سمر فتاة من دمشق تتغلب على تجربة "مريرة" مع كورونا وتنمر الجوار

دمشق- وحيد العطار- نورث برس

 

لم تكن سمر نعمة (30 عاماً)، المقيمة في حي ركن الدين الدمشقي، تدرك أن "أبواب الجحيم" ستفتح أمامها عندما قررت الإعلان عن إصابتها بفايروس كورونا على حسابها الخاص في موقع التواصل الاجتماعي فيسبوك.

 

ففي الثالث عشر من تموز/يوليو الماضي شعرت "نعمة"، والتي تعمل في سلك الدعم النفسي في إحدى دور رعاية النساء المعنّفات في دمشق، بارتفاع درجة حرارة جسمها ووهن عام رافقتهما آلام في المفاصل وسعال جاف، لتدرك أخيراً أنها في مواجهة فايروس كوفيد19 المستجد.

 

"عندما ارتفعت حرارتي قمتُ بوضع نفسي بالحجر المنزلي تجنباً لنقل العدوى إلى غيري خاصة أن والديّ مسنان ومعرضان للخطر في حال انتقلت العدوى إليهما".

 

وتصاعدت، مؤخراً، أعداد الإصابات بالفايروس في دمشق وسط تصريحات لمسؤولين في وزارة الصحة بامتلاء المشافي بالمصابين وعدم توفر أسرّة ومنافس كافية.

 

وقالت "نعمة" إن معاناتها استمرت لمدة خمسة أيام وكانت على تواصل مع صديقتها "الطبيبة لتلقي الإرشادات الطبية اللازمة للعلاج والحجر"، حتى بدأت الأعراض تزول بشكل تدريجي.

 

في هذه الأثناء قررت نعمة مشاركة تجربتها مع الفايروس على حسابها في موقع التواصل الاجتماعي فيسبوك، "لكن حصل ما لم أكن أتوقعه".

 

 وقالت: "تعرضتُ لحملة عنيفة غير مبررة من السخرية من أصدقائي وأقاربي والجيران وكأنني قمتُ بعمل غير أخلاقي عند إصابتي بالفايروس، حتى وصل الأمر حد قيام أصحاب المحلات المجاورة لنا بالامتناع عن بيع أفراد عائلتي الحاجيات الأساسية".

 

وأضافت: "عدد قليل من أصدقائي اتصلوا بي للاطمئنان على صحتي، في حين لم يرد البعض حتى على رسائلي على مواقع التواصل الاجتماعي".

 

تداعيات إصابة سمر لم تترك آثاراً نفسية "بالغة" عليها فقط وإنما امتدت لتطال أفراد عائلتها، وخاصة شقيقها الصغير حينما نَعَتَه بعض الجيران بـ"أخو المكورنة" باللهجة المحلية وتعني (شقيق المصابة بالفايروس)، ما دفعه لتجنب الخروج من المنزل خشية التعرض لمواقف مماثلة.

 

وقالت الفتاة: "ما حزّ في نفسي وأصابني بالمرارة حين عاد شقيقي إلى المنزل وأجهش بالبكاء لأن الجيران عيّروه بمرضي حيث باتت كلمة "مكورن أو مكورنة" تعني شتيمة بالنسبة للشارع الدمشقي".

 

وفي موقف آخر تعرّضتْ له سمر اعتبرتْه "قاسياً" عندما اتصل بها شقيقها الأكبر المقيم خارج البلاد وطلب منها بحنق حذف منشورها على الفيسبوك.

 

وعلى الرغم مما تعرضت له من "تنمر وذم"، تؤكد سمر أنها "غير نادمة" عن إعلانها إصابتها بالفايروس، "قمت بواجبي بمشاركة تجربتي مع الناس، حتى يعلموا كيف يتعاملوا مع المرض".

 

وبحسب إحصائيات وزارة الصحة، بلغ عدد المصابين بفيروس كوفيد – 19 في سوريا الخميس إلى /944/ حالة، لكن نبوغ العوا وهو أستاذ في كلية الطب البشري في جامعة دمشق كان قد صرّح بأن الأرقام التي تنشرها وزارة الصحة " لا تنقل الواقع"، وفق تعبيره.

 

لاحقاً، وبعد أن تأكدت سمر من أنها تغلّبت على الفايروس بعدما أجريت لها مسحة طبية ظهرت نتيجتها في 31 تموز/يوليو الفائت، فضلت البقاء في المنزل لمدة أسبوع إضافي كإجراء احترازي.

 

 لكنها لم تتوقف عند هذا الحد فحاولت استثمار وجودها في المنزل للتطوع للمساعدة في تأمين الأدوية غير المتوفرة بشكل كافٍ في الصيدليات للمرضى خاصة مرضى القلب والضغط والسكري.

 

واقتصر نشاطها مع عدد من أصدقائها، بينهم أطباء وصيادلة، في تلقي طلبات على أدوية من ذوي مرضى، لتقوم بالتواصل مع رفاقها ونشرها بشكل واسع على مواقع التواصل الاجتماعي لحين تأمين الدواء المطلوب من صيدلية أو طبيب أو من مريض لم يعد بحاجة لصنف الدواء نفسه أو لديه كمية كافية زائدة عن حاجته.

 

وجرت آلية العمل بقيام المتطوعين بنشر حساباتهم وأرقامهم على مواقع التواصل الاجتماعي، والطلب من العائلات التي لديها مرضى ولا تستطيع تأمين الأدوية بسبب الإغلاق أو لظروف مادية، التواصل معهم، ليقوم المتطوعون بعد ذلك بالتواصل مع أصدقائهم من الأطباء والصيادلة، وفي حال عدم تمكنهم من تأمينها يقومون بالنشر في الحسابات والمجموعات على مواقع التواصل الاجتماعي إلى حين تأمين الأدوية المطلوبة، ثم الطلب من ذوي المرضى الذهاب لاستلامها.

 

وقالت سمر نعمة: " الظرف الحالي يتطلب منا الابتعاد عن التفكير بشخصنا والعمل من أجل كل الناس، لأن هذا الظرف هو اختبار أخلاقي وإنساني بالنسبة إلينا، تجربتي مع كورونا كانت قاسية، لكنها علمتني الكثير".