الرقابة الحكومية تقف عائقاً أمام إقامة نشاطات ثقافية في المركز الثقافي بالسويداء

السويداء – نورث برس

قال كتاب وأدباء في مدينة السويداء، جنوبي سوريا، إنهم عزفوا عن ارتياد المركز الثقافي العربي فيها وإقامة ندوات وأمسيات ثقافية لهم، بسبب افتقاده لمناخات مناسبة لتشجيع الإبداع وفرض رقابة حكومية وشروط تقيّد كل من يُقدِم على إقامة نشاط فيه، فأغلب الدعوات الثقافية من المركز لحضور ندوات و أمسيات ومعارض، لا تجد لها صدى أو إقبال، بحسب كتّاب ومشرفين على تلك النشاطات.

ورغم أن محافظة السويداء تضمُّ عدداً من المفكرين والكتّاب، إلا أن معوّقات كبرى تواجههم خلال طرح نتاجهم عبر منصات رسمية بسبب طبيعة الرقابة السياسية على الحراك الثقافي في سوريا والتي تجعل تلك النتاجات ممنوعة من العرض على المسارح والقاعات الحكومية.

وقال فيصل أبو سعد (52 عاماً) ، وهو كاتب وروائي من مدينة السويداء، لـ”نورث برس”، إن الإبداع يحتاج إلى “مناخات من الحرية”، وإن النتاجات الأدبية والفنية الرفيعة والحقيقية تعتبر بوصلة عمل ومؤشرات ذات دلالات واقعية لأي التباس في طبيعة البيئة التي يعيش فيها الناس.

وأضاف: “ما فائدة تشييد صروح ثقافية من قبل الحكومة السورية وبذل الملايين لها، ثم محاسبة ومنع الكتّاب من النشر بمجرد سماع مقال أدبي أو رأي حر أو نقد يتعارض مع طبيعة توجهات الحكومة، ولتهلل في المقابل لدعم الأقلام الناعمة والموالية لها”.

وقال جمال محسن، وهو كاتب ومخرج مسرحي، إن عمله المسرحي الأخير (الخراب الكبير) “مُنع في العام 2018 في اليوم الثاني لعرضه على خشبة مسرح المركز الثقافي بالسويداء”.

وأضاف أن الحكومة “قتلت روح الكتابة والإبداع في عقول وقلوب مفكريها برقابتها، “فالممنوع اكتسح خيالاتنا وكبّلها، وبتنا نتلوّى في رسم كلماتنا ونتحايل عليها علّها تجد لها قبولاً في النشر”.

ويرى “محسن” أن المركز الثقافي في مدينة السويداء “لم يعد ورغم صالاته ومسرحه وقاعات المطالعة ومكتباته الكبيرة والوافرة بعيون الكتب وأمهاتها، يستقطب الكثير من رواده”.

وتأسس المركز الثقافي عام 1991، حيث يحتوي على مسرح ضخم يستوعب /500/ شخص، ومكتبة تضم /40/ ألف كتاب، إلا أن العروض السنوية للنشاطات المسرحية تتراوح بين ثلاثة إلى أربعة عروض مسرحية، معظمها يتبع لـ”منظمة شبيبة الثورة”، بحسب كتّاب من السويداء.

وقال بسام أبو زيدان، وهو رسام وفنان تشكيلي وأحد المهتمين بالشأن الثقافي بالسويداء، إن الصالات والمنتديات الثقافية في المدنية، والتي أحدثت لها مقرات خاصة بها، تستقطب الرواد والمثقفين أكثر من المراكز الثقافية الحكومية.

وأضاف أن السبب “يعود إلى امتلاك الصالونات المدنية مساحة وفضاء واسعين في التعبير عن أفكار الكتّاب والشعراء والتي لا يسمح بعرضها في القطاع الثقافي الحكومي”.

بينما عزا باسل الحناوي، وهو مدير المركز الثقافي بالسويداء، لـ”نورث برس”، انخفاض أعداد الزوار والمتابعين للنواحي الثقافية في المركز إلى “انشغال الناس بهمومهم المعيشية والاقتصادية والتي جعلتهم يبتعدون عن النشاطات الثقافية”.

وأضاف أن القراء باتوا أقلَّ إقبالاً على استعارة الكتب من المكتبة كما كان في السابق ،وأشار إلى أن القراءة الإلكترونية وتصفّح الكتب عبر الإنترنت بات أكثر جذباً من قراءة الكتب الورقية.

ورغم أن إدارة المركز تتواصل مع الكتّاب والأدباء المعروفين على ساحة المحافظة لتحديد برامج يقدّمون بها نتاجهم المعرفي والفكري على مسرح المركز الثقافي العربي بالسويداء، لكنها لا تجد تجاوباً منهم لإحياء المركز وتعزيز نشاطاته، وفقاً للحناوي.

وأقرَّ مدير المركز الثقافي بالسويداء بأن بعض الكتّاب يتهمون المركز بعدم تهيئة الظروف المناسبة، “فهم يعلّلون السبب بأن السقوف الأمنية لا تسمح بطرح كل ما في جعابهم الأدبية ولا توفر مساحات لأقلامهم المتمرّدة”.