روائح نهر بردى تطغى على عبق الياسمين الدمشقي

دمشق – نورث برس

 

تثير الروائح المنبعثة من مجرى نهر بردى داخل مدينة دمشق، استياء سكان الأبنية القريبة والمارة على حدٍّ سواء، بالإضافة للقمامة والأوساخ التي تتراكم في مجرى النهر بكل فروعه التي تمر من أحياء عديدة في دمشق، عاصمة الياسمين.

وينبع نهر بردى من منطقة بردى جنوبي مدينة الزبداني شمال غرب دمشق، ويجري نحو نبع الفيجة عبر وادي بردى، ومن ثم يكمل مسيره نحو مناطق الهامة ودُمَّر والربوة، ومن هناك يتفرع النهر لسبعة أفرع نحو وسط المدينة ومن ثم إلى الغوطة الشرقية التي كان مزارعوها يستخدمون مياه بردى لريّ مزروعات الغوطة.

 

معاناة السكان مع النهر

 

قبل الحرب الدائرة في سوريا، كان أطراف مجرى نهر بردى مكاناً للتنزه والسياحة لسكان مدينة دمشق وزوارها، حيث كانت تنتشر المطاعم والمنشآت السياحية على ضفاف النهر، من عين الفيجة وصولاً إلى الغوطة الشرقية، ولكن الرائحة الكريهة هذه الأيام، حوّلت النهر إلى مصدر إزعاج لا استقطاب.

 

ويقول ياسر الشعار (28 عاماً)، وهو من سكان منطقة الجسر الأبيض بدمشق، لـ"نورث برس": "كان نهر بردى مصدراً للتنزه لسكان مدينة دمشق في فترات الصيف، فقد كانت ضفاف النهر مقصداً للسكان وتغنيهم عن السفر خارج العاصمة".

 

وأوضح أنّ "النهر بات مزعجاً بالنسبة للمارة وسط العاصمة، وبالأخص منطقتا جسر الرئيس وباب توما، واللتان تعدان من أكثر المناطق ازدحاماً في العاصمة، حيث أصبحت أتحاشى المشي بالقرب من مجرى النهر هرباً من الرائحة".

 

وقالت ولاء عساف (45 عاماً)، من سكان منطقة الربوة، لـ"نورث برس" بأنّها تريد بيع منزلها بسعر أرخص مما يستحق، بسبب رائحة النهر الكريهة، وبالأخص أثناء ارتفاع الحرارة في فصل الصيف، حيث تصل حداً لا يطاق، خصوصاً عند هبوب نسمات الهواء.

 

وأضافت "عساف" أن "الرائحة والأوساخ الملقاة في النهر، تدفع الحشرات للتجمّع، وتصيب أطفالي بأمراض جلدية، مثل حبة الليشمانيا. وقد قدمنا شكاوى عديدة للبلدية من أجل إيجاد حل، لكن دون ردٍّ أو جدوى".

 

بردى مصدراً للأمراض الجلدية

 

من جهته، أوضح زياد الجنيدي، أحد أطباء مستوصف الربوة، لـ"نورث برس" بأنه منذ بداية عام 2015، بدأ انتشار الأمراض الجلدية في المناطق التي تجاور مجرى نهر بردى، مثل الربوة و دُمّر وقُدسيا بسبب الرائحة الكريهة التي تنبعث من النهر، إضافة إلى نفايات المطاعم التي تقع على ضفاف النهر.

 

وأشار الجنيدي إلى "أن أبرز الأمراض الجلدية المنتشرة هي حبة الليشمانيا، فقد انتشرت على وجوه الأطفال، وكل عام في فصل الصيف تزداد أعداد الإصابات بنحو 10 إلى20 حالة في منطقة الربوة، دون معالجة جدية لوضع النهر من قبل وزارة البيئة".

 

حلول تسويفية

 

من جهتها، قالت مديرة البيئة في محافظة دمشق، المهندسة وديعة جحا، لـ"نورث برس" بأنّ الرائحة التي تنبعث من النهر هي نتيجة إغلاق بعض الخطوط التي تؤدي للغوطة الشرقية بسواتر رملية، بسبب الظروف الأمنية التي تعرضت لها العاصمة دمشق، وأيضاً رمي النفايات في بعض أفرع نهر بردى.

 

 

وأوضحت بأن وزارة الإدارة المحلية والبيئة قد خصصت مبلغاً مالياً يُقدَّر بأربعة مليارات ليرة سورية لإزالة الأنقاض والنفايات التي تغلق بعض الأفرع التي تتسبب بانبعاث الرائحة الكريهة، وأن تأخر عملية البدء بالمشروع يعود إلى تأخر عملية عزل الصرف الصحي عن النهر، وهو ما يقع على عاتق مجلس محافظة دمشق.

 

أمّا عضو المكتب التنفيذي في محافظة دمشق، شادي سكرية، فقد قال لـ"نورث برس": "إنّ تأخّر عملية إنشاء خط صرف صحي جديد بديل عن الخطوط التي دمّرتها الاشتباكات التي جرت في أطراف العاصمة، هو أحد أسباب تلوث المجرى، لأن انسداد العديد من خطوط الصرف الصحي، دفع البلدية إلى استخدام بعض فروع نهر بردى كمجاري في الوقت الحالي".

 

وأضاف: "رسم خطوط صرف صحي جديدة دون الاستغناء عن الخطوط القديمة،  يحتاج وقتاً، لكي نصل إلى خارطة نسير عليها، وأعتقد أننا سنباشر بالمشروع بداية العام القادم، وحتى ذلك الوقت لا يوجد حل بديل".