دمشق: عيد باهت في ظل أزمة اقتصادية خانقة

دمشق – أحمد كنعان – نورث برس

 

مر عيد الأضحى هذا العام بمظاهر باهتة للغاية في العاصمة، فالمطاعم والمقاهي خالية إلّا ما ندر، ومدن ملاهي الأطفال شبه مهجورة وخالية من ضجيج الفرح الذي كان يلازمها أيام الأعياد قبل الحرب وقبل تفشي فيروس كورونا، بينما تقتصر حركة الأسواق على شراء السلع الضرورية وبكميات قليلة.

 

وقالت خزامى حسن، وهي موظفة في دائرة حكومية، إن الأوضاع المعيشية السيئة قد تكون محتملة بطريقة أو بأخرى  في الأيام العادية، "ولكنها تصبح شديدة المرارة وخانقة خلال أيام العيد".

 

وأضافت لـ"نورث برس": "لم نستطع أن نقدم لطفلتنا الوحيدة حقها في هذا العيد، الغريب أنها كانت تبتسم لتشعرنا أنّها سعيدة".

 

وتشير "حسن" إلى أنّ راتبها وراتب زوجها لا يكفيان للضروريات، ولا يغطيان كامل الشهر، "فمن أين سنغطي متطلبات العيد  في ظل هستيريا الأسعار التي لم تعد تُحتمل؟"

 

 ويبلغ متوسط الراتب الوظيفي لدى القطاع العام الحكومي حوالي /50/ ألف ليرة سورية.

 

وتقر الأمم المتحدة بأن 33 % من السكان في سوريا يعانون من انعدام الأمن الغذائي، إذ بات /11.7/ مليون سوري بحاجة إلى شكل من أشكال المساعدات الإنسانية المختلفة، كالغذاء والمياه والمأوى والصحة والتعليم.

 

وقال الصحفي منار الزايد، وهو أب لطفلين ويعمل في أكثر من وسيلة إعلامية محلية وعربية، لـ"نورث برس"، إن حي الميدان الذي يقيم فيه كان خالياً من الناس ليلة العيد، وهو الحي المعروف بازدحامه الشديد أيام الأعياد لشراء الحلويات ومستلزمات العيد، "فالميسورون لم يستطيعوا شراء الحلويات، فكيف بالفقراء؟"

 

وأضاف "الزايد" أن السوري يعيش أعياد خالية من البهجة منذ بداية الحرب في سوريا، "إلّا أنّ هذا العيد هو الاسوأ على السكان، فالغلاء الفاحش قتل كل شيء، وأصبح الحرمان شعار أغلب البيوت، حيث يضطر الآباء لتقديم الأعذار والحجج للأطفال للتهرب من تأمين الاحتياجات الخاصة بالعيد. ولعل هذا الإحراج هو الأشد إيلاماً".

 

وكانت منظمة الأمم المتحدة للطفولة "يونيسيف" قد قالت أواخر الشهر الفائت إن حوالي سبعة ملايين طفل إضافي في جميع أنحاء العالم قد يعانون من آثار سوء التغذية الناجمة عن الأزمة الاقتصادية والاجتماعية بعد تفشي وباء كوفيد-19.

 

وأضافت المنظمة، في بيان لها، أن الخدمات الأساسية وقوافل الإمدادات الغذائية قد تعطلت وارتفعت أسعار المواد الغذائية بشكل كبير. ما أدى إلى انخفاض جودة الوجبات الغذائية وارتفاع معدلات سوء التغذية بين الأطفال.

 

لكن الشاب مصطفى ركبي (20 عاماً)، والذي يحضّر نفسه للتقدم للمعهد العالي للفنون المسرحية، قال لـ "نورث برس" إنه لا يعتقد أنّ تفشي كورونا هو سبب اختفاء بهجه العيد، "فالناس لا تكترث له، وإنما الفقر والعوز واختفاء المحبة بين الناس هي الأسباب".

 

وعبّر "ركبي" عن أساه لحال السكان مع العيد في ظل الغلاء بقوله: " لم تعد الخراف تهاب سكين القصابين في عيد الأضحى بقدر ما يهاب السكان سكين الأسعار، فنحن الأضاحي في هذا العيد".

 

وبينما كان الممثل الشاب فادي شاعر يتهيأ لركوب الرحلة الجوية /95/ من دمشق إلى حلب في الساعة والواحدة والنصف من ليل الجمعة، أول أيام العيد، لمعايدة والده الذي يسكن مدينة حلب،  قال لـ "نورث برس" إنه يتحسر الآن على فرحه عندما كان صغيراً بلقاء أعمامه وأخواله ومصافحتهم صباح العيد.

 

وأضاف: "أمّا الآن، فقد أصبحت عماً وخالاً لأطفال مشتتين في أنحاء الأرض، لا أعرف عنهم  شيئاً ولم أقبّلهم مرةً واحدةً مذ ولدوا، ولا أدري هل أنا حزين لهذا السبب، أم على مستقبلي الذي أهدرته الحرب، أم أنني أخشى أن تكون الأيام القادمة أقسى".