صديقة الأسد الوحيدة في واشنطن تخسر مقعدها في الكونغرس

واشنطن – هديل عويس – نورث برس 

خسرت النائبة السابقة، تولسي غابارد، السبت، مقعدها في الكونغرس عن ولاية هاواي، بعد فوز كاي كاهيل في الانتخابات التمهيدية ليواجه كاهيل منافسه الجمهوري جو أكانا في تشرين الثاني/نوفمبر المقبل، بينما كانت “غابارد” قد صرّحت بأنها تخلّت عن المقعد للتفرّغ لترشّحها للرئاسة.

وكانت “غابارد” التي ترشّحت للرئاسة عن الحزب الديمقراطي دون أن تحصل على الأصوات الكافية للاستمرار في السباق قد عُرفت بدعواتها لسياسات خارجية تعتبر “إشكالية” بالنسبة لمعظم أعضاء حزبها الديمقراطي، وخاصة فيما يتعلّق بحقوق المثليين ودعواتها للتطبيع مع الرئيس السوري بشار الأسد.

وبينما تتفق الغالبية العظمى من صناع القرار الأميركيين الجمهوريين والديمقراطيين على ضرورة محاسبة الأسد والدفع نحو عملية انتقال سياسي في سوريا، تكاد تكون تولسي غابارد السياسية الأميركية الوحيدة التي ذهبت بعيداً بتأييد الأسد حيث أقدمت على زيارة سوريا ومقابلة الأسد سراً في كانون الثاني/يناير 2017، مما أثار انتقادات حادة ضدها من الحزبين الديمقراطي والجمهوري.

ومع خسارة “غابارد” في الانتخابات الأولية للكونغرس، عاد اسمها ليتصّدر اهتمام المغرّدين والمحللين في الولايات المتحدة، ليتم التذكير برفضها اعتبار بشار الأسد “قاتل” و “مجرم حرب” في المناظرات الأولية لمرشحي الرئاسة للحزب الديمقراطي بينما اتفّق المرشحون الآخرون على اعتباره “مجرم حرب”.

وقال الدكتور زهدي جاسر، الضابط السابق في البحرية الأميركية ورئيس ومؤسس المنتدى الأمريكي الإسلامي للديمقراطية لـ”نورث برس” إن ما شهدناه من ربط لسيرة تولسي غابارد السياسية بالدفاع عن الأسد وإيران وحلفاء روسيا، يعكس حالة الرفض الشعبية والسياسية الكبيرة لهذه المنظومة وخاصة الرئيس السوري بشار الأسد، فالمواقف الأخلاقية بالنسبة للأميركيين تتطلب إدانة رجل قتل شعبه واستخدم كافة أنواع الأسلحة والعنف والتحالفات لمحاولة قمع معارضيه، “ولذلك نرى رفضاً أميركياً عريضاً لغابارد ومواقفها”.

وأضاف “جاسر” أن ما نراه من رفض كبير لمواقف “غابارد” يعكس ما قد تكون عليه سياسات أميركا المستقبلية الرافضة تماماً للتصالح مع الأسد أو التطبيع معه من قبل الديمقراطيين والجمهوريين.

وأشار إلى أن الرئيس ترامب اتّخذ خطاً متشدداً مع إيران، وفي إطار هذا الخط تؤكد إدارته على أن التصالح مع الأسد هو أمر غير ممكن ولن يحدث، إلا أن التدخل العسكري لخلع الأسد بالقوة هو أيضاً أمر غير محبَّذ أميركياً.

وقال: “لذلك نرى الموقف الأميركي جامداً وقلّما يطرأ أي تغيير على السياسة الأميركية تجاه الملف السوري”.

ونوّهَ إلى أن “هذا الركود وعدم التدخل الأميركي المباشر، يعني أن التوصل لتوافق سياسي عبر المفاوضات هو أمر مستحيل. وعلى الرغم من أني لا أحبّذ هذا الخيار كابن لمهاجرين سوريين، إلا أن ما أراه هو سوريا منقسمة إلى ثلاث مناطق تلك الخاضعة لسيطرة الأسد وأخرى تسيطر عليها قسد وتحكمها الإدارة الذاتية وثالثة للمدعومين تركياً”.

وأوضح “جاسر” أن “سياسات الرئيس ترامب التي حاول من خلالها محاربة الإسلاميين في إيران لم تنجح في مواجهة تركيا ودعمها للإخوان المسلمين واستخدام تركيا لجماعات متطرفة للتمدد في المنطقة واحتلال مناطق سورية ومناطق أخرى مثلما يحدث في ليبيا”.

ورأى أن “المناطق الخاضعة لسيطرة النظام السوري يتم التسلّط عليها بشكل كامل من قبل إيران، ويتوقّع أن تزداد المطامع الإيرانية بهذه المناطق لجني بعض العوائد منها بعد أن تدمّرت أي فرص لجني الأموال من لبنان المدمّر، والذي كان يعوّل عليه الإيرانيون اقتصادياً إلى حدٍّ كبير”.

أما روسيا، فيرى “جاسر” أنها تسيطر في عموم البلاد عبر تحالفات سياسية ولها وجود في كل المناطق السورية بما في ذلك في مناطق “قسد” والمناطق الخاضعة لسيطرة الأتراك وبالتالي تبدو روسيا راضية عن حل تقسيم سوريا الذي هو واقع حالي معاش وقد يستمر وتتم قوننته عبر تفاهمات سياسية في نهاية المطاف.

ولفت إلى أن النموذج المطبّق في كردستان العراق في طريقه للتطبيق في شمال شرقي سوريا بحسب المعطيات الحالية على الأرض، حيث ترتاح الولايات المتحدة لوجود أصدقاء لها في هذه المنطقة وخاصة أنها تعرف الكرد وتتحالف معهم منذ وقت طويل.

كما تدرك الولايات المتحدة، وفقاً لمؤسس المنتدى الأمريكي الإسلامي للديمقراطية، أنه حتى اليوم “لا نشهد أي تفجيرات إرهابية أو ظهور لجماعات إرهابية في مناطق كردستان العراق، وهذا هو الواقع الذي تطمح الولايات المتحدة إلى ترسيخه في شمال شرقي سوريا بحسب ما يبدو من التحركات التي ترغب واشنطن من خلالها جعل تلك المنطقة مكتفية ذاتياً ومستقرةً وبيئةً قادرةً على مكافحة الإرهاب وأي تهديدات مستقبلية مرتبطة بالجماعات المتطرفة”.