حلب – نورث برس
يسبب انتشار ورش صيانة السيارات ومحال بيع قطع تبديلها بكثافة في شوارع حيي السليمانية والميدان في مدينة حلب، شمالي سوريا، استياءً لدى سكانهما بعد أن بلغ عدد الورشات حداً “يفوق استيعابهما”، ما دعا البعض بتشبيه الحيين بمناطق صناعية مصغّرة رغم توسّطهما المدينة واحتوائهما على منازل تضمُّ مئات الآلاف من العوائل.
وقال لؤي جميل الهيبي (32 عاماً)، وهو من سكان حي الميدان، إن من الصعب تقبّل وجود ورش صناعية ومحال بيع قطع التبديل في كل ركن ٍوشارعٍ من الحي.
وأضاف: “أصوات الضوضاء والازدحام الشديد وانتشار الأوساخ بات السمة الغالبة على حي الميدان”.
ويعاني حي الميدان أساساً من مشاكل خدمية تتعلق بشبكة الطرق المحفّرة وأسلاك الكهرباء المتدلية، إضافة لدمار وتصدّع الكثير من الأبنية التي لم يجرٍ إزالتها أو صيانتها بعد، وذلك رغم انتهاء المعارك في حلب، بحسب سكان من المدينة.
ورأى “الهيبي” ضرورة وضع خطة عمل حكومية تبدأ أولاً بنقل الورش الفنية والصناعية وإزالة الأنقاض وإصلاح الطرقات، والتي يراها “خطة عمل تبدو بعيدة المنال في ظل ضعف التجاوب الحكومي مع مطالبنا”.
وكانت معظم الورش التي افتتحت في السليمانية والميدان تتواجد قبل سنوات الحرب في المنطقة الصناعية بالراموسة جنوبي حلب، إلا أن أصحابها قاموا خلال الأعوام السابقة بنقل ورشهم إلى أحد الحيين حيث مكان إقامتهم.
وقال كابي سعادة (40 عاماً)، وهو صاحب ورشة ميكانيك سيارات، لـ”نورث برس”، إن ما جعل الحيين مقصداً للصناعيين هو دور الأرمن ممن كانوا يسكنون فيهما في إقامة هذه الورشات بحلب.
وأضاف: “منذ ثلاثينات القرن الماضي كانت هذه الأحياء مقصداً لأصحاب السيارات يقصدونها بسبب تواجد ورش الصيانة التي كان يديرها الأرمن الذين لا يزالون يمارسون هذه المهن، فهم الأكثر براعة وحرفية في هذه المهنة التي توارثوها جيل بعد جيل”، وفق رأي سعادة.
كما لفت “سعادة” إلى أن حيي السليمانية والميدان يعتبران عصب صيانة السيارات ومبيع قطع السيارات وتصنيع قطع تبديل المحركات لاسيما السيارات الصغيرة، “ولكن ليس بكثافة انتشارها في الوقت الحالي، حيث تحوّلت أغلبها من الراموسة إلى داخل مدينة حلب خلال سنوات الحرب في حلب”.
وقال هوفينك ناظريان (71 عاماً) ، وهو صاحب ورشة كهرباء سيارات في حي الميدان، إن “الورش ومحال التصنيع ومحال مبيع مستلزمات السيارات باتت أكثر من البيوت السكنية. ورغم أننا كحرفيين نفضّل التواجد بمناطق قريبة من أماكن سكننا، لكن تواجد هذه الورش بات يسبب الإزعاج للسكان، وكأنهم يعيشون وسط تجمع صناعي لا حي سكني”.
ورأى أن الحلّ يكمن في إخلاء الحيين منها وايجاد منطقة صناعية قريبة من مركز المدينة، والتي رأى مسؤوليتها تقع على عاتق الحكومة السورية التي لم تحرك ساكناً حتى اللحظة لحلّ المشكلة التي تتفاقم يوماً بعد آخر، وفقاً لكلامه.
ويشتكي سكان في الحيين من أن الورشات الصناعية تشغل الأرصفة وتسبب ازدحاماً شديداً وضجيجاً عالياً إلى جانب انتشار الأوساخ والمخلّفات الصناعية التي تسببها خلال عملها.
ورغم أن هناك عمليات تجهيز لمنطقة الراموسة الصناعية والتي تجري بوتيرة بطيئة، بعد أن تسببت المعارك بين فصائل المعارضة المسلحة وقوات الحكومة السورية في حلب خلال سنوات 2012 إلى 2016 بدمار كبير في البنى التحتية فيها وخروج معظم مرافقها عن الخدمة، لم تصدر الحكومة قراراً يلزم أصحاب ورش صيانة السيارات بضرورة مغادرة المناطق السكنية.
ورغم حجم الإزعاج الذي تتسبب به هذه المشكلة، تغيب الحلول التي يفترض تقديمها من قبل الحكومة السورية، حيث “ليس لديها خطط في الوقت الراهن لإنشاء مناطق صناعية خاصة بالسيارات”، وفق أمير سعيد زيوان، المهندس في بلدية حلب، والذي علّل غياب الحلول الحكومية بالقول بأن “البلاد تمرُّ بظروف اقتصادية استثنائية”.
وأضاف: “لكنها ستعمل قريباً على اعتبار أي ورشة أو محل صيانة سيارات خارج منطقة الراموسة الصناعية مخالفاً ويجب إغلاقه، وذلك بعد أن ينتهي تجهيزه”.