القاهرة- محمد أبوزيد- نورث برس
قطع الرئيس المصري، عبد الفتاح السيسي، الطريق أمام السيناريوهات المتداولة حول اعتزام القاهرة التفكير في حلول خشنة لأزمة سد النهضة الإثيوبي، عقب فشل متتالٍ لجولات من المفاوضات على مدار السنوات الماضية، وذلك من خلال تعليقه -للمرة الأولى- على ما يُطرح عبر وسائل الإعلام ومنصات التواصل الاجتماعي المختلفة بشأن الحلول العسكرية لحسم الأزمة من خلال قيام القاهرة بتدخل عسكري يستهدف السد.
وعول الرئيس المصري، الثلاثاء، خلال افتتاح المدينة الصناعية بـ"الروبيكي"، على نجاح المفاوضات، مؤكداً حرص بلاده على حل الأزمة بالتفاوض، الذي ذكر أنه سيطول وإن كان هناك ضرر فسيكون على الجميع. واستعرض جهود بلاده لتقليل الفقد في مياه النيل، من بينها تبطين للترع في /20/ ألف كيلو متر، مع الإشارة لحجم الاستثمارات في المجالات المرتبطة بالمياه والبالغ تريليون جنيه مصري تقريباً، فضلاً عن الإجراءات الجارية في محطات تحلية ومعالجة المياه.
وبموازاة ذلك، نقلت تقارير إعلامية تصريحات عن الدبلوماسي الإثيوبي، أليمايهو تيجينو أرغاو، يقول فيها إن احتمال نشوب نزاع مسلح بين القاهرة وأديس أبابا بسبب سد النهضة "أمر غير واقعي"، لافتاً إلى المفاوضات الجارية تحت رعاية الاتحاد الإفريقي. كما توقع التواصل لاتفاق قريب.
وكانت جولة المفاوضات الأولى التي انعقدت تحت رعاية الاتحاد الإفريقي بداية الشهر الجاري قد فشلت في التوصل لاتفاق ملزم بين الأطراف، سواء فيما يتعلق بالقضايا الفنيّة أو القانونية المرتبطة بالسد، وقد عقدت قمة مصغرة بعد ذلك -قبيل أيام- بين مصر والسودان وإثيوبيا، وبحضور رئيس جنوب إفريقيا (باعتباره رئيس الاتحاد الإفريقي) تم خلالها الاتفاق على جولة جديدة من المفاوضات، والتي كان من المفترض أن تبدأ قبل يومين، لكن تم تأجيلها لمدة أسبوع من أجل إجراء المزيد من المشاورات.
شهران
إلى ذلك، قال خبير الموارد المائية والري بالقاهرة، الدكتور عباس شراقي، في تعليقه على جولة المفاوضات الجديدة التي تم تأجيلها لمدة أسبوع لمزيد من المشاورات، إن "التأجيل يمثل فرصة لالتقاط الأنفاس وتهدئة الجو، بعد أن أعلنت أديس أبابا عن ملء الخزان مؤخراً".
وطبقاً لأستاذ الجيولوجيا والموارد المائية، فإن هناك فرصة لمدة شهرين فقط، حتى شهر تشرين الأول/ أكتوبر المقبل، وهو الشهر الذي من المتوقع فيه أن تنتهي موجة الأمطار الغزيرة، وهي الموجة التي بناءً عليها حدث تخزين إجباري للمياه في سد النهضة، وبالتالي إن لم تقم أديس أبابا بفتح البوابات الأربع للسد لتصريف المياه في أكتوبر فإن ذلك يعني أنها ماضية في الملء دون اتفاق، حال لو لم يتم التوصل له خلال الشهرين القادمين.
بينما إن تم التوصل لاتفاق، فسوف يتم اختبار مدى الزام الجانب الإثيوبي بتطبيقه في تشرين الأول/ أكتوبر، على اعتبار أن التخزين الذي تم، سوف يتضح ما إن كان تخزيناً أو ملئاً للخزان، فالحكومة الأثيوبية زفت للشعب الإثيوبي نبأ الملء واحتفلت بذلك، بينما الحقيقة أن ما حدث هو تخزين إجباري مع غزارة الأمطار، وعليه مع انتهاء الموجة في تشرين الأول/ أكتوبر، سوف تتضح الأمور.
حلول خشنة
لكنّ مسؤولاً مصرياً سابقاً -رفض الإفصاح عن اسمه- قال نصاً لـ "نورث برس"، إن "القاهرة ليست بلد ميّت أو ضعيف، وأن سيناريو الحلول الخشن" والتي ليست شرطاً أن تكون ممثلة في تدخل مباشر أو صراع مباشر، لا يمكن إلغائها تماماً أو استبعادها، فهي حاضرة إن استمر الطرف الآخر (في إشارة لأثيوبيا) في المناورة".
وأضاف المسؤول السابق، "الفترة الحالية هي مرحلة تفاوض، وهي الفرصة الأخيرة لجميع الأطراف، والتصريحات المصرية والإثيوبية والسودانية في تلك الفترة تتجنب التصعيد من أجل دعم المحافظة على المسار الهادئ في المفاوضات ومن أجل إنجاحها وعدم إثارة توترات، لاسيما أنه من المتوقع أن تطول فترة التفاوض تلك.. وبالتالي من مصلحة جميع الأطراف التهدئة، مع عدم استبعاد أي سيناريو قادم قد يُفرض بعد الوصول إلى طريق مسدود، وهو ما لا يريده أي من الأطراف".