محامون من دمشق: ارتفاع نسب الجرائم و إضعاف القانون خطر يهدد المجتمع

دمشق – أحمد كنعان – نورث برس

 

تشهد المناطق الخاضعة لسيطرة الحكومة السورية تصاعداً في ارتكاب الجرائم، حيث وقعت /56/ جريمة خلال شهرين فقط، الأمر الذي يرجعه حقوقيون إلى مجموعة أسباب أهمّها تدهور الأحوال الاقتصادية وسوء المعيشة.

 

وفي مطلع تموز/يوليو الماضي أعلنت وزارة الداخلية التابعة للحكومة السورية، أن شابين ارتكبا جريمة قتل واغتصاب وحرق بحق عائلة بكاملها في بلدة بيت سحم بريف دمشق، وبعدها بأيام كشفت الحكومة أن شاباً قام باغتصاب شقيقته ومن ثم قام بقتلها تحت مسمى "جريمة الشرف" في بلدة الذيابية بريف دمشق.

 

وقالت المحامية دلال محمود لـ "نورث برس": "هناك أسباب معقّدة متداخلة، أدت إلى الانتشار الكبير لارتكاب الجرائم، وأهم هذه الأسباب هو انتفاء الوازع الذاتي، بسبب سقوط القيم الإنسانية النبيلة في أعين الكثيرين، وشعور البعض بإمكانية الإفلات من العقاب.

 

وأضافت "لانتشار المخدرات أيضاً دور كبير، وخصوصاً في جرائم القتل، وفساد المنظومة التعليمية القائمة على التعليم المتخلّف والبدائي".

 

وأكّدت الحقوقية أنّ تردي أوضاع السكان المعيشية له أثر كبير في تفشي الجريمة، " يعتبر الفقر أهم أسباب انتشار الجريمة في المجتمع، فالشخص ذو الدخل المحدود، يواجه العقبات والضغوطات في حياته، ولأنه لا توجد حلول للعقبات من قبل الحكومة، فلا يجد أمامه حلّاً، سوى ارتكاب الجريمة".

 

وبحسب بيانات نشرتها وزارة الداخلية التابعة للحكومة السورية، فقد وقعت خلال شهري حزيران/يونيو وتموز/يوليو الماضيين /56/ جريمة في مناطق سيطرة الحكومة، ما يعادل جريمة واحدة في كلّ يوم، ومن بين تلك الحالات /28 جريمة قتل بدوافع مختلفة، و/5/ جرائم تحت مسمى "جريمة الشرف" بالإضافة إلى جرائم أخرى غير معروفة الأسباب وحالات سرقات واعتداء واغتصاب.

 

وقال المحامي في المحاكم الجزائية بدمشق والباحث في الجريمة الاجتماعية، شادي كلثوم، لـ "نورث برس": إن ارتفاع  نسب الجريمة مؤخراً، ينذر بخطر مدمر يتهدد المجتمع، خصوصاً أنّ هناك جرائم يتعرض لها السكان، دون رادع قانوني أو خوف لدى المجرمين، وأغلب هذه الجرائم تحدث في الطبقة الوسطى من المجتمع وذلك بسبب ضغوطات الحياة وما يمر به الفرد من تجارب قاسية تحوله إلى مجرم في مجتمعه.

 

 ورأى كلثوم أنّ "عدم تطبيق القانون بشكل صحيح، وعدم محاسبة الفاسدين والمقصرين في دوائر الدولة والوزارات، أدى إلى استخفاف البعض بالقانون، فالجريمة تحدث في مفاصل الدولة ذاتها من خلال ما نتابعه من رشوة ومحسوبيات وصفقات مشبوهة سياسية أو اقتصادية".

 

وأضاف "إنّ انخفاض سعر صرف الليرة السورية أمام الدولار، أثّر سلباً على أسعار المواد الغذائية، فأصبح الراتب لا يكفي الشخص لمدة ثلاثة أو أربعة أيام، ويبقى حتى نهاية الشهر بلا مورد، وعندما يجوع أبناؤه، ولا يجد وسيلة لتأمين قوت أطفاله، فإنه سيلجأ للجريمة أو ربما ينضم إلى عصابة منظمة".

 

وتؤكد المحامية دلال محمود لـ "نورث برس" أن العقوبات الموجودة في القانون السوري هي عقوبات رادعة، وتحقق وظيفتي الردع العام الذي ينعكس على المجتمع، والردع الخاص الذي يضع حداً لمرتكب الجريمة.

 

ويرى المحامي شادي كلثوم ذات الشيء، إلّا أنّه يذهب إلى أن "القانون ليس ضعيفاً، ولكن إضعاف القانون هو السبب الأول لهذه البلايا التي تصيب مجتمعنا، وبالتأكيد السياسات المنحرفة هي التي تضعف القانون، لأن هناك ضعفاء نفوس يتلاعبون بالقانون، فيفقد عدالته وشموليته، وبهذه الحالة تكون الجريمة تحصيل حاصل، لأن هناك من لا يخاف القانون".

 

وبحسب موقع "نومبيو"(Numbeo ) العالمي والمختص بإحصائيات كلف المعيشة وتقصي نمط الحياة، تحتل سوريا المركز العاشر عالمياً من حيث ارتكاب الجرائم، وفق إحصائية نصف سنوية نشرها الموقع.

 

وكان رئيس الطبابة الشرعية في سوريا، الدكتور زاهر حجو، قد وصف شهر حزيران/ يونيو الماضي، بـ "الأكثر دموية" من حيث عدد الجرائم، وذلك في لقاء مع إذاعة محلية في 13 تموز/ يوليو الفائت.

 

وقالت المحامية رولا ديوب، التي تعمل لصالح شركة الصباغ للمحاماة بدمشق، لـ "نورث برس": "إنّ الوضع الاقتصادي خانق، وهو سبب ارتكاب عدد من الجرائم، ولكن يجب أن نتذكر أنّ هناك جرائم ترتكب لأسباب أخرى.

 

وأضافت "الحكومة تتحمل جزء من المسؤولية في اتخاذ التدابير للحد من انتشار الجريمة، ولكن الأسرة أيضا على عاتقها مسؤولية التوعية والتربية".