تسعير البضائع في القامشلي.. عودة الحديث عن استغلال الباعة لأسعار الصرف غير المستقرة
القامشلي – عبدالحليم سليمان – نورث برس
يقود قاسم العلي (55 عاماً) دراجته الهوائية في قيظ النهار، متوجهاً من الأحياء الغربية لمدينة القامشلي، شمالي سوريا، إلى السوق وسط المدينة لاقتناء المواد الرئيسة والضرورية لعائلته، ويقول إن أسعار المواد الغذائية تبقى مرتفعة في المحال رغم انخفاض سعر صرف الدولار.
ولا ينفك السكان يتأقلمون مع تأثير انهيار قيمة الليرة السورية على حياتهم اليومية، حتى تعود الأسعار للارتفاع مع ارتفاع سعر صرف الدولار ولا تنخفض مع انخفاضه.
وكانت الليرة السورية قد استعادت جزءاً من قيمتها وسجلت بمقدار خلال الأسبوعين الماضيين سعر / 1750/ مقابل الدولار الأمريكي الواحد، لتعاود انهيارها هذه الأيام بأسعار غير مستقرة.
تسعيرات لا تهدأ
وقال "العلي" إنه لم يشهد أي انخفاض في أسعار مواد رئيسة كالأرز والزيت والسكر وغيرها، بل حتى بعض أصناف الخضار ذات الانتاج المحلي بدأت بالارتفاع.
وأضاف أنه لا يستطيع وسط هذا الغلاء شراء ما يحتاجه لفترة دفعة واحدة كما كان يفعل في السابق، بل يكتفي بشراء احتياجات عائلته الضرورية.
من جهتها تقول الإدارة العامة للتموين وحماية المستهلك في "إقليم الجزيرة" إنها تصدر قائمة يومية بأسعار المواد التموينية والغذائية معتمدة على سعر صرف الدولار مقابل الليرة السورية لدى اتحاد الصرافين، وتتضمن القائمة أسعار بيع المواد بالجملة وبالمفرق بعد إضافة نسبة الربح للباعة.
ورغم قيام بعض فرق مراقبة الأسعار بالتجوال في أسواق المدينة، لاسيما مع اقتراب عيد الأضحى، إلا أن الزبائن يشتكون من أسعار متباينة وأخرى متذبذبة.
وفي سوق حطين بالقامشلي حيث تتوزع محال متنوعة للبضائع والمواد الغذائية، يقال ولات أحمد (35عاماً) إن بعض الباعة حددوا الأسعار حينما وصل سعر صرف الدولار إلى حوالي /3000/ ليرة سورية ثم أبقوها كما هي.
وأضاف أن بعض المواد التي شهدت انخفاضاً في أسعارها سابقاً، ترتفع حالياً عدة مرات في اليوم الواحد، "فعبوة زيت الطعام كانت صباحاً بـ/7000/ ليرة ثم زاد عليها /500/ ليرة وفي الواحدة ظهراً أصبحت بـ/8000/ ليرة سورية"، وفق قوله.
ويرى "أحمد"، بحسب تجربته، أن فئة قليلة من أصحاب المحال، الذين سماهم بـ"ذوي الضمير" يتقيدون بسعر صرف الدولار في بيع موادهم ويخفضون السعر مع انخفاض الصرف لكن النسبة الكبيرة منهم يستغلون التذبذب في أسعار الصرف.
قوائم التموين
وقال سوار العلي، المسؤول في قسم تحديد الأسعار في الإدارة العامة للتموين، إن قائمة الأسعار اليومية التي تتضمن ما يقارب /300/ مادة ومنتج، تتغير وفق سعر صرف الدولار "عندما يرتفع سعر صرف الدولار ترتفع أسعار المواد في القائمة وتنخفض عند انخفاض سعر الدولار".
وتحدد الإدارة العامة للتموين أسعار المواد بناءً على سعر تلك المواد في وكالات المنتجات ومصادرها والمعابر التي تدخل منها المواد إلى مناطق شمال وشرقي سوريا مضيفة إليها نسبة الربح للبائع، بحسب "العلي".
وتعمل فرق الضابطة التموينية على اتخاذ إجراءات بحق المخالفين في الأسعار التي تصدرها الإدارة يومياً، وتتنوع هذه الإجراءات ما بين الإنذار الشفوي والإنذار الخطي والغرامة المالية حتى تصل إلى المساءلة القانونية، بحسب المسؤول في الإدارة العامة في التموين.
ويضيف المسؤول في التموين إن "الباعة والتجار لا يلتزمون بالنشرات التسعيرية الصادرة منهم إلا بعد تعرضهم لعقوبات وإن بعضهم يعود بعدها أيضاً إلى ارتكاب المخالفات" على حد قوله.
حيز للتنافس
من جانبهم، يقول باعة في المدينة إن الحل هو في تسعير المواد وفق سعر صرف الدولار حتى ترتفع وتنخفض مع أسعار الصرف التي غاب عنها الاستقرار مؤخراً.
وقال ماهر سينو، وهو صاحب ماركت في شارع "منير حبيب" في الجهة الغربية من المدينة، إنهم يشترون المواد جملةً بالدولار وإنهم يدخلون تلك الأسعار في نظام البيع الالكتروني، "وعلى ذلك الأساس تصدر الفاتورة بالليرة السورية بعد تحديد سعر صرف الليرة في النظام بحسب سعره في سوق الصرف يومياً".
يضيف البائع، الذي ينحدر من مدينة سري كانيه، أن نظام المحاسبة الالكترونية والذي يدخل فيها المواد بسعر الجملة ويصدر الفاتورة بالليرة السورية يغير في سعر البيع، "فترتفع أسعار المواد مع ارتفاع الدولار و تنخفض مع انخفاضه".
ويشير "سينو" إلى أن إقبال الزبائن ازداد على محله بعد ارتياحهم لنظام المحاسبة الذي حقق لهم شهرة في فترة قصيرة، على حد قوله.