أطعمة فاسدة تتسبب بحالات تسمم غذائي في إدلب وسط غياب الرقابة
إدلب – نورث برس
أصيبت علا جنيد (١٢عاماً) من سكان إدلب شمال غربي سوريا، قبل أيام، بتسمم غذائي وأجريت لها عملية غسيل المعدة بعد إسعافها إلى أحد المشافي القريبة ليتبين أنها تناولت وجبة من اللحوم المعلبة منتهية الصلاحية.
ويرى سكان في إدلب أن الرقابة التموينية على المطاعم والمحال التجارية "غائبة تماماً" في ظل إدارة "حكومة الإنقاذ"، الواجهة المدنية لـ "هيئة تحرير الشام" (جبهة النصرة سابقاً)، التي تسيطر على معظم محافظة إدلب شمالي البلاد.
" لم نتوقع أنها فاسدة"
وقال والد "علا" لـ "نورث برس"، مفضلاً عدم كشف هويته: "شعرت علا بدوار وبدأت تتقيأ ورافق ذلك ارتفاع حرارتها (..) حينها أيقنت أنها متسممة فقمت بإسعافها فوراً ولحسن الحظ لم يتناول أحدٌ آخر من أطفالي من ذلك الطعام".
وأضاف أنه اشترى اللحوم المعلبة من إحدى المتاجر ولم يكن يتوقع أنها قد تكون فاسدة، "لأن من واجب الجهات المسيطرة على المنطقة أن تقوم بمراقبة الأسواق وتمنع ما يحدث من تلاعب بصحة الناس".
وازدادت، مؤخراً، حالات التسمم الغذائي بين السكان نتيجة تناول أغذية فاسدة من المطاعم أو من خلال وجبات توزعها جمعيات خيرية، ناهيك عن مواد غذائية منتهية الصلاحية تباع في الأسواق المحلية.
وتشبه قصة الطفلة "علا" إلى حدٍّ كبير ما جرى مع عمر القدور (25 عاماً) والذي تناول وجبة "لحم مشوي" من إحدى مطاعم الريف بإدلب، ليشعر عقب ذلك "بألمٍ شديد وتقلصات بطنية تصاحبها حالة تقيؤ".
ولدى مراجعته الطبيب تبين أنه تسمّم جراء الوجبة التي تناولها، حيث يقول ممتعضاً: " من هو المسؤول عما يحدث؟.. كأن السوريين لم يكن ينقصهم القصف والموت بكل الوسائل، ليقعوا أيضاً فريسةً للأغذية الفاسدة".
"لا مراقبة"
ويقول سكان وباعة في إدلب إن حالات التسمم هذه تحدث بسبب عدم وجود إشراف على تخزين المواد الغذائية وتداولها بين الأسواق وغياب محاسبة المخالفين لشروط الصحة والسلامة العامة.
ومن جانبه يقرّ أحمد الأحمد، وهو مسؤول في المجلس المحلي في منطقة أريحا جنوب إدلب، بعدم وجود لجان لمراقبة الأسواق وضبط المخالفات، ويعزو السبب إلى عدم امتلاك المجالس المحلية أي صلاحيات تنفيذية تخولها لردع المخالفات والحد منها.
ويحمّل المسؤولية في ذلك لكل من "حكومة الإنقاذ" والحكومة المؤقتة"، لأنهما لم تتمكنا حتى الآن من وضع خطط أو آليات للعمل على مراقبة وضبط الأسواق.
وبحسب أطباء، قد تتسبب هذه المواد الفاسدة بأمراضٍ "قاتلة" في بعض الأحيان إذا ما تجاوزت أعراضها الحالات المعتادة كالغثيان والتقيؤ والدوار.
وقال فريد المنصور، وهو طبيب من إدلب، إن التسمم الغذائي يمكن أن يصيب الجهاز العصبي لدى الانسان بأضرارٍ كبيرة ما قد يتسبب بحالات الشلل والوفاة".
ويذكر لـ "نورث برس" أن التسمم الغذائي يعتبر من أهم أسباب التهاب الكبد الفيروسي، الذي يترافق مع أعراض التقيؤ والإسهال وارتفاع الحرارة وتشوش الرؤية والتعرق والتشنجات والصداع وغيرها من الأعراض الأخرى".
"خداع باحترافية"
وعلى الرغم من تحذيرات أطباء في إدلب بعد ظهور عدة حالات تسمم في المنطقة، إلّا أن انتشار تلك المواد والأغذية الفاسدة لم يتوقف، لكن تجاراً محليين نفوا مسؤوليتهم عن هذه الحالات.
وقال حسام القلعجي، وهو تاجر مواد غذائية من إدلب، إن تواجد المواد الفاسدة خارجٌ عن سيطرتهم، معللاً ذلك بانقطاع الكهرباء بشكلٍ متواصل وسوء التخزين، وكذلك تأخّر وصول المواد من المصدر الأساسي نتيجة الظروف الأمنية، وفق قوله.
ويرى سكان اشتروا بضائع مؤخراً أن تواجد المواد الفاسدة في الأسواق ليس محض إهمال وصدفة، بل إن هناك "أيادي تعمل باحترافية لخداع الناس" حيث يعمد بعض الباعة إلى تلوين غلاصم الأسماك لتبدو طازجة والبعض الآخر إلى إضافة منكهات وتوابل للحوم الفاسدة.
وتقول سلمى الحلبي، وهي خبيرة غذائية، تعليقاً حول هذا الموضوع أن بعض التجار يلجؤون إلى تغيير تاريخ مدة انتهاء المواد الغذائية بغية الحصول على أرباح أكبر وإبعاد الشك عن بضائعهم.
وتضيف لـ "نورث برس"، أن أغلب المأكولات المعلبة والمجمدة تدخل البلاد من مصادر مجهولة وعادةً ما تكون رديئة أو منتهية الصلاحية، "يتاجر بها من هب ودب ليكون المستهلك في النهاية ضحية للغش وغياب الرقابة".
وتنصح الخبيرة الغذائية بالابتعاد عن تناول المعلبات والتوجه إلى ما هو طازج وذو مصدر معروف، في إشارة منها إلى أن السكان وحدهم مسؤولون عن الاهتمام بصحتهم ومراقبة غذائهم في ظل ما تعيشه البلاد من أوضاع تصفها بـ "غير الطبيعية".