باحث مصري: أردوغان يريد إقامة "إمارة إسلامية" داخل ليبيا

نورث برس

 

قال الكاتب والباحث في الجماعات الإسلامية منير أديب (مصري الجنسية)، الاثنين، إن الرئيس التركي رجب طيب أردوغان "يريد إقامة إمارة إسلامية على الحدود المصرية في الداخل الليبي".

 

كلام "أديب" جاء في تصريحات خاصة لـ "نورث برس" تحدث فيها عن توصيفه للمشهد في ليبيا، وسبب العداء بين تركيا ومصر وبعض دول الخليج بسبب هذا الملف.

 

وقال "أديب" إن "هناك طموح تركي عثماني هدفه الانتشار والتوسع والتمدد ضمن مشروع تركي حديث على يد أردوغان، وعثماني قديم".

 

"أمانة عثمانية"

 

وأشار إلى أن "أردوغان ربما يريد أن يحيي إرث أجداده وأن يعود ربما إلى المنطقة التي كانت تسيطر عليها قديماً الدولة العثمانية، حتى أنه أشار إلى ذلك عندما تحدث عن ليبيا فسماها أنها أمانة عثمانية، وأيضاً تحدث عن لليبيين كثيرين يعودون بأصولهم وجذورهم إلى تركيا وإلى الأتراك العثمانيين، وهو يريد هنا يريد أن يعود بطموح أجداده".

 

وأضاف أن "هذا الطموح والتوسع استلزم تدخلاً عسكرياً، وهو الآن تدخل بشكل عسكري وأنشأ قواعد عسكرية له وأرسل ضباطه ومقاتليه إلى داخل ليبيا، وأرسل أيضاً مرتزقة يقاتلون نيابة عن تركيا في ليبيا، والهدف هو احتلال ليبيا عسكرياً واحتلال للقرار السياسي في ليبيا".

 

وقبل أيام وصف أردوغان خطوات مصر في ليبيا بأنها "غير مشروعة"، وقال إن "خطوات مصر في ليبيا ودعمها لقائد قوات شرق ليبيا، خليفة حفتر، غير مشروعة".

 

وأضاف "أديب" أن "أردوغان الآن يتحدث باسم هذه الحكومة المسماة بحكومة الوفاق، وهو الآن يهاجم كل من يدعو لدعم الجيش الوطني الليبي في داخل ليبيا، ولعل ذلك هو سبب العداء الكبير ما بين تركيا والحكومة المصرية وبعض دول الخليج ومنها السعودية والإمارات".

 

ولفت الباحث في الجماعات الإسلامية، إلى أن "أردوغان يريد أن يقيم إمارة إسلامية على الحدود المصرية في الداخل الليبي".

 

وقبل أيام كشف تقرير صادر عن وزارة الدفاع الأمريكية "البنتاغون" أن "النظام التركي قدم أموالاً وعرض الجنسية التركية على آلاف المرتزقة مقابل التوجه للقتال في ليبيا، كما أنه قام بإرسال ما بين /3500/ و/3800/ مرتزق إلى هناك خلال الأشهر الثلاثة الأولى من العام 2020".

 

وحسب التقرير فإن "/300/ مرتزق جندهم النظام التركي في سوريا وصلوا إلى ليبيا في نهاية نيسان الماضي، لافتاً إلى أن تركيا نشرت أيضاً عدداً غير معلوم من العسكريين الأتراك في ليبيا خلال الفترة ذاتها".

 

الإسلام السياسي

 

وفي هذا الجانب أوضح "أديب" أنه "بعد إعلان سقوط ما يسمى بـ(الدولة الإسلامية) على لسان الرئيس الأمريكي دونالد ترامب في 22 آذار/ مارس 2019، أصبح مشروع الإسلام السياسي مهدداً ربما في المنطقة بأكملها بعد ما كانت له دولة نشأت وأعلن (الدواعش) عن نشأتها في الرقة والموصل في 29 حزيران/ يونيو 2014، وسقط مشروع الإسلام السياسي في مصر بقيام ثورة شعبية في 30 حزيران/ يونيو من العام 2013، وسقط مشروع الإسلام السياسي في السودان بسقوط عمر البشير، وأصبح الآن مشروع الإسلام السياسي في تونس مهدداً".

 

وتابع "وبالتالي بدأ يبحث عن بديل لإقامة هذه المملكة التي أتى بها بمرتزقة سوريين مقاتلين، وقد وعد هؤلاء بالجنسية التركية وأعطاهم وأغدق عليهم بالمكافآت المالية الكبيرة وأتى بجزء منهم من الأطفال وجزء من ذوي الحاجة والأغلبية العظمى من المؤدلجين الذين كانوا يقاتلون معه في سوريا، سواء كانوا ينتمون لتنظيم قاعدة الجهاد أو حتى تنظيم داعش".

 

وقال أيضاً "أعتقد أن تقرير البنتاغون قال إن أردوغان أرسل قرابة ما بين /3500/ لـ/3800/ مرتزق سوري للداخل الليبي، وهو ما يفرض التزاماً دولياً بضرورة مواجهة هذا الاحتلال العسكري لليبيا، وما ذكرته هذا ربما يترجم المشروع التركي العثماني في المنطقة القائم على (الاحتلال) العسكري".

 

وأضاف "ولعل صور (الاحتلال) هذه تظهر ليس في ليبيا فقط وإنما في إقليم كردستان العراق  بضربات تركيا العسكرية، وفي شمال سوريا واحتلاله لمنطقة عفرين، والعملية العسكرية التي قام بها سابقاً ويقوم الآن بتنفيذ عمليات عسكرية مرفوضة من قبل المجتمع الدولي وتخالف القوانين والمواثيق الدولية وتعد احتلالاً عسكرياً في ليبيا، وهدفه تحقيق إقامة الدولة التركية القديمة وفرض سيطرتها على المنطقة العربية".

 

تمدد نحو إفريقيا

 

وتشير العديد من التقارير الإعلامية إلى أن التدخل لتركي امتد إلى القارة السمراء الإفريقية، وأن التوغل التركي تركز على جنوب إفريقيا الغنية بالمعادن والثروات، ومن أجل ذلك تم تجييش الشركات التركية للتوجه إلى تلك القارة، مبينة أن بداية الطريق نحو إفريقيا يبدأ من ليبيا.

 

وفي هذا السياق قال "أديب"، "لعل المخابرات التركية نشطة إلى حد كبير وبصورة كبيرة في شمال إفريقيا لهذا السبب، ولذلك تم اختيار هذه الدولة في ليبيا لإقامة هذه الإمارة الإسلامية، وتلافي تعقيدات سقوط دولة (داعش) أو مملكته التي استمرت قرابة /5/ سنوات، وهذا ما يبدو عليه المشهد في ليبيا بصورة مختصرة".

 

وأوضح أن "هدف التدخل العسكري التركي هو احتلال العاصمة الإفريقية ليبيا، ومن ثم الانطلاق منها للقارة الإفريقية السمراء التي يغلب عليها الجهل والفقر وضعف التنمية وانتشار جماعات العنف والتطرف ليست المحلية فقط بل العابرة للقارات، وهذه نيجيريا بوكو حرام وهذه مالي والصومال على سبيل المثال ودول الساحل والصحراء".

 

وأضاف أن "أردوغان أنشأ قواعد عسكرية ربما في بعض العواصم الإفريقية، ولذلك هدفه هو إفريقيا بأكملها والطموح العثماني وإرث الأجداد بشكل عام، ولذلك اختار ليبيا لأنها هي مفتاح إفريقيا، واختار إفريقيا لإقامة الإمارة الإسلامية وأتى بجماعات التطرف والعنف من الداخل السوري والعراقي إلى ليبيا".

 

مفهومين للدولة

 

وأشار الكاتب والباحث في الجماعات الإسلامية منير أديب، إن "هناك مفهومين للدولة: مفهوم الدولة الوطنية الذي ربما تمثله دول وعواصم عربية كبرى وهي فكرة الحفاظ على مفهوم الدولة والمجتمع، وهناك مشروع آخر لدعم جماعات العنف والتطرف أو مشروع الإسلام السياسي وتمثله تركيا على وجه التحديد".

 

ولذلك استخدمت (تركيا) "هذه التنظيمات المتطرفة من العراق وسوريا، ولعل هذه التنظيمات دخلت كلها بل أغلبها عبر تركيا إلى سوريا ونفذوا عمليات إرهابية شاهدها العالم وتابعها لسنوات طويلة، وكان هؤلاء يعالجون في المشافي التركية وينفق عليهم بصورة كبيرة بل كان يتم شراء البترول الذي كانت تسيطر عليه هذه التنظيمات المتطرفة في الرقة من قبل شركات تركية، وهذا ما أحدث طفرة اقتصادية حيث كانوا يشترون ذلك بأموال بخسة، وما يحدث في ليبيا هو امتداد حقيقي ورئيسي ومباشر لدعم مشروع الإسلام السياسي، في ليبيا على وجه التحديد الذي سبق وسقط في الرقة والموصل".