الرياض ـ NPA
لم تتجه دولة الإمارات إلى التصعيد وإطلاق الاتهامات حين تعرضت ناقلات نفطية قبالة ساحلها الشرقي، في خليج عمان، إلى هجمات ألحقت أضراراً محدودة بالسفن، إضافة إلى هجوم شنته جماعة أنصار الله (الحوثيين) على محطتي ضخ للنفط في العاصمة السعودية الرياض، لكن يبدو أن التأثيرات الجانبية لهذا التوتر بدأت تتحول إلى فاتورة مالية للدول المعنية، وعلى رأسها دولة الإمارات، رغم خطابها الهادئ.
وقالت شركات تأمين بحري في لندن، اليوم الجمعة، إنها ضمّت سلطنة عمان والإمارات ومناطق بحرية حول الخليج بالشرق الأوسط، إلى المنطقة عالية المخاطر.
وأصدرت “لجنة الحرب المشتركة” بسوق لندن للتأمين بياناً يقول إن الإضافات تتضمن مناطق تعتبر ذات مخاطر أعلى لشركات التأمين البحري وتعكس تزايد المخاطر في المنطقة.
وتحظى توجيهات اللجنة بمتابعة وثيقة وتؤثر على العوامل التي تأخذها شركات التأمين في الاعتبار فيما يتعلق بأقساط التأمين.
ويشكل هذا التصنيف ضرراً لسمعة الإمارات كملاذ آمن، وواحة للتبادل التجاري العالمي.
كما أن اعتبار الإمارات ضمن منطقة المخاطر العالية، يعني ارتفاع تكاليف التأمين على السفن التجارية وناقلات النفط، الأمر الذي يقلص من الأرباح، وقد تسعى الشركات الخاسرة إلى البحث عن بدائل في حال استمر التوتر فترة طويلة.
والأربعاء الماضي، أكّد وزير الدولة الإماراتي للشؤون الخارجية، أنور قرقاش، أن بلاده ملتزمة خفض التصعيد في منطقة الخليج بعد واقعة تعرض أربع سفن لعمليات “تخريبية” قبالة الامارات.
وقال قرقاش في لقاء مع صحافيين في دبي: “نحن ملتزمون بخفض التصعيد، وبالسلام والاستقرار. علينا أن نلزم الحذر وألا نطلق الاتهامات”، مضيفا “لقد دعونا دائما لضبط النفس وسنبقى ندعو إلى ذلك”.
وأعلنت بعثة الإمارات في الأمم المتحدة، أمس، الخميس، أن خمس دول تشارك في التحقيق حول الهجمات على الناقلات، هي الإمارات والسعودية والنرويج وبريطانيا والولايات المتحدة.
وقال مصرفي يتخذ من دبي مقراً، ويعمل في قطاعي الطاقة والملاحة، في إفادة لوكالة رويترز: “تحاول السلطات الإماراتية تحقيق توازن دقيق لأن هذا مركز أعمال”.
وأضاف: “صدرت الأصوات الملائمة…لا أجراس إنذار”.
وتعتمد الإمارات على ثلاثة موانئ رئيسية في تعزيز موقعها التجاري على مستوى العالم، وهي ميناء جبل علي في دبي، وميناء خليفة في أبوظبي، وكلاهما يطلان على الخليج، وميناء الفجيرة، وهو المنفذ الإماراتي الوحيد على الساحل الشرقي.
ومنذ الهجوم على الناقلات، اتبعت الإمارات سياسة أكثر هدوءاً، وتحرص وسائل الإعلام الرسمية على ترجمة هذا الهدوء بتناول إعلامي غير تحريضي، وعدم تحميل المسؤولية لإيران، قبل انتهاء التحقيقات.
ويعد ميناء الفجيرة بمثابة “السر المعلن” للإمارات، حيث يمكن من خلاله تفادي مضيق هرمز، والتخلص مما تسميه أوساط إماراتية “الابتزاز الإيراني” عبر تهديدات متكررة بإغلاق المضيق.
كما يؤدي الميناء دوراً رئيسياً في إنعاش الموقع التجاري للإمارات، خصوصاً بعد الأزمة الخليجية بين قطر وجيرانها، الأمر الذي أدى إلى تضرر معظم الموانئ الخليجية داخل حوض الخليج.
كما تعلق شركات عالمية آمالاً على ميناء صلالة العماني، وهو أيضاً ميناء عملاق، ويضاهي ميناء الفجيرة.
ومن شأن إلحاق الضرر بميناء الفجيرة، توجيه ضربة مباشرة لصورة الإمارات كمركز عالمي للتبادل التجاري والترانزيت والأعمال.
وتتمتع منصتا التصدير في الميناء بالقدرة على التعامل مع 50 ألف طن من النفط سنويا، واستقبال ناقلات النفط العملاقة.
ويضم الميناء خزانات نفطية ضخمة تقدّر سعتها بنحو 10 ملايين طن من الخام، أي حوالي 70 مليون برميل.
وزار حاكم الفجيرة الشيخ حمد بن محمد الشرقي الميناء، بعد يومين من الهجوم على الناقلات، معلنا عن خطط لتعزيز قدرات المرفأ.
وقال إن عمليات التطوير في الميناء لم تتوقف منذ عقود، واصفا إياه بالمنصة الرئيسية “للشركات المحلية والإقليمية والعالمية في مجالات إمدادات الطاقة وتخزينها عالمياً، لا سيما أن ميناء الفجيرة يحتل موقعاً استراتيجياً متميزاً خارج مضيق هرمز على البحار المفتوحة”.
ويرى مراقبون أن الرسالة التي وصلت إلى الإمارات، بعد ارتفاع التوتر في المنطقة، منذ مطلع شهر أيار/ مايو الحالي، أن “البحار المفتوحة” التي تحدث عنها حاكم الفجيرة، بخصوص الموقع الاستراتيجي للميناء، قد تصبح مغلقة، بدون حرب، إذا تضررت سمعة الإمارات.