اسطنبول ـ نورث برس
أثار توقيت الزيارة التي قام بها وزير الخارجية التركي، مولود تشاويش أوغلو، إلى ليبيا حالياً تساؤلات عدة بشأن طبيعتها، فالجبهة الليبية هادئة نسبياً، ولا يوجد أي تحركات ميدانية أو حتى سياسية.
وكان تشاويش أوغلو قد أجرى في السادس من آب/أغسطس الجاري، زيارة إلى ليبيا التقى خلالها في العاصمة طرابلس برئيس حكومة “الوفاق الوطني” فايز السراج، كما التقى مع خالد المشري، رئيس المجلس الأعلى للدولة التابع لحكومة الوفاق، ورافقه في تلك الزيارة وزير خارجية مالطا، إيفاريست بارتولو.
وتساءل مراقبون عن السبب الذي دفع الرئيس التركي رجب طيب أردوغان إلى إرسال وزير خارجيته إلى طرابلس في زيارة طارئة، مرجحين أن تكون هناك تطورات جديدة على صعيد المفاوضات المستمرة فيما يتعلق بمدينتي سرت والجفرة، فيما رجّح آخرون أن تكون الزيارة الطارئة في إطار السياق التعاوني بين الحكومة التركية وحكومة السراج للاطلاع على آخر التطورات الميدانية هناك.
وتعليقاً على ذلك، قال الباحث في الشؤون الليبية والمقيم في القاهرة، عبد الستار حتيتة، لـ”نورث برس”، إن “ما يهم تركيا في ليبيا في الوقت الراهن هو الحصول على مزيد من الأموال من ثروات الليبيين، ويبدو أنها تتعجّل التوصّل إلى طريقة يمكن من خلالها عودة التدفقات المالية من حقول النفط، خاصةً في منطقة الهلال النفطي الموجودة إلى الشرق من سرت والجفرة”.
ومن المعلوم أن الجيش الوطني الليبي “يحول دون وصول قوات حكومة الوفاق المدعومة من تركيا إلى الهلال النفطي، أضف إلى ذلك أن الأتراك لديهم قلق كبير يتعلق بمستقبل فايز السراج على رأس المجلس الرئاسي لحكومة الوفاق”، بحسب “حتيتة”.
وأضاف أنه “يبدو أيضاً أن تركيا تتعرض حالياً لضغوط كبيرة من دول مختلفة لكي تلتزم بمقررات برلين، وهي مقررات تضعف الوجود التركي في ليبيا في حال تنفيذها”.
وفي التاسع عشر من كانون الثاني/يناير لعام 2020، أجمع المشاركون في مؤتمر برلين حول عملية السلام في ليبيا، على أن “الحل السياسي هو المطلوب لوقف الصراع الدائر في ليبيا، إضافة إلى الاتفاق على عملية مُلزِمة لضمان هدنة في ليبيا وتثبيت حظر توريد الأسلحة وضمان حق الليبيين في العيش بسلام، والتأكيد على أن تحديد مستقبل ليبيا هو بيد الليبيين، إضافة لعدة بنود أخرى”.
وقال المحلل السياسي الليبي أيضاً، إن “تركيا كانت طوال شهري يونيو/حزيران ويوليو/تموز الماضيين تضغط على المجلس الرئاسي وعلى المرتزقة الذين جلبتهم لليبيا وعلى قادة الميليشيات في شمال غرب ليبيا، لكي يبادروا بشن هجوم على مواقع الجيش الوطني في سرت والجفرة، وكانت تتعجّل في غزو المنطقة الشرقية لكي تضع يدها بمساعدة المجلس الرئاسي على الحقول النفطية”.
وأكد أن “هذا لم يحدث لأسباب مختلفة منها عدم رغبتها في تقديم غطاء حربي مباشر لمثل هذا الهجوم، إضافة لضغوط إقليمية ودولية ضد وقوع مثل هذه الحرب”.
وأعرب عن اعتقاده بأن “النظام التركي أُصيب بإحباط كبير وأصيب بارتباك، وأصبح يحاول في الفترة الأخيرة إعادة حساباته وإعادة قراءة مستقبله في ليبيا”.
وقال “حتيتة” إنه ” باختصار، كان النظام التركي يسعى للحصول على الثروات الليبية مجتمعة لنفسه، على أن يعيد توزيع ما يريد على بعض الأطراف الإقليمية والدولية، إلا أن هذه المعادلة لم تتحقق، لأن دولاً كبرى منها الولايات المتحدة الأمريكية وفرنسا بدأت تشعر بالقلق من الألاعيب والأطماع التركية”.
وفي الثاني والعشرين من تموز/يوليو الماضي، أوعزت روسيا لتركيا بأنه لا حل عسكري لتطورات الوضع في ليبيا، وأنه من المهم مواصلة الجهود الثنائية بهدف ضمان أمن واستقرار ليبيا وتحسين الوضع الإنساني، إضافةً إلى تشجيع الأطراف الليبية بهدف تهيئة الظروف من أجل إعلان وقف إطلاق نار دائم، وتعزيز الحوار السياسي بين الليبيين بتنسيق مع الأمم المتحدة بشكل يتناسب مع نتائج مؤتمر برلين.