إدلب – رزان السيد – نورث برس
يجلس أسامة الصباغ، وهو خريج قسم معلم صف بكلية التربية، متحسراً وهو يرى أحد معارفه الذي لا يملك أيّ شهادة، وقد تمّ توظيفه مؤخراً في إحدى منظمات المجتمع المدني في إدلب، شمال غربي سوريا، بينما يبقى هو يعمل في مجال "الباطون" المرهق والشاق لتأمين قوت يومه.
وتزداد ظاهرة التوظيف عبر المحسوبيات في مؤسسات المعارضة السورية في الشمال السوري الذي تسيطر عليه فصائل المعارضة المسلّحة، ويترافق ذلك مع ازدياد الطلب على فرص العمل بعد أن تضاعفت أعداد العاطلين عن العمل، ولا سيما من أصحاب الكفاءات.
وقال "الصباغ" إنه لم يوفر باباً من أبواب المنظمات ودوائر التوظيف للبحث عن وظيفة عمل إلا وطرقه بعد أن ترك وظيفته لدى الحكومة السورية لصعوبة الذهاب إلى مناطق سيطرتها وإمكانية تعرضه للاعتقال على الحواجز العسكرية.
وأضاف: "ذهابي لمناطق الحكومة السورية لاستلام راتبي مجازفة، لأن المرء لا يعرف متى يتم اعتقاله على تلك الحواجز، لقد اعتقلوا زميلي في الفترة الماضية، وهو ما دفعني لترك الوظيفة".
وقالت سمية العرفات، وهي خريجة صيدلة لم تحظَ بوظيفة رغم دراستها الطويلة، إن "أكثر موظفي المنظمات هم من أقرباء مديريها ومعارفهم، ومن بينهم أشخاص لا يجيدون القراءة أو الكتابة".
وأضافت: "معظم المنظمات في الشمال السوري تضم في مكاتبها أكثر من ٥٠% من موظفين لا يملكون أدنى شهادة علمية أو كفاءات تؤهلهم للعمل الموكل لهم، فقد سلكت المنظمات والهيئات نهج الحكومة السورية في الفساد الإداري والوظيفي عبر الرشوة والواسطة".
ولم يسلم الوسط الطبي من ظاهرة "التوظيف عبر الواسطة" التي انتشرت شمال غربي سوريا، وبدأت تسلم وظائف الممرضين والمخبريين والمختصين الآخرين حسب درجة القرابة والواسطة مع المديرين والمسؤولين.
وقال مهند الغالب (٢٥عاماً)، وهو خريج معهد تمريض، لـ "نورث برس": "بحثت في مشافٍ كثيرة عن فرصة عمل دون جدوى، والردود اقتصرت على عدم وجود شاغر، رغم أنّ معظم الممرضين في المشافي تعلموا من دورات التمريض التي لا تتعدى مدتها شهراً أو أشهراً قليلة.
وحذّر "الغالب" من خطورة تسليم الوظائف وفق المحسوبيات في مجال العمل الطبي تحديداً، لأن ذلك قد يتسبب بضرر للمصابين والمرضى.
وتتناول الدورات التمريضية العمل الطبي والإسعافي الأولي، وعلى أساسها يبدأ المتدرب بالعمل في إحدى المشافي الميدانية أو الاختصاصية، وفق موظفين في تلك المشافي.
وقال الدكتور وائل الأحمد، وهو طبيب في إحدى المشافي في منطقة إدلب، لـ "نورث برس"، إن الواسطات استشرت في الهيئات الطبية في الشمال السوري والمؤسسات التابعة لها، "رغم حساسية هذا القطاع وحاجته لكفاءات، وخاصة في ظل ما تعيشه البلاد من حرب ودمار".
وأضاف أن "الكثير من المنظمات التي لها نشاط داخل سوريا، تعتمد المحسوبيات في تعيين الكثير من أفراد طاقمها بسبب عامل القرابة للإداريين العاملين فيها".
من جانبه، قال المهندس جواد العزو (٤٤عاماً)، لـ "نورث برس"، إنّ المحسوبيات التي أنهكت الشعب السوري طيلة أربعين عاماً كانت تنسب للحكومة السورية، "وها نحن اليوم قد تخلصنا من النظام في مناطقنا، فلماذا لا نزال نعاني من هذه التصرفات".
وأضاف أن "حالة الفوضى القائمة تعطي المجال للمتسلقين والانتهازيين لمتابعة فسادهم".