السويداء: طبيب مخبري لا يتقاضى أجراً من المرضى ذوي الدخل المتدني

السويداء – نورث برس

 

بدا المسنّ كمال ضو (70 عاماً)، من سكان السويداء أقصى جنوب سوريا، متفاجئاً حين استلم نتائج تحاليله المخبرية وأخبره الطبيب المشرف على إجراء التحاليل أن "الأجرة واصلة وهناك من دفع عنك".

 

ويقول "ضو"، الذي يسكن مدينة صلخد بمحافظة السويداء، إنه عَلِم لاحقاً من الرجال والنساء المسنين الموجودين في قاعة الانتظار، أن الطبيب يكرر هذه العبارة لكثيرٍ من مراجعيه المرضى ممن يعجزون عن دفع تكاليف تحاليلهم.

 

ويعاني العديد من مرضى السكري والقلب والغدد والالتهابات الدموية في السويداء، من أجور معاينات الأطباء وأجور التحاليل والتصوير في المختبرات الطبية، والتي تضيف تكاليف مالية إضافية أثقلت كاهلهم في ظل الأحوال الاقتصادية والمعيشية المتردية.

 

ويرى بعض السكان أنه رغم أن الحياة لا تخلو من أناسٍ أحسوا بأوجاع غيرهم وأضافوا لمساتهم الإنسانية الخيّرة، إلا أن ذلك لا يُعدُّ حلاً للوضع المعيشي المتدهور في البلاد.

 

ويحتاج "كمال"، الرجل المسنّ، إلى إجراء تحاليلٍ طبية بشكلٍ شهري، كونه يعاني من مرض القلب وارتفاع شديد في نسبة الكوليسترول والشحوم الثلاثية في الدم، لكنه يعجز عن دفع تكاليف العلاج، لذا بات هذا الطبيب مقصداً له ولكثيرين من أمثاله.

 

ويقول لـ"نورث برس": "منذ ذلك الحين، أقطع مسافة /45/ كم في كل مرة لإجراء تحاليلي لدى الطبيب أكرم (..) ونحتاج في هذه الأيام إلى أطباء يتحلّون بهذه الأخلاق الحميدة ويشعرون بأوجاع أهلهم".

 

أما إقبال الغوطاني (64 عاماً)، وهي من سكان مدينة السويداء، فتعاني من مرض السكري والغدة الدرقية، وتحتاج إلى مراقبة نسبة السكر في الدم وذلك من خلال إجراء تحاليل مخبرية حسب إرشادات الطبيب المتابع لحالتها.

 

وتعمل "الغوطاني"، رغم وضعها الصحي، في أحد الأفران الحكومية بعد وفاة زوجها، لتحمل على عاتقها إعالة ثلاثة أطفال، "لم أعد أقوى على تحمّل مشاق الأعباء المالية المرهقة، حيث زادت تكاليف التحاليل الطبية إلى ثلاثة أضعافها مقارنة بالعام الماضي".

 

وتبلغ تكلفة إجراء تحليل لسكر الدم /4000/ ليرة سورية بعد أن كانت سابقاً بـ /1900/ ليرة، أما تكاليف تحاليل هرمون الغدة الدرقية فكانت /2400/ ليرة وأمست الآن /8500/ ليرة، بحسب مرضى يحتاجون لإجرائها بانتظام.

 

وتوجهت "إقبال" إلى مخبر الطبيب أكرم أبو عمر، لدى سماعها بوجود مخبر للتحاليل الطبية في السويداء لا يتقاضى أجوراً من المرضى من ذوي الدخل المحدود، "بل ويساعد أحياناً في دفع ثمن الأدوية للمرضى أيضاً"، على حد قولها.

 

وقال الطبيب أكرم أبو عمر لـ"نورث برس": "لا فضل لي على أحدٍ، أنا أقوم بأقل ما تمليه عليه مهنتي وضميري، كونها مهنة إنسانية بالدرجة الأولى، وهذا ما أضعه نصب عيني في عملي".

 

ومن جانبٍ آخر، يرى الطبيب عمر أبو غزلان، نقيب الأطباء في محافظة السويداء، مبادرات الأطباء لتقديم العون لسكان مناطقهم، "ظاهرة إيجابية، ويعتبر هذا الطبيب قدوة لزملائه الآخرين".

 

وأضاف "أبو غزلان" لـ"نورث برس"، أن على الأطباء كغيرهم ممن يستطيعون تقديم المساعدة، مراعاة "أحوال الناس البائسة" وألا يكلّفوا ذوي الدخل المتدني ما فوق طاقتهم، "يجب أن تكون المرابح معتدلة، كي لا يشبهوا تجار الأزمات ومن يسعون للثراء على حساب أوجاع الناس".