إنصافاً للإيزيديات الناجيات.. فلنتذكر الجرائم التي ارتكبتها "نساء داعش"

ميغان بوديت

 

يصادف الثالث من آب /أغسطس مرور ستة أعوام على الإبادة الجماعية المُرتَكبة بحق الإيزيديين، حين هاجم "داعش" موطن الأقلية الدينية الإيزيدية في سنجار /شنكال بشمال العراق، وعلى مدى أسابيع، قُتل آلاف الرجال الإيزيديين، واختُطفت آلاف النساء والفتيات الإيزيديات وأُجبرن على الاستعباد الجنسي، واليوم، ما يزال أكثر من /2000/ شخص في عداد المفقودين.

 

وعلى الرغم من أن "داعش" لم يعد يسيطر على أيّ أراضٍ منذ عام 2019، إلا أن المجتمع الدولي لم يحرز سوى تقدم بسيط في تقديم مرتكبي الإبادة الجماعية إلى العدالة. في العديد من الحالات، كانت المواقف الدولية تجاه أعضاء "داعش" السابقين تهدد هذه الجهود بقوة، ويتضح هذا بشكل خاص في حالة ما يُسمّى "عرائس داعش"؛ أي النساء اللواتي سافرن إلى سوريا ولعبن أدواراً نشطة في الحفاظ على حكم التنظيم الإرهابي.

 

تصف روايات الناجيات والناشطات كيفية مساهمة هؤلاء النسوة بشكل فعال وعلني العنف القائم على الإبادة الجماعية، والذي ألحقه داعش بالنساء والفتيات الإيزيديات.

 

وفي هذا الصدد، قالت نادية مراد، وهي إحدى الناجيات الإيزيديات، والحائزة على جائزة نوبل للسلام نظير عملها في الحض على إنهاء العنف الجنسي المرتبط بالنزاع، في كتابها "الفتاة الأخيرة، إن نساء "داعش" "غالباً ما يكنّ أكثر قسوة من الرجال، وأنهن غالباً ما يضربن ويجوّعن و يسئن معاملة النساء والفتيات المستعبَدات، بدافع الغيرة أو الغضب أو لأنهن أهداف سهلة".

 

فيما قالت بَري إبراهيم، وهي ناشطة حقوقية إيزيدية ومديرة مؤسسة الإيزيديين الأحرار، في إحدى اللقاءات: "حين كان رجال "داعش" يتوجهون القتال، كانوا يسلّمون زمام الأمور لنساء "داعش"، وقد قامت هؤلاء النسوة بتعذيب نسائنا وإساءة معاملتهن نفسياً. أخبرتني بعض الفتيات أن نساء "داعش" هن اللواتي قمن بتزينهن وإدخالهن إلى الحمام، وقمن بحبسهن في غرفة حتى يتسنى لرجال "داعش" اغتصابهن باستمرار".

 

وجاء في تقرير للأمم المتحدة حول الإبادة الجماعية أن زوجات وأطفال مقاتلي "داعش" شاركوا بعض الأحيان بضرب الإيزيديات المستعبَدات، كما أن زوجات مقاتلي "داعش" أجبرنَ النساء والفتيات الإيزيديات على العمل في منازلهن، حيث روت بعض النساء ممن أُجريت معهن مقابلات أنهن أُجبرنَ على أن يصبحن خادمات في منازل مقاتلي "داعش" وعائلاتهم، وفي بعض الأحيان أجبرن أيضاً على رعاية أطفالهم.

 

نساء "داعش" أنفسهن اعترفن علانيةً بمشاركتهن ودعمهن للعنف المُمارسِ على النساء والفتيات الإيزيديات. ففي مقابلة أُجريت مع إحدى نساء "داعش" في شمال شرقي سوريا، قالت امرأة فلبينية لم تذكر اسمها إنه "لا يمكن اعتبار الإيزيديات بشراً عاديين، إنهن ممتلكات وعبيد لنا حسب مبادئنا الدينية، يمكننا أن نفعل بهن ما نشاء وما حدث معهن لا نسمّيه اغتصاباً، فهن ممتلكات وجواري لدينا".

 

على الرغم من ذلك، فإن الحكومات ووسائل الاعلام تقدّم تلك النساء المنتسبات لتنظيم "داعش" على أنهن أقلّ عنفاً وأقلّ مسؤولية عن الفظائع من نظرائهن من الرجال. "عرائس داعش"، هكذا يتم وصفهن. يبررون  بأن هؤلاء النسوة انضممن إلى التنظيم بسبب أزواجهن، أو بهدف الزواج فقط لا غير. كما حاول بعضهم تقديم تلك النسوة على أنهن ضحايا، متجاهلين دعمهم الحقيقي لأفكار وإيديولوجيا وممارسات التنظيم.

 

لقد كان لهذه النظرة الاختزالية آثار سياسية بالفعل، ففي وقت سابق من هذا الشهر، قامت المخابرات التركية بتهريب امرأة مولدوفية تابعة لـ"داعش"، كانت محتجزة في مخيم الهول لدى "قوات سوريا الديمقراطية"، حيث عاملتها تركيا كما لو أنها مدنية أو رهينة تمّ انقاذها .

 

كما أن الجدل الذي تمّ إثارته حول عودة "شيماء بيغوم" إلى المملكة المتحدة لم يدُر حول الجرائم التي دعمتها والتي يمكن أن تُحاكم عليها، بل حول السياسات المحلية ومخاوف الحرب الثقافية.

 

الغالبية العظمى من النساء المنتسبات إلى "داعش" من خارج العراق وسوريا لم تعد إلى أوطانها. وبغض النظر عن عدد قليل من حالات المحاكمة في ألمانيا، فإن هناك أخريات تمّ إطلاق سراحهن أو اُتهمن بموجب قوانين الإرهاب التي لا تتطرق إلى الإبادة الجماعية أو الجرائم ضد الإنسانية أو جرائم الحرب.

 

وعلى الرغم من أن القوالب النمطية حول الجنس والنزاع والعنف توحي بغير ذلك، إلا أن التاريخ يُظهر أن المرأة قادرة على دعم وتمكين العنف القائم على نوع الجنس على نطاق واسع. من المعروف أن محاكم جرائم الحرب التي أُنشئت لمحاكمة مرتكبي الفظائع في البوسنة ورواندا أدت إلى حالات بارزة اعترفت بالعنف الجنسي كسلاح حرب وتكتيك للإبادة الجماعية، كما أن كل محكمة من بين تلك المحاكم وجدت أن امرأة واحدة مذنبة بارتكاب مثل هذه الجرائم من بين الفظائع الأخرى، فهي بذلك تمثّل تاريخاً أساسياً لفهم الكيفية التي ينبغي للمجتمع الدولي أن يعالج بها قضايا نساء "داعش".

 

ويتضمّن حكم المحكمة الجنائية الدولية ليوغوسلافيا على بيليانا بلافسيك، الرئيسة السابقة لجمهورية صرب البوسنة، العديد من الإشارات إلى العنف القائم على نوع الجنس الذي وقع أثناء النزاع كأمثلة على خطورة جرائم الحرب التي أشرفت عليها.

 

وفي القسم الخاص بالممارسات القانونية في يوغوسلافيا، والذي كان مطلوباً من المحكمة التشاور معه كجزء من حكمها الصادر بالحكم، يُدرج "الإكراه على البغاء أو الاغتصاب" كأحد الجرائم المذكورة.

 

وأدانت المحكمة الجنائية الدولية لرواندا "بولين نييراماسوهوكو"، الوزيرة الرواندية السابقة لتنمية الأسرة والمرأة، بارتكاب جريمة ضد الإنسانية (اغتصاب) وانتهاك خطير للمادة الثالثة المشتركة بين اتفاقيات جنيف والبروتوكول الإضافي الثاني (الاعتداء على الكرامة الشخصية) بسبب عدم منع الاغتصاب والمعاقبة عليه، ولاحظ حكم المحكمة الجنائية الدولية لرواندا أنها أمرت الآخرين أيضاً بارتكاب أعمال عنف جنسي، وهي المرأة الوحيدة التي أُدينت بالاغتصاب كسلاح في الحرب.

 

قدمت هذه المحاكمات سابقتين مهمتين لا مثيل لهما: الأولى أكدت أنه يمكن تحميل الجناة مسؤولية العنف المنهجي ضد مجموعات كاملة من النساء، والثانية أكدت أن هذه المسؤولية يمكن أن تشكل عنصراً من الاتهامات الأوسع نطاقاً للإبادة الجماعية والجرائم ضد الإنسانية.

 

وعلى الرغم من أن نساء "داعش" لم تملكن صلاحية إصدار القرارات، فإن العديد منهن ارتكبن أعمالاً وحشية، ويجب الاعتراف بهن ومحاكمتهن على هذا النحو، لا أن يسمح لهن بالهروب من العدالة!