أزمة سد النهضة.. في انتظار "قمة الثلاثاء الحاسمة"

القاهرة- محمد أبوزيد- نورث برس

 

يُعول الاتحاد الإفريقي على القمة المصغرة التي من المقرر أن تعقد منتصف الأسبوع الجاري، بين رؤساء مصر والسودان وأثيوبيا مع رئيس الاتحاد الأفريقي (رئيس دولة جنوب أفريقيا)، من أجل اتخاذ خطوة للأمام، وإنجاح وساطته في ملف الأزمة، وتجاوز العثرات التي شهدتها المفاوضات الأخيرة.

 

ويحاول الاتحاد الإفريقي لملمة أزمة سد النهضة الإثيوبي، وحل الخلافات الدائرة حوله بوساطة الاتحاد والتي لم تسفر عن أي تقدم يذكر خلال جولة المفاوضات الأخيرة على مدار أسبوعين تقريباً، بعد أن أخذ زمام المبادرة في الملف من مجلس الأمن، وأعلن عن تشكيل لجان فنية وقانونية بين الدول الثلاث ومراقبين مختصين من الاتحاد لرعاية اتفاق حول سد النهضة الإثيوبي بين مصر والسودان وإثيوبيا، لكنّ الأطراف الثلاثة أعلنوا عن عدم التوصل لاتفاق بنهاية تلك المفاوضات.

 

وفيما يشكك مراقبون بمدى إمكانية نجاح تلك القمة المصغرة، باعتبار أن المختصين الفنيين الممثلين في وزارات الري والمياه والمراقبين فشلوا في التوصل لاتفاق فني وقانوني، فإن آخرين يعولون على إمكانية أن يكون الحسم سياسياً عبر القمة المصغرة، من أجل الاتفاق على مبادئ عامة يمكن بناءً عليها حسم الخلافات القانونية والفنيّة في جولة جديدة من المفاوضات.

 

التمسك بالمفاوضات

 

ويعتقد أستاذ الموارد المائية بجامعة القاهرة، الدكتور عباس شراقي، بأنه خلال القمة المصغرة المرتقبة، ستؤكد القاهرة من جانبها على موقفها الثابت برفض اتخاذ أي قرار منفرد أو أحادي بملء السد، مع التأكيد على التمسك بطريق المفاوضات من أجل حسم النقاط الخلافية بمواقف مرنة بين الدول الثلاث.

 

وشدد على أن "القمة المصغرة من المأمول أن يتم خلالها الاتفاق على خطوط عريضة أو مبادئ عامة، يعقب ذلك اجتماعات على مستوى اللجان الفنية والقانونية لاستكمال المفاوضات بناءً على الاتفاق العام الذي يتم التوصل إليه من خلال القمة المصغرة على مستوى الرؤساء".

 

وتوقع شراقي التوصل لاتفاق فعلي في هذه الجولة، مشيراً إلى أن المسار البديل في هذه الحالة هو مسار مجلس الأمن الدولي.

 

لغط

 

وأثير لغط خلال الأيام القليلة الماضية بعد تصريحات وزير المياه والري الإثيوبي ببدء بلاده ملء سد النهضة، قبل أن تتقدم القاهرة بطلب استيضاح رسمي من الحكومة الإثيوبية حول ذلك الأمر، فيما نفت أديس أبابا الملء، واعتذر التلفزيون الرسمي عن سوء فهم في نقل التصريحات، وأكدت إثيوبيا على أن ملء السد لم يتم بعد.

 

وكان رئيس الاتحاد الإفريقي قد أكد أمام مجلس الأمن على أن الاتحاد قادر على حسم الملف والتوصل لاتفاق. ويعول على القمة المصغرة -على رغم عمق الخلافات بين الدول الثلاث على الأمور الفنية والقانونية- من أجل إنجاح مهمته.

 

ويتهم مراقبون مصريون الجانب الإثيوبي بـ "المراوغة" في ملف المفاوضات، ويطالبون بلادهم بـ"موقف أكثر حزماً"، على غرار تأكيدات وزير المياه والري السابق في مصر الدكتور محمد نصر الدين علام، والذي قال، إن إثيوبيا تعتمد أسلوب المراوغة في المفاوضات وفي التصريحات الصادرة عنها، مستشهداً باللغط الذي أثاره إعلان أديس أبابا عن بدء ملء السد ثم نفي الخبر بعد ذلك بساعات، مشدداً على أن تخزين المياه يتم بالفعل من جانب إثيوبيا.

 

ودعا علام بلاده إلى التعامل بصورة أشد من تعاملها الحالي، لاسيما أن الخارجية المصرية تتبع المسارات الدبلوماسية وتتعامل باحترافية شديدة، لكن في المقابل فإن الجانب الإثيوبي يتبع أسلوب المناورة، ولا يجب تصديق تصريحات وبيانات الجانب الإثيوبي بعدم البدء في تخزين المياه، في ظل تأكيدات سودانية حول ذلك الأمر، وإشارات نقص المياه في الخرطوم بـ/ 90/ مليون متر مكعب.

 

تدخلات خارجية

 

وفي سياق تطورات التدخلات الخارجية في ملفات الشرق الأوسط وعلى الأخص ليبيا و وأزمة سد النهضة، التقى وزير الخارجية التركي مولود تشاووش أوغلو، 16 تموز/ يوليو الجاري، بأنقرة، ميلاتو تشومو الرئيس الإثيوبي السابق والمبعوث الخاص لرئيس الوزراء "آبي أحمد".

 

وحول دلالات هذه الزيارة قال طه عودة أوغلو، الباحث في الشأن التركي والعلاقات الدولية، في حديث لـ"نورث برس" ، إن اللقاء التركي الإثيوبي، "له دلالة هامة خاصة أنه جاء بالتزامن مع توترات بين مصر وإثيوبيا بخصوص مفاوضات سد النهضة من جانب والتصعيد بين تركيا ومصر عبر تدخلهما في الأزمة الليبية من جانب آخر".

 

وأشار "عودة أوغلو"، إلى أن "اللقاء المفاجئ والغير معلن بين تشاووش أوغلو والمبعوث الإثيوبي، جاء بالتزامن مع تلويح الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي بالتدخل عسكرياً في ليبيا وجاء في وقت توترت فيه العلاقات بشدة بين مصر وإثيوبيا بسبب قرار الأخيرة بدء ملء السد بشكل أحادي دون التوصل لاتفاق مع القاهرة".

 

وقال  "عودة أوغلو"، إنه وعلى الرغم من أن الوزير التركي لم يتطرق في تصريحاته عقب اللقاء  لأزمة السد، "لكن توقيت اللقاء يثير الكثير من الجدل والتكهنات حول ما دار خلف الكواليس وإن كانت تركيا صرحت بشكل مباشر في الفترة الأخيرة أنها تمد يدها إلى مصر للحوار في عدة قضايا بينها ملف شرق المتوسط والملف الليبي لكن القاهرة واجهت هذه التصريحات بالنفي".

 

وتابع، أنه "من الواضح أن هذا اللقاء جاء رداً على نفى وزير الخارجية المصري سامح شكري بحدوث تواصل تركي مصري مؤخراً وهي رسالة تركية واضحة للتلويح بورقة إثيوبيا ضد مصر".

 

ولكن من الممكن بحسب طه عودة أوغلو، الباحث في الشأن التركي والعلاقات الدولية، قراءة الزيارة وإعلان أنقرة عنها رسمياً من زاوية أخرى، وهي أن "الأتراك يسعون للضغط  على القاهرة للتراجع عن دعمها لقوات حفتر، لكن يمكن القول بأن الزيارة بحد ذاتها ورقة تهديد إثيوبية أيضاً لمصر".