"سلافا".. موهبة في كوباني تحاول التعبير عن معاناة سكان مدينتها بالغناء والرسم
كوباني – فتاح عيسى- نورث برس
في مرسم صغير في أحد أحياء مدينة كوباني، شمالي سوريا، تنهمك الشابة سلافا بوزو (18عاماً) برسم لوحتها بألوان الباستيل حول معاناة سكان مدينتها جراء المجزرة التي ارتكبها تنظيم "الدولة الإسلامية"(داعش) في حزيران/ يونيو من العام 2015، لتضيفها إلى مجموعة لوحاتها المعلقة على جدار في المرسم أو في منزلها.
تتابع "سلافا" دروسها مع مجموعة من الشابات في المرسم لتطوير موهبتها، بالإضافة إلى التدرب على الغناء، فهي إلى جانب موهبة الرسم تمتلك صوتاً ساعدها على التميز بين قريناتها.
كما تتابع الشابة تعليمها في الثالث الثانوي العلمي في أحد المراكز التي افتتحتها هيئة التربية في "إقليم الفرات" في مدينة كوباني، مؤخراً، لتعويض الطلاب عمّا فاتهم من دروس أثناء فرض حظر التجول للوقاية من كورونا، حيث تتلقى دروساً مكثفة تحضيراً للامتحانات.
" ضيق الوقت"
الدروس المكثفة لمدة شهرين والتحضير للمذاكرات والامتحانات النهائية، أجبرتها على تخفيض أيام تدريبها على الرسم إلى مرتين في الأسبوع، وذلك بخلاف الصيف الماضي إذ كانت تتدرب بشكل يومي.
تقول سلافا: "بعد انتهاء الامتحانات، سأتدرب على الرسم بشكل يومي في المرسم كما في الصيف الماضي".
ومن المقرر الانتهاء من العام الدراسي لطلاب الثالث الثانوي في كوباني وريفها في الـ /13/ من شهر آب/ أغسطس القادم، حيث سيتم إجراء تقييم شفهي للطلاب وامتحانات كتابية للمتقدمين، بحسب هيئة التربية في إقليم الفرات.
لكن الرغم من ضيق الوقت وكثافة الدروس، لم تنقطع "سلافا" عن دروسها في الرسم لدى فنان تشكيلي من كوباني، إلى جانب ذهابها إلى مركز الهلال الذهبي في المدينة لتعليم الأطفال على الغناء بهدف استمرار تدريب صوتها من جهة والحصول على مردود مادي يساعدها في متابعة تطوير موهبتها في الرسم من جهة أخرى، إذ تحتاج بشكل دائم إلى شراء الألوان وأدوات الرسم.
تقول "سلافا" إنها رسمت حتى الآن نحو /20/ لوحة، تناولت فيها عدة مواضيع أبرزها مجزرة كوباني.
وشاركت بلوحاتها في معرض جماعي بمتحف كوباني في العام 2018، وفي معرض نظمه الفنان محمد شاهين في العام 2019 في شارع "التلل" بكوباني بمشاركة طلاب المرسم، إلى جانب مشاركتها أيضاً في مهرجانات ثقافية وفنية في مدينتي القامشلي والرقة.
تقول "سلافا" إنها لاحظت مرونة يديها في الرسم قبل عامين، "فتحدثت مع الفنان محمد شاهين الذي أخبرني بوجود مرسم له لمتابعة المواهب، جئت إلى المرسم مباشرة حيث تعلمت إلى جانب فتيات أخريات في البداية الرسم بقلم الرصاص وبعدها بالفحم ومن ثم بدأت الرسم بالألوان بشكل تدريجي وعلى مراحل".
بعد عامين من ممارسة الرسم تبدو لوحاتها جيدة وموهبتها ظاهرة للعيان، بحسب الفنان محمد شاهين، "ولكن سلافا تعاني من ضيق الوقت وخاصة أنها تتابع تعليمها في صف البكالوريا العلمي".
تعليم الأطفال
وتعمل "سلافا"، منذ عامين، على تدريب وتعليم الأطفال على الغناء في مركز "الهلال الذهبي" بالمدينة، وهي تشرف على أربع مجموعات لتعليم الأطفال على الرسم والغناء.
ويُقسّم الأطفال الذين تدربهم "سلافا" إلى مجموعتين الأولى لأطفال صغار تتراوح أعمارهم بين ستة أعوام وثمانية أعوام، تقوم بتعليمهم أغاني الأطفال، بينما تضم المجموعة الأخرى أطفالاً تتراوح أعمارهم بين/15/ و/18/ عاماً، حيث تقوم بتعليمهم الأغاني الفلكلورية بمعدل أربع دروس اسبوعياً.
وفي مركز "الهلال الذهبي" تستفيد من الراتب المخصص لها في الاعتماد على نفسها لتأمين مصروف تعليمها من جهة وتأمين تكاليف أدوات الرسم والألوان لتطوير موهبتها الأخرى.
ولا يخلو أي احتفال أو مهرجان من مشاركة "سلافا"، فهي تشارك بالغناء بمفردها أو مع فرقتها الموسيقية وباسم حركة الهلال الذهبي في غالبية الاحتفالات والمهرجانات التي تنظمها الإدارة الذاتية أو مؤسسات ثقافية أخرى في كوباني ومنبج وصرين والقامشلي.
تتذكر "سلافا" أول مرة وقفت فيها على مسرح أمام جمهور من مدينتها كوباني في العام 2013 وهي في الـ/11/ من عمرها، "شاركت حينها باحتفال في مركز الثقافة والفن مع خمس فتيات من مدرستي باسم فرقة (فلك)، كنا صغاراً وشعرت بالسعادة في أول مرة خرجت فيها على المسرح وغنيت بلغتي رغم بعض المخاوف التي انتابتني من الغناء أمام جمهور كبير".
وشاركت الشابة، الخميس الماضي، في الأمسية الفلكلورية التي نظمتها هيئة الثقافة في مدينة كوباني بالغناء والعزف، لتضيف على الأمسية رونق الأغنية الفلكلورية الكردية.
"طموح دراسي مختلف"
وحول شغفها وتجربتها في الغناء منذ الطفولة، تقول "سلافا" إن عائلتها كانت سنداً لها باستمرار، "ففي مجتمع كان يعتبر غناء الفتيات أو قيامهن بالرسم أمراً معيباً، جاء دعم عائلتي ليشكل دافعاً لتطوير موهبتي ومتابعة تعليمي".
تطمح سلافا بوزو، حالياً، لمتابعة تعليمها إلى جانب تطوير موهبتيها في الرسم والغناء، "هناك تأثير إيجابي لموهبة الغناء على الرسم وبالعكس، أشعر أنني إذا تركت ممارسة إحدى الهوايتين ستتأثر الأخرى سلباً، فالفن جميل بكل فروعه وأقسامه".
وترغب سلافا بدراسة قسم المخبر الطبي بجامعة كوباني، "أريد ممارسة هواياتي خارج إطار التعليم الجامعي، رغبتي هي دراسة شيء مختلف عن هواياتي، وحتى لو وجد معهد للرسم أو كلية للفنون فرغبتي هي دراسة اختصاص آخر وممارسة هواياتي إلى جانب دراستي".