انتشار "اللشمانيا" في مخيمات شمال غربي سوريا والطرق الشعبية بديل النازحين لمعالجتها
إدلب – نورث برس
لا ترغب ربا الأحمد (١١عاماً)، التي تقيم مع عائلتها في مخيم للنازحين على الحدود السورية التركية، بالخروج من خيمتها بعد ظهور ندبات على وجهها بسبب إصابتها باللشمانيا.
وتعاني الطفلة من "حالة نفسية سيئة" تمنعها من الاحتكاك بالآخرين في المخيم الذي لجأت إليه بعد اشتداد المعارك مطلع هذا العام في ريف إدلب شمال غربي سوريا.
وتعتبر إصابة "ربا" واحدة من مئات الإصابات باللشمانيا المنتشرة في مخيم بلدة "كللي" والمخيمات الأخرى شمال إدلب التي تعاني أصلاً من نقص الخدمات والرعاية الصحية.
ويعتبر أطفال النازحين الفئة الأكثر عرضةً للإصابة بالمرض الذي يعرف محلياً باسم "حبة السنة"، وبدأ ينتشر بكثرة في مخيمات كفرلوسين وعقربات ودير حسان وآطمة والقاح على الحدود السورية ـ التركية.
وتشكل هذه المخيمات، التي يقيم فيها ما يقارب المليون نازح، "بيئة ملائمة" لانتشار اللشمانيا، إلى جانب ازدياد المخاوف من تفشي فيروس كورونا المستجد بالتزامن مع ارتفاع سريع في عدد الإصابات في سوريا خلال الفترة الأخيرة، بحسب تصريحات الصحة السورية.
وتقول والدة "ربا"، مفضلةً عدم كشف اسمها، إن إصابة ابنتها تتمدد وتزداد سوءاً مسببةً لها مشاكل جسدية ونفسية بسبب الألم والحكة الناتجين عن انتشار المرض على وجهها ويديها.
"حاولنا كثيراً أن نحصل على علاج من خارج المخيم، ولكن لم نجدِ نفعاً".
وقال مروان الحميدو (36 عاماً)، وهو طبيب من سكان إدلب، لـ "نورث برس"، إنه "تم رصد /150/ إصابة في مخيم بلدة كللي الذي يبلغ العدد الإجمالي لقاطنيه /1200/ نازح، ما يؤكد إصابة /12.5/ بالمئة من إجمالي عدد سكان المخيم بالمرض ولكن لا توجد إحصائيات دقيقة للمخيمات الأخرى.
ويرجع "الحميدو"، أسباب تفشي المرض في المخيمات إلى تجمعات القمامة وعدم ترحيلها وكذلك مجاري الصرف المكشوفة وغياب المبيدات الحشرية اللازمة وعدم وجود مراكز مختصة باللشمانيا في تلك المخيمات.
وتؤدي الإصابة باللشمانيا إلى ظهور جروحٍ متقرحة يصل قطر الواحد منها إلى بضعة سنتمترات وتدوم لأشهر طويلة، وتنتقل عن طريق "ذبابة الرمل".
وقدرت منظمة الصحة العالمية، في تقريرٍ نشرته في الثاني من آذار/ مارس الماضي، ظهور ما يقدر بـ /700/ ألف إلى مليون حالة إصابة جديدة بمرض اللشمانيا حول العالم سنوياً.
ويضطر بعض النازحين إلى اللجوء لطرق علاج شعبية وتقليدية متعارفة عليها بين المعمرين، حيث يحاول الخمسيني "أبو رائد" معالجة مرضى اللشمانيا باستخدام مواد طبيعية، وذلك بسبب عدم توفر مراكز علاجية متخصصة باللشمانيا في المخيم.
ورغم أن هذا النوع من العلاجات، لا يعرف مدى فاعليته وتأثيره من الناحية الطبية، لكنه يبقى "الأمل الوحيد" لضحايا مرض اللشمانيا في ظل تدني مستوى المنظومة الصحية داخل المخيمات.
وتعتمد طريقة "أبو رائد" وآخرين في العلاج التقليدي على دهن مكان الإصابة بعصارة الثوم ووضع قطع من الثلج والملح الصخري المذاب في الماء، وهي طرق بعيدة عن الأدوية المعتمدة لعلاج الإصابات.
وقال أحمد شيخو، وهو إعلامي يعمل مع "الدفاع المدني" في إدلب، لـ "نورث برس"، إن طواقم مختصة تقوم بمعالجة مرضى اللشمانيا من خلال بعض المراكز المنتشرة شمال مدينة إدلب والفرق الجوالة التي تقدم الإبر والأدوية اللازمة في المخيمات".
لكنه أضاف أن جهودهم "محدودة جداً" قياساً بالكثافة السكانية داخل المخيمات وتضاعف عدد الإصابات.
وأشار إلى أنهم يقومون ضمن إمكاناتهم بتفعيل شبكة صرف صحي في المخيمات والعمل على ترحيل النفايات وتفريغ مكبات الصرف كي لا تكون مرتعاً للحشرات والأمراض المتنقلة.