المانحون الدوليون يقدمون مساعدات مشروطة للبنان

نورث برس

أكد المانحون الدوليون، أمس الأحد، بعد أيام من الانفجار الذي هزَّ بيروت، عزمهم على عدم ترك لبنان “يغرق”، مشددين على وجوب تقديم المساعدات للشعب “مباشرة” مع إجراء تحقيق لتحديد أسباب الكارثة.

وقال رؤساء الدول والحكومات والوزراء المشاركون في المؤتمر الذي نٌظِّم عبر الفيديو بدعوة من فرنسا والأمم المتحدة، إنه “في هذه المرحلة المروعة، لبنان ليس وحيداً”.

وشدد الرئيس الفرنسي، إيمانويل ماكرون، على ضرورة “التحرك سريعاً” قبل أن يعطي الكلمة لنظيره الأميركي، دونالد ترامب، وأمير قطر، الشيخ تميم بن حمد آل ثاني، ورئيسي وزراء إيطاليا وإسبانيا، ومسؤولي المنظمات الدولية (صندوق النقد الدولي، البنك الدولي، الصليب الأحمر…).

وقال بيان صدر في ختام المؤتمر إن “المشاركين توافقوا على وجوب أن تكون مساعداتهم (…) منسقة في شكل جيد برعاية الامم المتحدة، على أن تُقدَّم مباشرةً الى الشعب اللبناني مع أكبر قدر من الفاعلية والشفافية”.

وجمع المؤتمر مبلغ /252,7/ مليون يورو من المساعدات الفورية أو التي ستوفّر في المدى القصير لإغاثة ضحايا الانفجار، بحسب بيان صادر عن الرئاسة الفرنسية.

وأسفر الانفجار عن مقتل /158/ شخصاً على الأقل وإصابة أكثر من ستة آلاف، فضلاً عن /21/ مفقوداً وآلاف المشردين، بحسب وزارة الصحة اللبنانية.

والتزم الاتحاد الأوروبي بتقديم أكثر من /60/ مليون يورو بهدف تلبية “الاحتياجات الأكثر إلحاحاً”. وقدّمت دول خليجية مساعدات على غرار قطر التي تعهدت بتقديم خمسين مليون دولار.

وستُرسلُ فرنسا التي تبلغ مساهمتها /30/ مليون يورو، /18/ طناً من المساعدات الطبية ونحو /700/ طن من المساعدات الغذائية.

ولأجل ذلك، اقترحت الدول المشاركة “عرض مساعدة” بهدف إجراء “تحقيق نزيه وذي صدقية”، وفق البيان الختامي.

من جانبه، شدد وزير الخارجية السعودي، الأمير فيصل بن فرحان، على أهمية إجراء تحقيق شفاف ومستقل لكشف الأسباب التي أدت إلى الانفجار المروّع في بيروت.

ونقل السفير السعودي لدى بيروت، وليد بخاري، عن وزير الخارجية قوله: “نعرف سوابق حزب الله بتخزين مواد متفجرة في دول عربية وأوروبية”.

وأضاف: “الهيمنة المدمِّرة لحزب الله تثير قلقنا جميعاً”.

بدوره، قال المتحدث باسم الخارجية الإيرانية، الاثنين، إن هناك من يحاول استغلال انفجار مرفأ بيروت لتحقيق أهداف سياسية، مؤكداً أن هذا أمر “غير مقبول”.

 ونقلت وكالة “فارس” الإيرانية عن المتحدث، سيد عباس موسوي، القول، “لقد كان الحادث كبيراً، ومن الطبيعي أن يستاء الناس وأن تكون له تداعيات، ولكن من غير المقبول أن يحاول بعض الأفراد والمجموعات والدول جعل هذه الحادثة ذريعة لتحقيق أهداف وأغراض سياسية، ويبدو أن هناك بعض الأفراد يسعون لتحقيق أغراض خاصة بتحريض من الخارج”.

وحثَّ المتحدثُ الشعبَ اللبناني على الحفاظ على الهدوء “ليتمكن المسؤولون من البتّ في الأمور ومعالجة آلام المتضررين من الحادثة”.

ودعا المتحدث باسم الخارجية الإيرانية إلى “ضرورة التعاطي بعمق مع حادث بيروت من أجل الوصول الى السبب الحقيقي وعدم التسرّع في إطلاق الأحكام”.

وأشار إلى أن بعض الدول تتظاهر بأنها “المدافع عن شعب لبنان وأنها تشاركه الوجع”، وقال: “إذا كانت أمريكا صادقةً بشأن عرض المساعدة للبنان، فينبغي أن ترفع العقوبات” التي فُرضت مؤخراً على الحكومة والشعب اللبناني.

وأعلن موسوي أن مسؤولاً إيرانياً كبيراً سيتوجه إلى لبنان قريباً، مؤكداً أن إيران تقف دائماً إلى جانب لبنان وأن إرسال المساعدات سيتواصل سواء أحصلت الزيارة أم لم تحصل.

وتجددت المواجهات مساء أمس الأحد بين محتجين غاضبين والقوى الأمنية اللبنانية في اليوم الثاني من التظاهرات التي رفعت شعار محاسبة الطبقة السياسية، في وقت يزداد فيه الضغط على الحكومة التي شهدت استقالة وزيرين بعد انفجار مرفأ بيروت.

وقدّم وزيران استقالتهما من الحكومة اللبنانية بعد انفجار مرفأ بيروت، وهما وزيرة الاعلام منال عبد الصمد ووزير البيئة والتنمية الإدارية دميانوس قطار.

كما استقال منذ الأربعاء سبعة نواب من البرلمان.

وأعلن رئيس مجلس النواب، نبيه بري، عن جلسات مفتوحة للمجلس النيابي ابتداءً من الخميس “لمناقشة الحكومة حول الجريمة المتمادية التي لحقت بالعاصمة والشعب وتجاهلها”، وفقاً لتعبيره.

ويطالب المتظاهرون بمعاقبة المسؤولين عن الانفجار ورحيل الطبقة السياسية واستقالة الحكومة الحالية، التي تشكّلت بداية العام الحالي من اختصاصيين سمّتهم أحزاب سياسية.

وكان الرئيس الفرنسي قد حذّر في مستهل المؤتمر من “العنف والفوضى”، وحثَّ السلطات اللبنانية على “التحرك لتجنيب البلاد الغرق وللاستجابة للتطلعات التي يعبّر عنها الشعب اللبناني حالياً بشكل مشروع”.

كما دعا الرئيس الأميركي إلى الهدوء في لبنان مع إقراره بـ”مشروعية الدعوات التي أطلقها المتظاهرون السلميون إلى الشفافية”.

وحذّر الرئيس الفرنسي في كلمته من “قوى” لديها “مصلحة في الانقسام والفوضى”، وشدد على ضرورة أن يكون المجتمع الدولي “موحداً” رغم “الظروف الجيوسياسية” المحيطة بلبنان.

وقال إنه ينتظر من تركيا، “التي لم تتمكن من الانضمام إلى هذا المؤتمر”، وروسيا، أن تقدما دعمهما، كما إسرائيل “التي أعربت عن رغبتها في المساعدة”.