رام الله ـ NPA
لم تؤكد إسرائيل رسمياً بأن مخابراتها الخارجية الممثلة بجهاز “الموساد” قد نقلت أدلة “دامغة” إلى الولايات المتحدة الأمريكية حول نشر قوات تابعة لإيران منصات صواريخ في البصرة وقرب قواعد أمريكية بالعراق، لكن المحللين والمراقبين في تل أبيب لم يستبعدوا أن يكون إرسال الأسطول الحربي الأمريكي إلى الخليج، مبني على معلومة أمنية إسرائيلية “حصرية.”
الباحث الإسرائيلي مردخاي كيدار، قال لـ”نورث برس” إن إسرائيل لديها مخابرات “جيدة جداً” ومن الطبيعي أن تنقل معلومات إلى أمريكا أو الدول العربية السنية التي تتعاون معها، أو تصل معلومات إلى إسرائيل من هذه الدول في إطار التعاون الاستخباراتي في ظل وجود “عدو مشترك” يتمثل بإيران. وأضاف مردخاي: “إسرائيل تأخذ وتعطي معلومات”.

الباحث الإسرائيلي مردخاي كيدار
وأشار الباحث الإسرائيلي إلى أن إسرائيل تخشى من ضربها بصواريخ من أكثر من مكان في حال اندلعت حرب شاملة في المنطقة مع إيران.
لكن كيدار مردخاي اعتبر أن هناك مبالغة في الحديث عن دور إسرائيل فيما يتعلق بالتوتر الحاصل في المنطقة، وكأنها تقوم بدور تحريضي في الشرق الأوسط لإشعال حرب، واصفاً إياها بـ”معلومات مضحكة. نحن ناس عاديين ولسنا من نحرض الشرق الأوسط.”
بدوره، أكد الكاتب الصحافي المختص بالشأن الإسرائيلي نظير مجلي، لـ”نورث برس” أن هناك تنسيقاً معلوماتياً دائماً بين إسرائيل والدول العربية السنية والولايات المتحدة، وأن إسرائيل تبذل جهوداً خارقة لتتبع الأنشطة الإيرانية بكل تفاصيلها في غزة وسوريا والعراق وليبيا واليمن ومناطق أخرى.

الكاتب الصحافي المختص بالشأن الإسرائيلي نظير مجلي
وأضاف أن ثمة مبالغة في الحديث عن القوة الاستخباراتية الإسرائيلية كما لو أنها الوحيدة في المنطقة، موضحاً أن هناك معلومات استخباراتية تكون قوية أيضاً لدى السعوديين أو الإماراتيين وغيرهم.
وبين أن عملية التعاون بين إسرائيل والخليج العربي تكون في “المخزن الأمريكي”، فتقوم واشنطن بتزويد الخليج بمعلومة وصلتها من إسرائيل، أو تزود الأخيرة بمعلومة وصلتها من دول الخليج العربي، وهكذا.
ويوضح الصحافي مجلي الذي يقيم في إسرائيل، أن تل أبيب ليست الوحيدة التي لديها معلومات استخباراتية وتعرف، بل هناك العديد من الأطراف في المنطقة لديها قدرات بالمعرفة الاستخباراتية.
ويتابع نظير مجلي: “عندنا العرب شعور بالنقص، فنتحدث عن إسرائيل كما لو أنها الوحيدة التي تعرف كل شيء، بينما الحقيقة أن كل الأطراف لديها معلومات ونشيطة في الوصول إليها من منطلق أن الجميع لديه قلق والكل يبحث عن المعلومات ويرسلها لمصدر واحد يكمن في واشنطن، والأخيرة توزع المعلومات على الدول بناء على المصلحة الأمريكية”.
ولهذا، تستفيد إسرائيل من معلومات استخباراتية تصلها من دول عربية، فضلاً أن “السايبر” يتيح رصد العديد من المعلومات عبر الجو، يضيف مجلي.
وحول ما تنظر إليه إسرائيل إزاء احتمالية نشوب حرب مع إيران، قال مجلي إن هناك مبالغة صحفية أيضاً في تصوير حقيقة ما يجري، مشيراً إلى أن إيران تعمل بطريقة غير مباشرة وغير معنية بإطلاق رصاصة مباشرة وإنما عبر وكلائها في المنطقة. ويؤكد مجلي أن لإيران نفوذاً داخل ليبيا والعراق واليمن وغزة وغيرها.
ويعرب مجلي عن اعتقاده أن المسألة هي أن وكلاء يقومون بمهمات إيرانية، والأمر نفسه من الجهة الثانية بخصوص أمريكيا التي لا تريد أن تدخل حرباً مباشرة.
ويرى مجلي أن تحركات إيران في المنطقة تشكل تعبيراً عن أزمتها التي تسببت بها أمريكيا جراء الحصار والعقوبات، خاصة أن هناك عجزاً مضاعفاً بموازنتها، علاوة على نسبة البطالة في صفوف المواطنين الإيرانيين التي تبلغ نحو أربعين بالمئة. بالإضافة إلى أنها تريد ان تتوتر الأمور لتقايض “إنهاء العقوبات بإنهاء التوتر”.
وفيما يتعلق بمخاض كل الأزمة والتوتر الحاصلين في المنطقة، يعتقد مجلي أنها ستقود إلى تفاهمات بالمحصلة، من منطلق استراتيجية تتبناها الإدارة الأمريكية الحالية، مفادها “فرض أقصى ضغط على إيران قد يجلبها إلى طاولة التفاوض بشروط أمريكية”.
لكن مجلي يوضح أن إيران والولايات المتحدة ستتوصلان لحلول وسط في نهاية الأمر، لأنه لا يمكن لأي طرف أن يفرض على الآخر كل ما يريد.
وكان رئيس الحكومة الإسرائيلية، بنيامين نتنياهو، قد عقد اجتماعا “استثنائيًا” مع قادة الأجهزة الأمنية في إسرائيل، بحث خلاله تصاعد حدة التوتر خلال الأيام القليلة الماضية بين كل من طهران وواشنطن.
ويأتي الاجتماع بعد أن قررت إدارة الرئيس الأمريكي، دونالد ترامب، فرض عقوبات جديدة على إيران، وما تلا هذا القرار من إرسال الولايات المتحدة حاملة طائرات وقاذفات من طراز “بي 52” إلى الشرق الأوسط للتصدّي لمخاطر “هجمات إيرانية على مصالح أمريكية” قالت إنها “وشيكة”.
وناقش نتنياهو، الذي يشغل منصب وزير الأمن الإسرائيلي كذلك، مع قادة الأجهزة الأمنية، التحضيرات الإسرائيلية لمواجهة تصعيد عسكري محتمل في هذا السياق.
وفي سياق متصل، قالت صحيفة “واشنطن تايمز” الأمريكية، الأربعاء، إن الحشود العسكرية الأمريكية الأخيرة في الشرق الأوسط، وراءها معلومات استخباراتية عن تحريك صواريخ إيرانية.
وأضافت الصحيفة أن تحريك الصواريخ جاء لتكون في مدى القوات الأمريكية بالمنطقة، وتقف وراء الخطوة ميليشيات مدعومة من إيران بالعراق.
وأفادت الصحيفة، نقلا عن مصادر وصفتها بالمطلعة دون الكشف عنها، أن تلك المعلومات كانت سببًا أيضا في الزيارة المفاجئة من جانب وزير الخارجية الأمريكي، مايك بومبيو، للعراق أوائل الشهر الجاري.
وأضافت أن بومبيو قال لمسؤولين عسكريين عراقيين، أثناء الزيارة، إنه يتعين على القوات العراقية السيطرة على الميليشيات الإيرانية وكفها عن تهديد المصالح الأمريكية.
ولم يرد أي تعليق فوري من جانب الولايات المتحدة على ما ذكرته الصحيفة.