كوباني – فتاح عيسى – نورث برس
يستذكر رشيد صوفي، وهو فنان من مدينة كوباني، السهرات المشتركة مع الفنان الراحل محمد دومان والعزف في أمسيات الشتاء خاصةً، إذ كان يحمل العود بينما يعزف الفنان الراحل على الكمان في تناغم موسيقي، “سببه المعرفة بالمقامات” التي زادت الانسجام بين العازفين.
وكان محمد غازي الذي ولد في قرية شيران بريف كوباني عام 1929، قد توفي الأربعاء الفائت في أحد مشافي العاصمة التركية أنقرة، عن عمر ناهز /91/ عاماً.
واشتهرالفنان التراثي وعازف الكمان الأول في مدينة كوباني محمد خليل غازي، المعروف باسم “محمد دومان”، بعزفه على آلة الكمان طيلة مسيرته الفنية مع الفنان الشعبي باقي خدو وتأدية أغانيهما الشعبية والتراثية.
ووصف “صوفي”، الذي تعرَّف على محمد دومان عام 1975، أعمال الفنان الراحل محمد غازي بأنها ذات “صبغة” كوبانية، لأن “موسيقاه كانت تتحدث بلهجة كوباني، يعزف على الكمان وكأنه يتكلّم معك بلهجة كوباني، وهذا ما أدّى لتعلّق الناس به”.
وأضاف: “عندما كنا نتحدّث عن الموسيقا، كنا نفهم بعضنا البعض، هذا الشي غير موجود حالياً، فهناك الكثير من الفنانين الذين أتحدّث معهم عن الموسيقا والمقامات دون أن نفهم بعضنا البعض”.
وأشار “صوفي” إلى أن الراحل أثَّر بشكل بارز على مسيرة الفن في مدينة كوباني، “فلم تكن لدى الفنان باقي خدو خبرة بالمقامات، وكثيراً ما كان لا يستطيع مجاراة محمد دومان في الطبقات الموسيقية التي يعزفها، ليضطر الراحل للعزف على طبقة الغناء التي يؤديها خدو”.
ودُفن الفنان محمد دومان الخميس الماضي، في قرية الزيارة بريف مدينة سروج المحاذية لكوباني في الجانب التركي، بعدما منعت تركيا دخول جثمانه إلى مسقط رأسه.
وقال دجوار مشيد، نائب رئيس هيئة الثقافة في إقليم الفرات، إنهم تواصلوا مع ذوي الراحل محمد دومان لإيصال جثمانه وتنفيذ وصيته بدفنه في كوباني عبر مدينة جرابلس ومروراً بمنبج.
وأضاف أن هيئة الثقافة كانت جاهزة لاستقبال الجثمان في مدينة منبج وإقامة مراسم الدفن مع مراعاة الإجراءات الخاصة بوباء كورونا، “لكننا تفاجأنا بأن الجانب التركي منع إدخال الجثمان إلى الأراضي السورية”.
وبحسب “مشيد”، فإنه ستتم محاولة نقل رفات الراحل محمد دومان إلى مدينة كوباني مع انتهاء الإجراءات المتعلقة بوباء كورونا في تركيا.
وقال كامل حسن، وهو إداري في قسم الفن الفلكلوري في مركز باقي خدو الثقافي، إن الفنان الراحل محمد دومان تعلّم العزف على آلة الكمان في الخمسينات من القرن الفائت على يد شخص أرمني، وبعد أن أنهى خدمته العسكرية أصبح هو وباقي خدو أصدقاء، ودخلوا مجال الفن في كوباني وسهل سروج حيث لم يكن ثمة حدود بين المنطقتين، “فيما يقول سكان كوباني المعمرين إن والده أيضاً كان يعزف على آلة القانون”.
ولمحمد دومان نحو/15/ أغنية إيقاعية من كلماته وألحانه، كما شارك بإحياء الحفلات في المناطق العربية مثل جرابلس ومنبج.
وكان يعزف الألحان التركية والعربية والكردية، ويتحدّث باللغات العربية والتركية والكردية والأرمنية واللهجة الصورانية، بحسب “حسن”.
وأضاف “حسن” أن الراحل محمد دومان دخل برفقة الفنان باقي خدو إلى معظم منازل سهل سروج للغناء، ووصلا إلى أورفا وعينتاب ومدينة حلب التي قاما بتسجيل أغنيتين في إحدى استديوهاتها.
وقام عدد من فناني كوباني بإعادة غناء أغاني محمد دومان وتسجيلها مثل سيامند أوسكلي ومجو كندش وشاد وكامل حسن.
ولفت الإداري في قسم الفن الفلكلوري في مركز باقي خدو الثقافي إلى أن “الفنان الراحل كان يصرُّ على البقاء في كوباني، لكنه اضطر للخروج بسبب حرب داعش على المدينة، التقيت به في عينتاب أثناء الحرب، كان حزيناً ويكرر دائماً وصيّته بدفنه بعد الممات في كوباني”.