انخفاض جاهزية مشافي دمشق لاستقبال الإصابات وعشرات الأطباء ضحايا كورونا
دمشق – نورث برس
يتعرض مصابون بفيروس كورونا والطواقم الطبية في مشافي العاصمة دمشق مؤخراً لظروف قاسية وغير مسبوقة نتيجة توافد المئات من المصابين للمشافي والمراكز الطبية التي لم تعد تتسع لوافدين جدد، وسط عدم كفاية أجهزة التنفس وتراجع إمكانية إجراء فحوصات للأعداد الكبيرة للمخالطين والمشتبه بإصابتهم.
“ازدياد الإصابات”
قال الطبيب ياسين العبد الله، وهو اسم مستعار لطبيب مختص بالأمراض الداخلية في مشفى حكومي بالعاصمة، إن “الأطقم الطبية تضررت بشكل كبير، وهي تسجِّل كل يوم عدد من الوفيات بين كوادرها نتيجة التفشّي الكبير للإصابات بفيروس كورونا داخل المشافي”.
وحسب الإحصاءات الرسمية، بلغ عدد الإصابات بفيروس كورونا في سوريا /1515/ إصابة، بينها /58/ حالة وفاة /403/ حالة شفاء.
بينما أصدرت جامعة لندن للاقتصاد نتائج بحث عن احتمالات انتشار كورونا في سوريا، قدّرت فيه عدد الإصابات في جميع أنحاء البلاد في نهاية الشهر الماضي بنحو /35,500/ شخص.
وقالت الدراسة إن من الممكن أن “تواجه سوريا نتائج كارثية بسبب الانتشار الواسع لفيروس كورونا، كما يمكن أن يهدد هذا الأمر الأمن الصحي الإقليمي والعالمي”.
ورغم أن وزارة الصحة ونقابة أطباء دمشق قد أعلنا في أوقات مختلفة عن عدم توفر إمكانية إجراء مَسَحات لجميع المُشتَبه بإصابتهم بكورونا، إلا أن الوزارة بقيت تحذّر مراراً عبر الإعلام الرسمي من التشكيك بالأرقام الرسمية المُعلَنة من قبلها.
وأمام هذا الواقع، لجأ مصابون بفيروس كورونا في العاصمة إلى الاكتفاء بالحجر المنزلي الذي يفتقد لأدنى درجات العناية الطبية، بينما حاول أقارب بعضهم شراء أجهزة الأوكسجين التي باتت هاجس عائلات من يعانون من مشاكل تنفسية وأمراض مزمنة، والتي تضاعفت أسعارها لتسجل أسعار خيالية تتجاوز نصف مليون ليرة سورية بعد أن كانت بـ/50/ ألف ليرة، بحسب أقارب لمصابين بفيروس كورونا في العاصمة.
“أعراض جديدة”
وأعاد الطبيب ازدياد عدد الإصابات وسط الكادر الطبي إلى تراخي بعض الأطباء في اتخاذ إجراءات السلامة، بالإضافة إلى ظهور أعراض جديدة غير مألوفة للإصابات.
وأضاف: “التشخيص الخاطئ لحالات مرضية ساهم في ازدياد الإصابات، حيث كانت تعاني في الحقيقة من أعراض جديدة لفيروس كورونا، ظهرت آخرها على شكل أعراض هضمية وأوجاع في الرأس وإسهال ولم يتم التعامل معها على أنها كورونا، لتخالط آخرين بعد خروجها مما ساهم في تدهور حالة المصابين الصحية وأدت لتضاعف أعداد المصابين والوفيات أيضاً حتى بين الأطباء”.
وأشار العبدالله الذي أشرف على عشرات حالات الإصابة، إلى “الحاجة لمزيد من الأطباء المختصين، إضافة للجانب التقني واللوجستي المتعلّق بالصور والتحاليل، وكذلك نقص أجهزة الأوكسجين والتي باتت سِلعاً تجاريةً تباع في السوق السوداء بأسعار خيالية”.
وذكر أن الفيروس “يتراكم بشكل خطير عند الذين يتعاملون مع المصابين على اختلاف أعراضهم، فينهي المناعة لدى الأصحاء بشكل مفاجئ ويؤدي للوفاة، وقد فقدت مشافي العاصمة أطباء نتيجة هذا السبب”.
وبلغ عدد الأطباء الذين قضوا إثر إصابتهم بفيروس كورونا في العاصمة دمشق /36/ طبيباً، وذلك خلال الفترة الممتدة من /25/ من تموز/يوليو الماضي وحتى /9/ آب/أغسطس الجاري، كان آخرهم الأطباء دريد يازجي ورفعت داغستاني ومحمد زياد خميس وفائز نظمي درويش، بحسب ما أعلنته نقابة أطباء دمشق.
“الدفن في صحراء نجها”
وحول ما يحصل داخل المشافي التابعة لوزارة الصحة أو لوزارة التعليم العالي، قال الطبيب إن هناك مشافي كبيرة بقدراتها لم تعد تتسع للمصابين، وقامت بفرش الممرات بالأسرة لاستقبال ما تستطيع من الحالات الوافدة والتي يحتاج بعضها لعناية مركّزة دون أن تقدم لها الاهتمام المطلوب نتيجة الضغط.
وأضاف: “هذا ما دفع البعض للخوف والبقاء في المنزل حتى الموت دون اللجوء للمشافي التي تخرّج بدورها عشرات الوفيات كل يوم ليصار إلى دفنها في صحراء نجها وضمن إجراءات مشددة وهذا ما لا تعترف به أرقام وزارة الصحة الرسمية”.
و”نجها” هي أرض فارغة تقع في قرية نجها التابعة لناحية ببيلا بريف دمشق الجنوبي.