي لمحافظة السويداء، لـ”نورث برس”، إنها لم تحصل على وظيفة حكومية رغم تقدّمها إلى أكثر من مسابقة أعلنت عنها الحكومة ومديرية الصحة بالسويداء.

وأضافت الشابة التي تخرجت من كلية العلوم اختصاص (مخابر) في دمشق عام ٢٠١٨ بمعدل جيد جداً، أن أوضاع أسرتها المعيشية دفعتها لمساعدتهم، “لذا قررت أن أبحث عن أي عمل شريف في مدينة السويداء، والآن أعمل في مركز للنظارات الطبية وأتقاضى أجراً لا يتعدى /٥٠/ ألف ليرة سورية”.

أما دلال أيوب (٢٩ عاماً)، وهي حاصلة على إجازة في الاقتصاد من جامعة دمشق ومن سكان قرية الهيت شمال شرق السويداء، فقالت لـ”نورث برس”، إن معاناتها مع أسرتها بدأت حين تم الإلحاح والضغط عليها كي تتزوج ابن عمها، ” وكنت أرفض على الدوام، مبيّنة لوالدي أنّني أريد العمل ولا أفكر بالزواج من شخص غير متعلّم، ولا أكنُّ له مشاعر خاصة”.

و تعرضت “أيوب” للضرب من أخيها الكبير، لأنّها خرجت عن طاعة العائلة والأعراف والتقاليد المتبعة، حسب قولها.

وأضافت أن مساندة بعض أقاربها المتعلمين في القرية كانت سبيلاً لتأمين عمل لها، “كمحاسبة في أحد المراكز التجارية داخل مدينة السويداء”.

وتابعت: “رغم عدم تحقق الطموح الذي كنت أتوق إليه بعد تخرجي، إلّا أنّ العمل يعطي للفتاة قيمة، وبُعداً نفسياً لكيانها وشخصيتها “.

من جانبها، قالت سيلين المغربي (٤٥ عاماً)، وهي مرشدة نفسية في مركز نور للإغاثة ودعم المرأة، والتابع لمنظمة الأمم المتحدة (الأونروا)، لـ”نورث برس”، إنّه كان لا بُدّ للمرأة أن تعمل وتساعد الرجل، في ظل تدهور المعيشة الذي رافق الحرب السورية، “فراتب شهري واحد لم يعد يكفي لمعيشة عائلة ومستلزمات منزل”.

وتأسس مركز نور الإغاثي في السويداء عام ٢٠١٦، لإيجاد فرص عمل لنساء الريف ومن يملكن تخصصات دراسية ومهنية كي يساهمن في إعالة أسرهن.

وأشارت “المغربي” إلى أن وكالة نور للإغاثة “فرع السويداء”، قامت بإحصاء أكثر من خمسة آلاف فتاة هاجرن من الريف إلى المدينة للبحث عن فرصة عمل في المحال التجارية والشركات الصغيرة والمتوسطة.

ورأت أنّ نظرة المجتمع إلى المرأة في حياتنا “يجب أن تتحوّل من مجتمع ذكوري متفرّد في القرارات، إلى بيئة اجتماعية متوازنة تؤمن بأهمية دخول المرأة إلى سوق العمل، وأن يكون لها شخصية مستقلة تعزز لديها الإحساس بأهميتها، لينعكس إيجاباً على تربية أبنائها وبناء أسر ناجحة في الحياة”.