لجان المشتريات في المؤسسات الحكومية بالسويداء ميدان لإطلاق يد الفاسدين
السويداء – نورث برس
يسعى كثير من موظفي الدوائر الحكومية في مدينة السويداء، جنوبي سوريا، لإدراج أسمائهم في لجان المشتريات بدوائرهم لزيادة مدخولهم الشهري بطرق غير مشروعة، ورغم اكتشاف أمرهم مراراً إلّا أن حلقة الرشاوى والمحسوبيات تبقى فعالة رغم كل القوانين والعقوبات.
وقال مسعود (55 عاماً)، وهو اسم مستعار لمحاسب في دائرة حكومية بالسويداء، لـ "نورث برس"، إن لجنة مشتريات جديدة تتشكل في كل عام في الدائرة التي يعمل بها، "ويعتبر ورود اسم أي موظف في لجان المشتريات، عند ضعاف النفوس، بمثابة فرصة لزيادة الدخل بطرق غير مشروعة".
وأضاف: "كنت ممن تم تكليفهم العام الفائت بإحدى تلك اللجان، ولكن لم أحتمل أكثر من شهر حتى حصل خلاف بيني وبين رئيس اللجنة، إثر تعامله المشبوه مع تاجر قطع غيار له محال عديدة في المنطقة الصناعية بالسويداء وتوقيع العقد معه".
ويعود سبب خلاف "مسعود" مع رئيس اللجنة إلى أن "التاجر زوّد لجنة المشتريات حينها بفواتير لقطع غيار لآليات ثقيلة معطّلة في مرآب الدائرة الحكومية، وبأسعار تفوق السعر المعروف والرائج في الأسواق داخل المنطقة الصناعية بمدينة السويداء بنسبة٧٠ ٪"، وفق قوله.
وقال جمال الجبر (50 عاماً)، وهو سائق لإحدى الآليات الثقيلة في مؤسسة حكومية، إنّ المتعارف بين تجار المنطقة الصناعية ولجان المشتريات في معظم الدوائر الحكومية بالسويداء، أن "نسبة عمولة لجنة المشتريات التي تدخل جيوب أعضائها من كل فاتورة شراء تبلغ ٢٠٪ كحد أدنى".
ويشرح "الجبر" آلية زيادة الفاتورة: "إن بلغت قيمة فاتورة لمواد تحتاجها المؤسسة الحكومية نحو مليون ليرة سورية مثلاً، يقوم التاجر بزيادة نسبة ٢٠٪، على الفاتورة بالاتفاق مع اللجنة، لتصبح مليوناً ومئتي ألف ليرة سورية، يأخذ منها التاجر مليون ليرة، والباقي يتم اقتسامه بين رئيس وأعضاء اللجنة بعد أن يتم صرفها من محاسب الدائرة".
وأضاف السائق أنه رافق ذات مرة لجنة مشتريات إلى محل في المنطقة الصناعية بمدينة السويداء لبيع قطع غيار، من أجل شراء محرك لجرافة (تريكس)، وبعد مدّة تفاجأ بالسعر الوارد في الفاتورة لدى محاسب الإدارة، "إذ أنّه كان يزيد عن السعر الذي تم الاتفاق عليه أمامي بنحو /٥٠٠/ ألف ليرة".
من جانبه، قال أبو كمال (٥٥عاماً)، وهو تاجر معدات هندسية في المنطقة الصناعية بالسويداء، إنه حاول أكثر من مرة المشاركة في مناقصات القطاع الحكومي العام، ولكنه لم يحصل على أي واحدة منها.
وأضاف أنه "مهما كان عدد المتقدمين من التجار، سترسو المناقصة في النهاية على من تفضله لجنة المشتريات، وذلك بعد أن يتم الاتفاق وبالخفاء مع ذلك التاجر، لدفع نسب كبيرة لهم في كل مناقصة أو فاتورة مشتريات تحرر من محله التجاري".
وقال واثق محمود، أحد أعضاء لجنة الرقابة والتفتيش المالي سابقاً في محافظة السويداء، لـ "نورث برس"، إن بلاغاً ورد إلى لجنة التفتيش المركزي بالسويداء في العام الفائت /٢٠١٩/، حول تلاعب لجنة مشتريات في دائرة حكومية بفواتير الشراء، وتقاضي رشاوى من تجار السوق لتمرير مناقصات لصالحهم، "وكانت تلك الرشاوى تتعدى 20 مليون ليرة سورية بحسب البلاغ".
وأضاف " بعد التحقيقات تبيّن ضلوع تلك اللجنة في أعمال مضاربة ومزايدة مالية وسرقة المال العام والمرصود لشراء معدات وآلات لإحدى المؤسسات الحكومية".
ولفت "محمود" إلى أنه رغم إحالة المتهمين إلى القضاء المختص لكن لم يتخذ القضاء قرارات مبرمة ونهائية بحقهم حتى الآن، "مع أن الأدلة الورقية والمحاسبية التي اطلعنا عليها تؤكد وبشكل قطعي تورطهم في القضية".