أجرة التكسي في السويداء.. موظفون يدفعون نصف رواتبهم للوصول إلى مكان عملهم
السويداء – نورث برس
يضطر موظفون لدى دوائر الحكومة السورية في السويداء، جنوبي سوريا، إلى دفع نصف أو ثلاثة أرباع رواتبهم التي انهارت قيمتها مؤخراً كأجرة للمواصلات بهدف الاستمرار في وظائفهم التي قد تتطلب منهم التنقل بين أحياء غير مخدمة بوسائط النقل العام ودوائر في مناطق بعيدة عن أماكن سكنهم.
وقال طلال الزعر (٤٥ عاماً)، وهو موظف حكومي في السويداء، إنه يدفع ما يعادل نصف راتبه الشهري أجرة تكاسي للوصول صباحاً من منزله إلى مكان عمله، ورغم أنه يعود غالباً في نهاية الدوام إلى منزله سيراً على الأقدام لكي يوفّر قليلاً من أجور المواصلات التي تشهد غلاءً ملحوظاً خلال الفترة الأخيرة.
ويقع منزل"الزعر" في حي "المساكن الخضر" في الضاحية الغربية في مدينة السويداء، وهي منطقة غير مخدمة بآليات النقل العامة (السرافيس)، لذا يتابع الذهاب إلى عمله في دائرة الخدمات الفنية الواقعة أقصى شرقي المدينة بواسطة تكاسي أجرة، حسب قوله.
وتبلغ تعرفة آليات النقل العامة (السرافيس) في السويداء /100/ ليرة سورية للراكب الواحد، بينما تبلغ توصيلة سيارة الأجرة "التكسي" وسطياً /750/ ليرة لكل توصيلة وترتفع الأجرة حسب بعد المسافة.
وأضاف "الزعر"، لـ "نورث برس"، إنه كان متعاقداً مع صاحب تكسي عمومي لينقله كل صباح إلى مكان عمله مقابل أجرة قدرها /500/ ليرة كل مرة قبل أن ترتفع الأجرة لتعادل نصف راتبه الشهري، "ولا يمكن أن نتحمل هذا الوضع".
ولا يبدو الأمر مختلفاً بالنسبة لـ هيام البريكي (40 عاماً)، وهي موظفة من سكان مدينة شهبا شمال السويداء تنتقل ذهاباً وإياباً من منزلها في ضاحية شهبا الشرقية إلى مكان وظيفتها في إحدى المنشآت الصناعية غرب المدينة بواسطة تكاسي أجرة.
وقالت "البريكي"، لـ "نورث برس"، إنها كانت تدفع سابقاً /400/ ليرة كأجرة تكسي للوصول إلى مكان عملها، "أما الآن فقد ارتفعت التعرفة إلى /600/ ليرة".
وأضافت: "أفضّل أن أبقى في منزلي بين أطفالي، من أن أدفع ثلاثة أرباع راتبي كأجرة مواصلات".
ويبلغ متوسط الرواتب في مناطق الحكومة السورية نحو /50/ ألف ليرة سورية (ما يعادل /22/ دولاراً أمريكياً)، وسط تدهور الأوضاع المعيشية جراء انهيار قيمة الليرة السورية أمام العملات الأجنبية وتطبيق قانون عقوبات قيصر ضد الحكومة السورية وداعميها.
وقال ممدوح المغربي، وهو رئيس نقابة الحرفيين في السويداء، لـ "نورث برس"، إن الوضع يتطلب "ضوابط حازمة" من الحكومة، وخاصة في اجتماع مجلس محافظة السويداء في دورته القادمة.
ونسب "المغربي" المشكلة إلى تلاعب أصحاب التكاسي بالعدادات، "ومنهم من قام بإزالتها".
وأضاف: "ذلك رغم أننا نشترط على كل سائق يرغب الانتساب للنقابة، تركيب عداد رقمي على سيارته لضبط التسعيرة".
من جانبه، قال تيسير نصر (35 عاماً) وهو صاحب تكسي من السويداء يعمل في هذه الحرفة منذ خمس سنوات، إنه يعتمد على سيارته كمصدر رزق وحيد تعتاش منه أسرته، وإنه مجبر على رفع التسعيرة لأن "الغلاء لا يرحم أحداً".
وفي الوقت الذي تقول مديرية النقل في االسويداء إنه ما من مبرر لزيادة التعرفة لأنه لم يحدث أي تغيير في سعر البنزين، يشير سائقون وأصحاب سيارات أجرة إلى أن أسعار قطع الغيار باتت مرتفعة جداً لتعادل أربعة أو خمسة أضعاف القيمة التي كانت عليه منذ عام، "فالتسعيرة القديمة لم تعد تتناسب مع الغلاء".
بدوره، حذّر نائب مدير النقل في محافظة السويداء، أسامة بشنق، أصحاب التكاسي ممن رفعوا أجرتهم بخلاف اللوائح المسعرة من قبل مديرية النقل الحكومية، "سيتعرضون لمسائلة قانونية قد تصل إلى وقفهم عن العمل".
وأضاف لـ "نورث برس": "سنتعامل مع كل الشكاوي التي تردنا من المواطنين حول زيادة التعرفة وسننظم الضبوط اللازمة بالتعاون مع فرع المرور في السويداء".