الانقسام في المواقف السياسية بالسويداء ودوره في توازن المجتمع المحلي
السويداء – نورث برس
يرى ناشطون ومحللون من محافظة السويداء، جنوبي سوريا، أن الانقسام في المواقف السياسية لم يؤدِّ إلى مواجهات عنيفة داخل المجتمع الدرزي، لكنه ساهم في فقدان توازن ضمن المجتمع الديني والمدني المحلي.
وانقسم سكان السويداء الذين ينتمون لطائفة الموحدين الدروز، بين موالٍ للحكومة السورية، ومعارضٍ لها، في حين بقي معظمهم على الحياد خلال فترة الحرب التي شهدتها سوريا منذ العام 2011.
وقال عماد وهب (٥٤ عاماً)، وهو محام وناشط مدني في محافظة السويداء، لـ”نورث برس”، إن انقسام الدروز بين كتل الموالاة والمعارضة وغالبية وقفت على الحياد، لم يتوافق مع أي من خطوط الانقسام التقليدية في المحافظة، ولم يتمكّن أيّ من ممثلي هذه الكتل من إنتاج خطاب يُرضي المجتمع، ما جعل المجتمع يفقد توازنه بين القوات المحلية المتمثّلة بمشيخة عقل الموحدين الدروز، وممثلي المجتمع المحلي والمدني.
وأضاف: “لقد أخفقت المعارضة في إنتاج زعامة سياسية محلية على أرض السويداء، وبالمقابل ظهر بين الموالين للحكومة فئة جديدة، منهم زعماء فصائل مسلحة وتجّار موّلوا الحرب ضدّ فصائل المعارضة المتواجدة في درعا، كما ضمّت هذه الفئة متثقّفي البلاط في سوريا، ومغمورين يطمحون إلى السلطة، وحركات موالية جديدة بعضها أهلي وبعضها أمني تدور في الفلك الروسي والإيراني”.
ولفت “وهب” إلى أن الحكومة السورية حاولت كسب الدروز إلى صفها تحت شعارها المعهود “حماية الأقليات”، فلم تواجه تظاهرات كبيرة كما في المناطق “السنّية”.
وقال الدكتور مهيب صالحة، أستاذ الاقتصاد وعميد سابق في الجامعة العربية الدولية، لـ”نورث برس”، إن بروز نجم حركة “رجال الكرامة” بقيادة الشيخ وحيد البلعوس، كان فاتحة لإعادة إنتاج زعامة درزية معارضة، وإن كانت بإطار ديني.
وأضاف أن حركة البلعوس، كرّست حياد دروز السويداء ضمن معادلة “لا نتعدى على أحد ونحرِّم التعدي علينا”، وهي مقولة لوحيد البلعوس الذي اغتيل عام 2015.
وأشار “صالحة” إلى “أنّ المكونات والأطراف الدرزية، تمتلك مشروعاً ورؤية مستقبلية أوسع وأغنى بكثير من تلك الدعوات، ويتمثل ذلك في الابتعاد عن النعرات الطائفية ورفض الانغلاق أو تكوين كانتون خاص”.
في حين رأى باحث وناشط سياسي من مدينة شهبا، ومن مؤسسي تجمع تيار “السلم الأهلي”، طلب عدم نشر اسمه ، إنّ تراجع دور الأجهزة الحكومية داخل السويداء بعد 2011، أتاح هامشاً حيوياً لإحياء الحراك السياسي وحرية التعبير عن الرأي حيال الأحداث الحاصلة في المحافظة، والذي لم يكن موجوداً ومسموحاً به خلال العقود الستة الماضية.
وأضاف أنّ “الحاجة العليا للمجتمع الدرزي بكل مكوناته وتشعباته، تتطلب العودة إلى الوثيقة الوطنية التي أقرّتها ورقة عمل التيار الأهلي، والتي تتلخّص بنبذ كل الاصطفافات والتحزبات داخل المحافظة، وفتح حوار جدّي مع كافة مكونات المجتمع الدرزي، وتوحيد الرؤى المستقبلية، لاستخلاص ورقة عمل موحدة، تُقدَّم على طاولة الحوار والمصالحة السورية-السورية”.
وتأسّس تيار “السلم الأهلي”، وهو تيار اجتماعي سياسي، عام 2014 على يد مجموعة من النشطاء والأكاديميين والباحثين في محافظة السويداء، وانطلقت رؤيته من أنّ ثنائية الموالاة والمعارضة، لا تملك القدرة على تفسير التشظّي الحاصل والمُعقَّد داخل المجتمع المحلي الدرزي في السويداء.
ورأى كمال السعدي (٥٦عاماً)، وهو كاتب ومحلل سياسي من أبناء مدينة صلخد، ثاني أكبر مدن محافظة السويداء، أن سكان السويداء جنّبوا أنفسهم ذلك الصراع بين معارضة وموالاة وفصائل وعصابات داخل السويداء.
وقال لـ”نورث برس”: “إن خوف المحايدين من توسيع الشرخ بين أبناء السويداء، وشعورهم ويقينهم بأنّ النظام إلى زوال مهما تعمّق الصراع الفكري والإيديولوجي بين مكونات المجتمع الدرزي، هو السبب وراء التزامهم الحياد”.