حسكة: التدهور المعيشي يدفع عمالاً للاستمرار في عملهم رغم حظر التجول الكامل
حسكة – دلسوز يوسف – نورث برس
في مدينة حسكة، شمال شرقي سوريا، يعمل ياسر شكاكي برفقة عدد من عامليه في نجارة البناء تحت وطأة حرارة الصيف الذي يعد الأكثر قيظاً في العالم وفق مراكز للأرصاد الجوية، دون التقيّد بوسائل الحماية من فيروس كورونا الذي بات يدق ناقوس الخطر ويهدد حياة سكان محليين، معللاً عدم تقيّده بالحظر بعدم قدرته على ترك العمل الذي يحتاجه في تدبّر الاحتياجات المعيشية لأسرته.
وأعلنت هيئة الصحة في الإدارة الذاتية، السبت، تسجيل /16/ إصابة جديدة بفيروس كورونا في مناطقها، بينها /11/ إصابة في مدينة حسكة وحدها، وتشمل حالة وفاة.
وقال “شكاكي” (38 عاماً) والعرق يتصبب من جبينه: “قبل إصدار قرار الحظر باشرنا بالعمل ضمن هذا البناء، نحن لسنا ضد حماية الفرد لنفسه وكلنا يودّ الجلوس بأمان مع أسرته، لكن ضيق الحال يجبرنا على الاستمرار في العمل”.
وأضاف، وهو يشير بيده إلى العمال الذين يبدو عليهم التعب: “هؤلاء العمال بحاجة للعمل، فهم يعتمدون على مردود أتعابهم اليومية لإعالة أسرهم”.
وتتألف ورشة “شكاكي” من خمسة عمال، يعملون طيلة /10/ ساعات يومياً لقاء ستة آلاف ليرة سورية (حوالي ثلاثة دولارات).
ويرى رئيس الورشة الأزمة المعيشية الخانقة التي تشهدها البلاد سبباً في عدم التقيّد بالحظر وإجراءات الوقاية من فيروس كورونا، “فربطة الخبز أصبح ثمنها /500/ ليرة وقالب الثلج بـ/2000/ ليرة، كيف سنعيش إذاً في هذا الغلاء وكيف سنتقيد بتدابير الحماية؟”.
وشهدت الأيام الأولى من حظر التجول المفروض من قبل الإدارة الذاتية في إقليم الجزيرة منذ الخميس الماضي حركة اعتيادية للمدنيين في شوارع مدينة حسكة دون مراعاة لقواعد التباعد الاجتماعي والتقيّد بارتداء الكمامات، رغم مناشدات هيئة الصحة بالالتزام بالقرارات الصادرة لمنع تفشّي مزيد من الإصابات بفيروس كورونا المستجد.
وكان جوان مصطفى، الرئيس المشارك لهيئة الصحة في الإدارة الذاتية لشمال وشرق سوريا، قد توقع في حديث لـ”نورث برس” أمس الجمعة، أن تكون أواخر شهر آب/أغسطس الحالي موعداً لانفجار حالات الإصابة بفيروس كورونا في مناطق شمال شرقي سوريا، مبيّناً أن حظر التجول يهدف إلى تأخير هذا الموعد.
وبالقرب من مكان عمل شكاكي في حي تل حجر، يتجول السكان كما العادة في الشوارع الرئيسية، بينما تشهد محلات الخضار والمواد الغذائية تجمّعات للمدنيين لشراء حاجياتهم دون التقيّد بإجراءات الوقاية، خاصةً وأن الكثيرين لم يتخلّوا عن عادات المصافحة والتقبيل في مشهد يؤكد عدم الاكتراث بخطورة انتشار الفيروس المميت.
ولا يختلف الحال بالنسبة للورنس عيسى (39 عاماً)، وهو عامل حدادة باطون من سكان حسكة، إذ قطع سيراً على الأقدام مسافة أربعة كيلومترات من منزله وصولاً إلى مكان عمله، وذلك بهدف تجنّب حواجز الأمن الداخلي.
وقال “عيسى”، وهو يتنقل بين العمال الذين ينهمكون بترتيب أسياخ الحديد: “نعرف أن هناك حظراً، ولكن ما الذي يجبرني على المسير على الأقدام للمجيء إلى مكان العمل سوى تأمين لقمة العيش، وإن لم نعمل فلن نأكل أيضاً، لأن حياتنا معتمدة على الأجور اليومية التي نتقاضاها”.
وفي الوقت الذي أعلنت فيه هيئة الصحة في الإدارة الذاتية لشمال وشرق سوريا عن وصول عدد الإصابات في مناطقها إلى /82/ إصابة، بينها أربع حالات وفاة وحالة شفاء، يضيف “عيسى”: “عندما نتمكن من تدبير أمور المعيشة حينها سننفّذ جميع القرارات الصادرة، لكن بصراحة نحن شعب يعتمد على العمل لتأمين احتياجاته”.