كورونا يتسبب بتراجع النشاط الثقافي في دمشق

دمشق – أحمد كنعان – نورث برس

أدى انتشار فيروس كورونا المستجد إلى إيقاف جميع النشاطات الثقافية في المراكز الثقافية الرسمية ومقرات اتحاد الكتّاب العرب في العاصمة دمشق، وذلك تماشياً مع القرارات التي اتخذتها الحكومة السورية بمنع التجمّعات وإيقاف النشاط الثقافي بالكامل.

أما المُلتقيات الأهلية، والتي كانت تقام في المقاهي، فكانت مُجبَرةً على التوقف بعد صدور قرار من وزارة السياحة بإغلاق كافة المنشآت السياحية منذ الـ/17/ من آذار/مارس الماضي.

وقالت الشاعرة أحلام بناوي، المقيمة في دمشق، لـ”نورث برس”، إنها كانت تحضر كل أسبوع أمسية شعرية على الأقل، لكنها لم تتمكن من حضور أمسية منذ قرابة شهرين، “كما تم تأجيل أمسية كنتُ مشاركةً فيها بالمركز الثقافي في أبو رمانة مطلع الشهر الجاري وأخرى في ثقافي كفر سوسة الشهر الفائت”.

وكانت الحكومة السورية قد أصدرت قراراً في مطلع نيسان/أبريل الماضي، يقضي بتمديد تعليق الأنشطة الثقافية في المراكز الثقافية ودار الأوبرا وكل الأنشطة الأخرى التي تترافق مع تجمّعات بشرية حتى إشعار آخر.

ثم أقرَّ في منتصف أيار/مايو الفائت، استئناف النشاط في المراكز الثقافية والمسارح ودور السينما بنسبة /30/ % من الطاقة الاستيعابية لكل فعالية، مع الالتزام بالشروط الوقائية والصحية.

وقال حمّود الموسى، مدير المراكز الثقافية في وزارة الثقافة السورية، لـ”نورث برس”، إن هناك طريقتين لإقامة النشاطات، طريقة منبرية على أرض الواقع وطريقة إلكترونية، “فعندما تم تعليق العمل في وزارة الثقافة تنفيذاً للقرارات الصادرة لمواجهة وباء كورونا المستجد، استمر نشاط المراكز الثقافية ونفذت جميع خططها من حوارات وندوات وأمسيات وأنشطة فنية وفكرية ابداعية ولكن إلكترونياً، وذلك عبر حسابات ومواقع رسمية لمديريات الثقافة”.

وأضاف أن إقامة النشاطات عادت حالياً، ولكن الظروف مختلفة ويشترط أن لا يتجاوز الحضور نسبة /30/ % من الطاقة الاستيعابية للمكان، بالإضافة إلى الإجراءات الاحترازية الأخرى كالتباعد المكاني والتعقيم وارتداء الكمامات، “ما شكَّل تراجعاً في متابعة النشاطات”.

وحدث هذا التراجع في إقامة ومتابعة النشاطات الثقافية رغم محاولة مديريات الثقافة الرسمية التعويض إلكترونياً وإقامة الندوات من خلال شبكة الإنترنت.

وكانت مديرية ثقافة ريف دمشق قد أطلقت مبادرة “الأسابيع الثقافية أون لاين”، في منتصف أيار/مايو، تحت عنوان “معاً لثقافة أرقى – خلّيك بالبيت”، وبدأت ببث الأمسيات بشكل يومي ثابت على صفحة مديرية الثقافة بريف دمشق كأحد نشاطات المبادرة العديدة.

من جانبه، قال محمد حوراني، رئيس فرع دمشق لاتحاد الكتّاب العرب، إن النشاطات توقفت التزاماً بالإجراءات، إلا أن محاولات التعويض عن طريق وسائل التواصل الاجتماعي استمرت، “فأقمنا مسابقة للقصة على أن يكون مضمونها محصوراً بالتضامن الاجتماعي في زمن الأوبئة، ولكن عندما تم رفع الحظر عادت نشاطاتنا إلى سابق عهدها مع الالتزام بالإجراءات الاحترازية من تباعد مكاني وارتداء الكمامات وإجراءات التعقيم كاملة”.

لكن الشاعر زيد قطريب، وهو مؤسس “ملتقى ثلاثاء شعر”، يرى أن الثقافة الرسمية تعاني من عدم المتابعة منذ سنوات طويلة، وأن المراكز الثقافية تنفّذ الأجندة المفروضة عليها شهرياً حتى وإن كان النشاط بلا جمهور، وذلك لأنها “نشاطات مليئة بالمطبّات والعثرات ولا يحضرها سوى عدد قليل من الناس نظراً للهشاشة والسطحية التي تغلب على نشاطات المراكز الثقافية بشكل خاص”.

وأضاف: “وبالتالي فإن كورونا كان بمثابة مسمار أخير في نعش هذه النشاطات التي تنفّذ فعالياتها تحت قاعدة مُكرهٌ أخاك لا بطل”.

ولفت “قطريب” إلى أن المتضرر الأكبر كان النشاط الثقافي الأهلي الذي وقع بين فكي انتشار وباء كورونا والأزمة الاقتصادية الخانقة التي دفعت الأغلبية للبحث عن لقمة الخبز وحبة الدواء.

وذكر أن “ملتقى ثلاثاء شعر” انتقل ليُعقَد في أماكن خاصة نظراً لعدم القدرة المادية لاستئجار مكان عام، كأن يلتقوا في منازل الشعراء والأصدقاء التي تحتمل هكذا لقاء، ولكن ومع تفشّي الوباء توقفوا تماماً عن اللقاءات، واختاروا استقبال النصوص عبر الإنترنت.

ووصف مؤسس “ملتقى ثلاثاء شعر” المشهد الثقافي في العاصمة بأنه “مشهدٌ فيه الكثير من التراجيديا بالنسبة للثقافة الأهلية وفعالياتها التي تعاني التعتير وقلة الحيلة والبحث عن أمكنة رخيصة تقبل أن تستقبلهم لقاء ما جمعوه من بضع مئات من الليرات كأجرة للمكان لمدة ساعة أو ساعتين كي يقرؤوا بعضاً مما كتبوه”.