تحركات حذرة بين روسيا وتركيا في إدلب

إدلب ـ نورث برس


بدت حالة من التحركات الحذرة ظاهرة في الفترة الأخيرة بين الطرفين الروسي والتركي فيما يتعلق بالتواجد في منطقة إدلب، على الرغم من تسيير دوريات مشتركة بينهما على الطريق الدولي “حلب ـ اللاذقية”، يضاف إلى ذلك استمرار تركيا بالدفع بالأرتال العسكرية إلى المنطقة، في حين أن قوات الحكومة السورية وبضوء أخضر روسي تدفع بتعزيزات باتجاه جنوب إدلب عند جبل الزاوية.

وقال “رشيد حوراني” وهو معارض سوري وباحث في المؤسسة السورية للدراسات وأبحاث الرأي العام ويقيم في مدينة الريحانية التركية لـ “نورث برس” السبت، إنه “قبل تسيير الدورية التركية الروسية المشتركة الأخيرة زاد التصعيد العسكري على المنطقة وشارك فيه القوات الروسية، كما رافق هذا التصعيد عمليات الحرب النفسية التي تشيع عن اقتراب المعركة والبدء بها”.

وفسر “حوراني” ذلك “من خلال المناحي التالية، أولاً، الضغط العسكري الميداني على تركيا، وإضعاف المنطقة قبل المعركة الحقيقية، والضغط إلى أقصى حد عسى أن تتنازل تركيا في مطالبها وموقفها، خاصة أن أي معركة ستشكل ضغطاً على تركيا بسبب أعداد النازحين الكبيرة باتجاه حدودها مع سوريا”.


وقال أيضاً إنه “عملت تركيا سواء من خلال الوحدات والمعدات العسكرية التي أدخلتها إلى الأراضي السورية، أو من خلال التنسيق مع الفصائل في المنطقة على إرسال رسالة رادعة وجدية ضد أي عمل عسكري يمكن التقدم من خلال باتجاه منطقة نفوذها، وهذه الإجراءات شكلت رسالة ردع واضحة للجانب الروسي، الذي قرر إعادة الدوريات المشتركة على طريق الـ(M4)”.

من جانبه رأى “مأمون سيد عيسى”، معارض سياسي يقيم في عينتاب، في حديث لـ “نورث برس”، أن “تركيا في موقع قوي في إدلب ولديها /15/ ألف جندي وآلاف الآليات
العسكرية ومنظومة جوية أمريكية وطائرات مسيرة قوية وقوات من (الجيش الوطني) وفصائل عديدة متحفزة للمعركة، وتم إجراء تحصينات قوية وهم على أرضهم لذلك لن يجرؤ النظام وإيران على الدخول في معركة ولن يغامر الروس بخسارة تركيا من أجل إدلب”.

وكان مصدر عسكري من غرفة عمليات “الفتح المبين”، قد قال  لـ”نورث برس” في العاشر من الشهر الجاري، إن “القوات التركية أقدمت وبشكل مفاجئ على نشر قوات عسكرية قتالية في عدة نقاط على محاور ريف اللاذقية الشمالي، دون معرفة الأسباب”.

ورأى “سيد عيسى” أن “الروس مستعجلون على حل سياسي ولا يرغبون بحرب خاصة مع الانهيار الاقتصادي والصحي لدى النظام، وهم غير قادرين على إخراج إيران أو منع تحركاتها العسكرية كما تفعل حالياً مع النظام في إدلب”.


أما عن رأيه في تسيير الدوريات العسكرية المشتركة بين روسيا وتركيا قال “سيد عيسى” إن “الدوريات ستستمر كتقطيع وقت ريثما ينضج الحل السياسي، ولن يكون
هنالك فائدة اقتصادية من الطرق الدولية إذا لم يكن هناك حل سياسي وحالة أمان”.

وفيما يخص الطرف الضامن التركي وموقفه مما يحدث وقرب عمل عسكري في منطقة إدلب قال “سيد عيسى”، إن “ضمانات الأتراك هي نتاج اتفاق مع الروس، وأن الهجوم إن حصل فسيكون برقبة الإيرانيين والنظام وليس الروس، لكن من الممكن أن نجد صمتاً روسياً على أي تحركات للنظام والإيرانيين”.

وقال مصدر مقرب من “الجيش الوطني السوري” في الشمال السوري لـ”نورث برس”، في وقت سابق من الشهر الجاري، إن “الجميع خائف من معركة جديدة ومن نزوح جديد، في المقابل هناك من يتحدث عن دور كبير لتركيا في إيقاف أي تحرك عسكري للنظام، لكن حالة التوجس ملاحظة هنا في إدلب”.

وسيّرت القوات الروسية والتركية، الأربعاء الماضي، دورية عسكرية مشتركة على الطريق الدولي (M4) في إدلب، كان قد سبقها عدة دوريات على فترات.

وبداية آب/ أغسطس الجاري، استقدمت قوات الحكومة السورية تعزيزات عسكرية جديدة إلى جبهات القتال في ريف إدلب الجنوبي.

وقال مصدر ميداني لـ “نورث برس” الأحد إن القوات الحكومية مستمرة في تعزيز قوتها العسكرية، “في نية واضحة” للتقدم وبخاصة في ظل القصف المتجدد على قرى وبلدات جبل الزاوية.

وأضاف المصدر أن “منطقة جبل الزاوية ستشهد اشتباكات عنيفة إذا لم يحدث اتفاق سياسي يحول دون ذلك، لأنّ فصائل المعارضة المسلحة المشكّلين لغرفة عمليات (الفتح المبين)، مستمرين في التحشّد على الطرف المقابل للقوات الحكومية”.

ويتخوّف سكان منطقة إدلب من تجدد الحملات العسكرية من قبل قوات الحكومة السورية بدعم روسي، وذلك بعد فقدانهم الثقة بالوعود التركية عقب اتفاقاتها مع روسيا وتسليم مناطق للحكومة السورية.

ورغم الاتفاق الموقع بين روسيا وتركيا في 5 آذار/ مارس الماضي، بخصوص وقف إطلاق النار في منطقة إدلب، إلا أن الخروقات ما تزال مستمرة.

في حين لم يتم تطبيق سوى البند المتعلق بتسيير الدوريات المشتركة بين الطرفي على الطريق الدولي ( M4)، بينما باقي البنود لا تزال غامضة.